kayhan.ir

رمز الخبر: 127851
تأريخ النشر : 2021March02 - 21:06

ايران ستكسب المنازلة وأميركا ستخسرها


ما كشفه الجنرال ماكينزي رئيس القيادة المركزية الاميركية في برنامج ستون دقيقة لشبكة الـ "سي بي اس" الاميركية عن ضربة قاعدة "عين الاسد" ووصفه الدقيق لمشهد الضربة بالتفاصيل لم يكن اعتباطيا في هذا الظرف الذي تلهث واشنطن للتفاوض مع طهران والاخيرة ترفضه بشكل قاطع قبل ان تعود اميركا الى الاتفاق النووي المصحوب برفع العقوبات كاملة. فالادارة الجديدة برئاسة بايدن التي تتغنى بالكلمات المعسولة لا تختلف عمليا عن ادارة ترامب فهي ماضية في نفس الاتجاه للاستثمار في الضغوط القصوى وفي نفس الوقت توجه الدعوة لايران للتفاوض وهذا ما كان يلح عليه ترامب وبقى مترقبا ان يهاتفه الايرانيون لكنه ترك البيت الابيض والحسرة تقتله جراء ذلك.

واليوم فالمشهد لا يختلف كثيرا فاذا كان بايدن يحلم بعودة المفاوضات الى سابق عهدها قبل ان يلغى العقوبات تماما فانه هو الاخر سيترك البيت الابيض والحسرة تلاحقه لحضور مفاوضات (4+1) التي تدعو اليها اوروبا، لكن اللافت في هذا الامر هو دعوة الطرفين للعودة الى المفاوضات وهي مغالطة كبيرة، لان اميركا هي التي انسحبت من الاتفاق النووي وفرضت عقوبات اضافية قصوى، عليها ان تصحح الموقف وتعود الى رشدها. اما ايران لم تخل بالاتفاق ولم تنسحب منه حتى تعود وكل ما فعلته لاحقا كان متماشيا مع بنود الاتفاق لتصحيح المسار.

فالوصف الدقيق من قبل ماكينزي الذي يعد من اكبر الجنرالات الاميركية وله تجارب كبيرة في الحروب لم يكن اعتباطيا حين يقول " ان هذا القصف لم اراه من قبل فالايرانيون اصابوا

ما ارادوه ولو لا اخلاءنا للقاعدة لكانت خسائرنا بالمئات". ان ما اخفاه ترامب عن هذه الضربة لاكثر من عام عن الشعب الاميركي والراي العام العالمي والذي كشفه ماكينزي في هذه الايام له دلالات كثيرة لان هذا الاعتراف سيكون له تاثير في المعادلات الميدانية وتوازن الردع. فمنهم من فسر الاعتراف بانه رسالة للساكنين الجدد في البيت الابيض ان يطووا ملف الخيار العسكري نهائيا وهناك من قال ان واشنطن ارادت لفت انظار العالم الى الخطر الايراني وكأنها تطلب مساعدة العالم، وفي كلتا الحالتين هو دلالة على ضعف الموقف الاميركي في مواجهة ايران وهذا ما ثبت على ارض الواقع طيلة اكثر من اربعة عقود، ناهيك عن التداعيات الخطيرة لمثل هذه التصريحات على اميركا اقليميا وعالميا.

فبعد التعامل البلطجي والعنجهي للادارات الاميركية المختلفة جمهوريا وديمقراطيا مع ايران ومع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لم يكن امام ايران سوى رسم استراتيجية ثابتة وصلبة تعتمد الندية القوية في مواجهة اميركا خاصة وانها تمتلك اوراقا قوية رادعة تحاصر الولايات المتحدة الاميركية في المنطقة وتقيد تحركاتها العسكرية.

الولايات المتحدة الاميركية وساستها الاغبياء لايزالون يجهلون الواقع الايراني وهم يتخبطون في مواقفهم تجاهها وعلى ما يبدوا ان قراءتهم للمشهد الايراني سطحية لان ما خرج من طهران صوتا واحدا وحازما من وعلى لسان قيادتها الحكيمة الامام الخامنئي "ننتظر الافعال وليس الاقوال" وهي في موقع القوة وتمتلك من اوراق الضغط ما يجعلها الاقوى في هذه المنازلة في وقت نرى الموقف الاميركي مشتتاً تجاه ايران حتى داخل الحزب الديمقراطي ناهيك عن الخلافات بين الجمهوريين والديمقراطيين تجاه هذا الملف.

فالوقت بات يضايق الولايات المتحدة وليس ايران خلاف ما يتصوره الاخرون فايران التي رسمت سياستها وفقا للصبر الاستراتيجي مع الملف النووي، واثقة من نفسها بانها ستكسب المنازلة. لانها في الموقف الاقوى وهي تمتلك من المنطق والشجاعة والجرأة للجم اميركا وايقافها عند حدها.