نفحات من سيرة الإمام الباقر عليه السلام
تمر علينا هذه الأيام ذكرى ولادة خامس أئمة اهل البيت عليهم السلام ألا وهي ولادة الإمام محمد الباقر عليه السلام ، وبهذه المناسبة نسلط الضوء على جانب يسير من حياته الكريمة.
*ولادته:
ولد الإمام الباقر عليه السلام في شهر رجب المبارك عام 57 هجرية، وتلقفه أهل البيت بالتقبيل والسرور، إذ لطالما كانوا ينتظرون ولادته التي بشر بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ عشرات السنين.
أمه الماجدة فاطمة بنت الامام الحسن المجتبى عليه السلام وقيل ام عبد الله، فأصبح عليه السلام ابن الخيرتين وعلوياً بين العلويين.
روي في دعوات الراوندي عن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنه قال: كانت أمي قاعدة عند جدار فتصدع الجدار وسمعنا هدة شديدة فقالت بيدها: لا وحق المصطفى ما أذن الله لك في السقوط، فبقى معلقاً حتى جازته، فتصدق عنها ابي عليه السلام بمائة دينار.
*ألقابه عليه السلام:
إسمه الشريف محمد، وكنيته أبو جعفر، والقابه الشريفة الباقر والشاكر والهادي، وأشهر القابه الباقر، وقد لقبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم به كما ورد في رواية سفينة عن جابر بن عبد الله أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوشك أن تبقى حتى تلقى ولداً لي من الحسين عليه السلام يقال له محمد، يبقر علم الدين بقراً فاذا لقيته فاقرأه مني السلام.
وروى الشيخ الصدوق عن عمروبن شمر قال: سألت جابر بن يزيد الجعفي فقلت له: ولم سمي الباقر باقراً؟ قال: لانه بقر العلم بقراً أي شقه شقاً وأظهره إظهاراً.
وقال ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة مع كثرة عناده ونصبه: (أبو جعفر محمد الباقر سمي بذلك من بقر الأرض أي شقها وأثار مخبآتها ومكانها فلذلك هو أظهر من مخبئآت كنوز المعارف وحقائق الأحكام واللطائف مالا يخفى الا على منطمس البصيرة أو فاسد الطوية والسريرة، ومن ثم قيل هو باقر العلم وجامعه وشاهر علمه ورافعه الخ).
*إمامته:
ومن مزايا هذا الوليد الطاهر أنه ملتقى ورابط بين أسرة الإمام الحسين وأسرة الإمام الحسن، فهو أول هاشمي علوي يولد من جهة الحسن والحسين عليهما السلام، لأن أباه علي بن الحسين وأمه فاطمة بنت الحسن عليهم السلام، فكان الباقر ملتقى الكرامات وآصرة علوية أثلج بولادته قلوب أهل البيت عليهم السلام فما أكرمه وما أعظمه.
وروي أن الإمام السجاد عليه السلام قال لابنه الباقر عليه السلام: بني إني جعلتك خليفتي من بعدي لا يدعى فيما بيني و بينك أحد إلا قلده الله يوم القيامة طوقاً من نار.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: إذا فارق الحسين الدنيا، فالقائم بالامر بعده علي ابنه وهو الحجة والامام وسيخرج الله من صلب علي ابناً اسمه اسمي وعلمه علمي وحكمه حكمي، وهو أشبه الناس إلي وهو الامام والحجة بعد أبيه.
*مناظراته:
لقد عرف عهد الإمام الباقر بكثرة المناظرات والمحاججات والحوارات المفتوحة لان دولة بني أمية فتحت المجال للبدع والمذاهب المنحرفة والاتجاهات الضالة والآراء الفاسدة الكاسدة فجلس الإمام الباقر بكل جهاد إمام هذه التيارات المنحرفة يوعظهم ويرشدهم ويصحح أفكارهم ويهديهم إلى الصراط المستقيم.
*عبادته:
العبادة بالنسبة للمعصومين تمثل حالة كمال وإشراق وليست عبارة عن تكلف يراد الخلاص منه بل كانوا يأنسون بالعبادة لله تعالى.
حكى (افلح) وهو خادم الإمام الباقر عليه السلام قال: حججت مع أبي جعفر محمد الباقر عليه السلام فلما دخل المسجد ونظر البيت بكى فقلت بابي أنت وأمي إن الناس ينظرون أليك فلو خفضت صوتك قليلاً.
قال: (ويحك يا افلح ولم لا ارفع صوتي بالبكاء لعل الله ينظر إلي برحمة منه فالفوز بها غداً).
*من معاجز الامام الباقر عليه السلام:
روى القطب الراوندي بسنده عن ابي بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أنا مولاك ومن شيعتك ضعيف ضرير إضمن لي الجنة، قال: أولا أعطيك علامة الائمة؟ قلت: وما عليك ان تجمعها لي؟ قال: وتحب ذلك؟ قلت: كيف لا أحب فما زاد أن مسح على بصري فأبصرت جميع ما في السقيفة التي كان فيها جالساً (وفي رواية مختصر البصائر: فأبصرت جميع الأئمة عليهم السلام عنده) قال:يا أبا محمد مد بصرك فأنظر ماذا ترى بعينك.
قال: فوالله ما أبصرت الا كلباً وخنزيراً وقرداً، قلت: ما هذا الخلق الممسوخ؟ قال: هذا الذي ترى هذا السواد الأعظم، لو كشف الغطاء للناس ما نظر الشيعة إلى من خالفهم الا في هذه الصور، ثم قال: يا ابا محمد إن أحببت تركتك على حالك هكذا وحسابك على الله وإن أحببت ضمنت لك على الله الجنة ورددتك إلى حالتك الأولى؟
قلت: لا حاجة لي إلى هذا الخلق المنكوس، ردني فما للجنة عوض، فمسح يده على عيني فرجعت كما كنت.
*كرمه:
تقول سلمى خادمة أبي جعفر الباقر: انه كان يدخل عليه بعض إخوانه فلا يخرجون من عنده حتى يطعمهم الطعام الطيب ويكسوهم في بعض الأحيان ويعطيهم الدراهم قالت: فكنت اكلمه في ذلك لكثرة عياله وتوسط حاله فيقول: (يا سلمى ما حسنة الدنيا إلا صلة الأخوان والمعارف) فكان يصل بالخمسمائة درهم وبالستمائة ألف درهم.
*من اشهر كلامه عليه السلام:
الأولى/ قال عليه السلام: ما شيب شيء بشيء أحسن من حلم بعلم.
الثانية/ قال عليه السلام: الكمال كل الكمال التفقه في الدين والصبر على النائبة وتقدير المعيشة.
الثالثة/ قال عليه السلام: ثلاثة من مكارم الدنيا والآخرة: أن تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتحلم إذا جهل عليك.
الرابعة/ سلاح اللئام قبيح الكلم.
الخامسة/ إياك والكسل والضجر فإنهما مفتاح كل شر من كسل لم يؤد حقا ومن ضجر لم يصبر على حق
السادسة/ قال عليه السلام عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد.
السابعة/ عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد.