بين الرؤية الاسرائيلية والفلسطينية لقرار الجنائية الدولية
فارس الصرفندي
مما لا شك فيه ان قرار محكمة الجنايات الدولية باعتبار فلسطين ضمن دائرة اختصاصها يشكل سابقة مهمة يستطيع الفلسطينييون البناء عليها لمحاسبة الاحتلال الاسرائيلي الذي اذاقهم الويلات على مدار اكثر من سبع عقود.
رغم حالة التفائل التي يعيشها الفلسطينييون الا ان البعض يخشى ان يكون مصير هذا القرار مصير قرار محكمة العدل الدولية فيما بتعلق بجدار الفصل العنصري والذي رغم صدوره لصالح الفلسطينيين الا ان البناء عليه لم يتم كما يجب مما ادى الى ضياعه في اروقة المؤسسة الدولية.
بالنسبة للفلسطينيين لمصلحتهم الحفاظ على البعد القانوني للقرار لان هذا البعد سيمنحهم الفرصة لمحاسبة كيان الاحتلال الاسرائيلي وقادته عسكريين كانوا ام سياسيين والخطورة الحقيقية ان يذهب الفلسطينييون الى البعد السياسي ساعتها سيخسرون الفرصة الذهبية التي لاحت لهم.
والسبب ان موازين السياسية الدولية ليست لصالحهم وانما لصالح الاحتلال الاسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة والتي تخشى من انعكاس القرار على ما ارتكبته من جرائم في العراق وافغانستان.
ولو عدنا الى التصريحات الاسرائيلية اثر صدور قرار الجنائية الدولية لادركنا انها حاولت ان تجر القرار نحو القراءة السياسية من اللحظة الاولى، بنيامين نتنياهو اتهم المحكمة الدولية بانها تعادي السامية وبان قرارها سيقف سدا في وجه الانظمة الديمقراطية في محاربة الارهاب، وكذلك ما صدر عن الخارجية الاسرائيلية من اتهام بان المحكمة الدولية تسيس القانون الدولي وانها تحولت الى العوبة في ايدي القوى المعادية ( لاسرائيل ).
ورغم كل التصريحات التي تجذب الامور نحو الموقف السياسي الا ان صحيفة يديعوت احرنوت قالت " القرار يعتبر تمهيدا لمحاكمة (اسرائيل) كمجرمة حرب، وقد يبدو الاعتماد الاسرائيلي كبيرا على الادارة الامريكية لكن ذلك لا يعني ان هذه الادارة ستكون قادرة على توفير الحماية التامة لمسؤولين اسرائيليين لو صدر قرار باستدعائهم للمثول امام المحكمة.
الفلسطينييون تقدموا بثلاثة ملفات هامة جدا موجودة على طاولة المدعية العامة للجنايات الدولية اولها ملف الحرب على قطاع غزه في العام ٢٠١٤ هذا الملف بحد ذاته والقرائن التي ترتبط به قادرة على جر القادة العسكريين الاسرائيليين الى الجنايات الدولية لاسيما ما حدث في حي الشجاعية من عملية ابادة وتدمير ممنهج بحق المدنيين في زمن الحرب واصرار الفلسطينيين على السير في الخطوات القانونية وفتح التحقيق حول ما حدث سيكون مصدر قوتهم في هذه القضية طبعا بالاضافة الى ملف الاستيطان والاسرى.
وبالطبع يجب على الفلسطينيين ان يكونوا مستعدين للدفع القانوني بما سيقدم باتجاههم وان يفهموا ان كل خطوة سيخطونها سيقابلها خطوة اسرائيلية وامريكية هدفها الاجهاض او المقايضة، والتزام الفلسطينيين بالدفوع القانونية سيكون مربكا للكيان الاسرائيلي والادارة الامريكية اما الذهاب نحو مقايضات سياسية ومحاولة فرض اجندة سياسية على القرار القانوني فهذا يعني لحاق هذا القرار بقرار العدل الدولية الصادر في قضية جدار الفصل العنصري وسيجهض كما اجهض تقرير جولدستون في اروقة مجلس حقوق الانسان الدولي.
قضية الفلسطينيين عادلة ودفوعهم قوية وما يحتاجونه ليس اكثر من الحفاظ المنحى القانوني لقرار الجنائية الدولية الجديد والضغط لفتح تحقيق دولي في الجرائم الاسرائيلية وتقديم القرائن التي تدين الاحتلال وقادته.
العالم