kayhan.ir

رمز الخبر: 127700
تأريخ النشر : 2021February28 - 19:48

السياسة الأميركية في سوريا: هل يقود بايدن حركة تصحيحية؟


سركيس ابوزيد

تركز التقارير الأميركية وأعمال الباحثين والخبراء في شؤون سوريا والشرق الأوسط، حول الوضع في سوريا منذ تفجر الحرب في العام 2011 حتى الآن، وتثمن السياسة الأميركية والغربية في تأمين المصالح الأميركية في سوريا والعقوبات الاقتصادية وجدواها والخيارات المستقبلية المتاحة أمام الرئيس الأميركي جو بايدن.

في تقييم السياسة الأميركية السابقة اعتبرت معظم التقرير أنها باءت بالفشل. وتوقفت الدراسات عند دور القوى الخارجية، بما في ذلك صراع الولايات المتحدة وروسيا، و"إسرائيل" وإيران، وروسيا وتركيا، وصراع تركيا مع الولايات المتحدة، وهناك اهتمام آخر مهم وهو عبء اللاجئين على البلدان المجاورة، ووضع الجماعات الكردية واستمرار الهجرة الجماعية في تأجيج ردود الفعل.

ويرى أحد التقارير أنه "باستثناء التصدي لتهديد "داعش" في شمال شرق سوريا، يمكن القول إن السياسة الأميركية بشأن سوريا منذ عام 2011 فشلت في تحقيق أي نتائج إيجابية". من هنا، تنبع ضرورة إحداث تحول في تلك السياسة. ويرى أن "السياسة الحالية القائمة على عزل سوريا وفرض العقوبات عليها، نجحت في شل اقتصاد البلاد المدمر جراء الحرب، إلا أنها فشلت في إحداث أي تغيير في سلوك (الحكومة السورية)".

فالجهود التي بُذلت سابقًا في دعم مجموعات المعارضة وتزويدها بالمعدات والسلاح للضغط على الرئيس بشار الاسد وحمله على تغيير مساره أو التنحي ساهمت في زيادة اعتماد سوريا على روسيا وإيران وفق التقرير، كما "باءت بالفشل أيضًا عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التي اقتصرت على إحداث تدهور حاد في العملة السورية، وساهمت في انهيارها"، لكن بحسب التقارير فإن "العقوبات المطبَّقة على سوريا أدت بشكل غير مباشر إلى عواقب إنسانية كبيرة، من خلال تدمير الطبقة الوسطى السورية التي تعد عامل استقرار وتعميق وإطالة بُؤس السوريين العاديّين".

يطرح أحد التقارير ما يراه الخيار الأفضل أمام إدارة بايدن، وهو يتلخص في "بدء عملية دبلوماسية جديدة، تهدف إلى تقديم إطار عمل مفصل لإشراك الحكومة السورية في مجموعة محدودة من الخطوات الملموسة والقابلة للتحقق وإعادة النظر في العقوبات من طرف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي". والهدف من هذا الإطار الجديد هو "وقف دوامة الانحدار في سوريا، وإعادة تنشيط الدبلوماسية من خلال إحراز تقدم في مختلف القضايا، وتقديم نهج مرحلي يمنح الحكومة السورية وداعميها مسارًا جديدًا".

لكن "لن يتم منح هذه التسهيلات إلّا عندما تتحقق أميركا وحلفاؤها الأوروبيون من تنفيذ خطوات ملموسة". ويرى التقرير أن إدارة بايدن بحاجة إلى التعاون مع تركيا وروسيا لحل مشاكل المنطقة ومكافحة تنظيم "داعش"، الا أن "واشنطن فشلت في دفع النظام إلى القبول بإصلاحات دستورية واسعة، ومنح منطقة حكم ذاتي للأكراد شمال شرق البلاد، رغم استخدام القوة العسكرية والضغوط المالية ّضده". وأضاف "تحت إشراف أميركي، تم تحويل المنطقة (شمال شرق سوريا) إلى شبه دولة بجيشها الخاص... لكنها لا تستطيع الدفاع عن نفسها بلا بالموارد الأميركية". ويعتقد واضعو التقرير أن "مصالح الولايات المتحدة لا تقتضي ضمان إدارة مناطق شرق سوريا بيد الأكراد، بل احتواء التهديدات الارهابية هناك"، وأن "تقبّل إدارة بايدن لمصالح تركيا وروسيا في سوريا سيسفر عن نتائج أكثر إيجابية".

يتصاعد الجدل في الولايات المتحدة حول الإستراتيجية التي يجب أن تنتهجها الإدارة الأميركية الجديدة، بقيادة بايدن. وأمام الولايات المتحدة، حسب الأفكار الواردة في تقرير آخر أن جو بايدن، في سوريا هو أمام خيارين: إما الاستمرار في المقاربة الحالية أو اعتماد عملية دبلوماسية جديدة تهدف إلى وضع إطار مفصل للتحاور مع الحكومة السورية بشأن مجموعة محددة من الخطط الفذة، إذ تقدم الولايات المتحدة وأوروبا مقابلها المساعدة وعليه، فإنه "من خلال الإعلان عن سلسلة من الخطوات المتبادلة المتفاوض عليها، يمكن لأوروبا والولايات المتحدة ممارسة نوع آخر من الضغوط على سوريا بغية إطلاق الإصلاحات التي تم رفضها حتى اليوم، ووصول الادارة الاميركية الجديدة يقدم فرصة فريدة لتغيير الوجهة ولاختبار جدوى هذه المقاربة الجديدة".

ويقترح المدافعون عن هذه المقاربة أن تكون الخطة علنية، كي يُعرف من المسؤول عن فشل الحل. لكن مسؤولين غربيين وأميركيين يقولون إن هذه المقاربة جُرّبت وعُقدت اجتماعات غير علنية بين الجانبين الأميركي والروسي في فيينا. كما يحذرون من أن "مقاربة كهذا تعني بدء التطبيع مع دمشق". إحدى مشكلات هذه المقترحات، هي غياب البعد الجيوسياسي عنها، خصوصًا الوجود الإيراني. بالمقابل هناك توقعات روسية حيال سياسة الإدارة الأميركية في سوريا، كشفها السفير الروسي في دمشق (والذي يشغل في نفس الوقت منصب مبعوث بوتين الخاص الى سوريا) ألكسندر يفيموف، ويقول إن واشنطن سوف "تواصل الضغط على الحكومة السورية، وبشكل عام لن تتغير الإستراتيجية الأميركية تجاه سوريا، في عهد الرئيس جو بايدن، من السابق لأوانه الحديث عن خطط الإدارة الأميركية فيما يتعلق بسوريا. لكن من الصعب، من حيث المبدأ، توقع حدوث إعادة نظر بالنهج الأميركي، وعلى الأرجح، سوف يستمر الضغط المباشر على دمشق".

وجاء حديث يفيموف بعد بروز تقارير إعلامية في روسيا أخيرًا، لفتت إلى "تنشيط الولايات المتحدة خططًا في سوريا، لها أهمية خاصة للناحية الإستراتيجية، وتشكل تهديدًا خطيرًا لموسكو ودمشق"، وذلك من خلال إنشاء وتحديث قواعد جوية ومنصات طيران جديدة على نهر الفرات، كما تعتزم الادارة الاميركية زيادة دعم الجماعات المسلحة الكردية".

لذلك، فإن التقديرات أن يكون "الملف السوري" جزءًا من الملفات ذات الاولوية لبايدن وفريقه، كما أن إدارة الملف السوري لم تتشكل إلى الآن فيما تغيب أي بوادر اهتمام لدى الإدارة الأميركية الجديدة به. هل يستمر الرئيس بايدن بنهج سلفه أم سيقود حركة تصحيحية جديدة تجاه السياسات الأميركية في سوريا؟ الانتظار سيد الموقف.