ايران هي من تضع الشروط وليس الاخرين
البيان الاوروبي الصادر موخراً عن الدول الثلاث فرنسا والمانيا وبريطانيا حول الانشطة النووية الايرانية كان يفتقد الى المصداقية والمسؤولية والمهنية حيث حثت طهران بشدة على وقف الانشطة النووية ودون تاخير وكذلك عدم اتخاذ اي خطوات جديدة تتفق مع برنامجها النووي وعدم الامتثال مما تقوض ايران فرصة العودة الى الدبلوماسية لتحقيق الاتفاق النووي.
بادئ ذي بدء يستغرب الانسان عن هذا التصرف الأعوج الذي هو ابعد ما يكون عن الحقيقة حيث من المفترض ان تبادر هذه الدول لمحاكمة الجاني الذي انسحب من الاتفاق النووي بدلا من ان تعاتب الضحية على دفاعها عن نفسها في اطار ما حدده البند 36 من الاتفاق النووي.
ففي الوقت الذي يجب على الدول الاوروبية الثلاث ان تعتذر عن تنصلها بتنفيذ الالتزام نراها تهرب الى الامام للتغطية على فضيحتها والنأي بنفسها للابتعاد عن الاحراج في الداخل والخارج.
ولا غرابة ان يلتقي موقف الدول الاوروبية الثلاث التي تطالب بوقف انشطة البرنامج النووي السلمي الايراني وهو موقف نفاقي ومتناغم مع موقف الرئيس الاميركي بايدن الذي هو الاخر يطالب ايران بوقف تخصيب اليورانيوم حتى ترفع العقوبات عنها. فاي منطق افلج ان يكون المتهم هو الحاكم والضحية هي المحكوم. هذا في وقت ان الطرف الوحيد الذي نفذ جميع التزامات الاتفاق النووي هي ايران وما قامت به من تحرك في تفعيل بعض انشطتها النووية هو قانوني وفي اطار البند 36 من الاتفاق النووي المتفق عليه. فبأي مسوغ قانوني أو شرعي ان يؤخذ على ايران بوقف الاجراءات الصحيحة التي قامت بها وفقا للاتفاق فيما يلفه الصمت على انسحاب أميركا غير المبرر من الاتفاق النووي وتنصلها عن تنفيذ اي من التزاماتها والأنكى من ذلك هو تبعية الموقف الاوروبي لأميركا.
السؤال المشروع الذي يطرح نفسه أمام هذا التهويل والتباكي الاوروبي على مصير الاتفاق النووي والذي تعللت دوله في تنفيذه وفاء لواشنطن لم نسمع منها سوى الكلام الفارغ في المحافظة على الاتفاق النووي دون اتخاذ اي خطوة عملية تدلل على مصداقيتها لتنفيذ هذا الاتفاق. لذا يبدو ان الدول الاوروبية حتى الساعة لم تتمعن ولا تكلف نفسها قراءة مفاد البند 36 لتطلع على حقوق الاطراف الموقعة لتتجنب الوقوع في الطريق الخطأ وتحافظ على ماء وجهها.
التصريحات الاميركية والاوروبية بمطالبة ايران في العودة للاتفاق النووي هو في الواقع تغطية لفشلها وخروج لمأزقها واحراجها لا أكثر واذا ما تقدمت ايران بشكوى في اي محكمة او محفل دولي سيدان الطرفان لعدم التزامهما بالاتفاق النووي الذي صودق عليه من قبل مجلس الأمن الدولي بالاجماع. واذا كان يحق لطرف ان يضع شروطاً للعودة للاتفاق النووي كما عبر عن ذلك الامام الخامنئي قائد الثورة الاسلامية فهي ايران التي التزمت بتنفيذ التزاماتها وليس الطرف الاخر المنتهك لمثل هذه الالتزامات.