الجزيرة أرض سورية ترفض الاحتلال
المحامي سماح مهدي
تمتعت أمتنا على مرّ العصور بوصف زراعي لم تنله أمة أخرى على وجه البسيطة. فكلّ من سمع مصطلح «الهلال الخصيب» تبادر إلى ذهنه فوراً أنّ المعنية بهذا الاسم هي سورية الطبيعية من دون منازع.
وكجزء لا يتجزأ من بلادنا العظمى، أسهمت منطقة الجزيرة السورية عموماً، التي تمتلك أكثر من نصف ثروة الشام من المياه السطحية والجوفية في جعلها الكيان الوحيد في المنطقة المكتفي ذاتياً في مجال إنتاج الغذاء، لا سيما المحاصيل الزراعية الأساسية.
فكمية 13 مليار متر مكعب من الماء سنوياً، أغلبها سطحية تجري في أنهار الفرات ودجلة والخابور والبليخ وروافدها، دفعت بمحافظة الحسكة بالتحديد لإنتاج نحو 65% من قمح الشام قبل العام 2011، الذي وصل آنذاك إلى حدود أربعة ملايين طن سنوياً في إنتاج متأصّل ومستمرّ تؤكد المراجع التاريخية أنّ بداياته ظهرت في منطقة الجزيرة لأول مرة في العالم في زمن مبكر جداً يؤرّخ بحوالي 10500 سنة خلت.
الآن، ومنذ حوالي عشرين يوماً، تستمرّ الميليشيات العميلة للاحتلال الأميركي المعروفة باسم (قسد) بارتكاب جريمة حرب موصوفة تتمثل بفرض حصارها المجرم على الحسكة والقامشلي الواقعتين ضمن منطقة الجزيرة السورية.
وإطباقاً في حصارها البغيض لأبناء شعبنا، تمنع الميليشيات الحاقدة دخول الآليات ووسائل النقل والمواد التموينية والغذائية وصهاريج المياه وسواها من أهمّ متطلبات الحياة اليومية، مما أدّى إلى شلل تامّ وصل إلى حدّ توقف المخابز عن العمل بصورة نهائية.
فذلك الحصار غير الإنساني الذي توغل الميليشيات الخائنة في استعماله، لا يمكن تصنيفه إلا كواحدة من حلقات مسلسل الضغوط التي تمارسها قوات الاحتلال الأميركي بهدف النيل من صمود أبناء شعبنا، ومن ثبات الدولة السورية في مواجهة الحرب الكونية التي شنّت ضدّ الشام – العمود الفقري للمشروع القومي المقاوم.
كلّ تلك الضغوط المتعاظمة التي تمارسها قوات الاحتلال بنفسها أو بواسطة ميليشياتهما العميلة، ما كانت لتثني أبناء شعبنا الصامد لا حالياً، ولا سابقاً على امتداد سنوات الأزمة. لا بل هي تزيده صموداً وقوة وتمسكاً بخيار الدولة السورية الواحدة التي يحفظ وحدتها جيشنا القومي – جيش تشرين مؤازراً برفقائنا في نسور الزوبعة وكلّ قوى المقاومة.
فلا يكاد يمرّ يوم دون مواجهة بين أهلنا الصامدين المقاومين في كافة المناطق السورية المحتلة، لا سيما في الحسكة والقامشلي، وبين قوات الاحتلال وعملائها من مختلف التنظيمات الإرهابية. فأثبت أبناء شعبنا تمسّكهم بموقفهم وهويتهم الوطنيين عبر التظاهرات السلمية حيناً وعبر أعمال المقاومة المسلحة أحياناً أخرى.
الحسكة والقامشلي مثلها مثل كلّ أرض سورية، ترفض الاحتلال وتؤمن بالمقاومة سبيلاً وحيداً لإنهائه. فكما هي نجحت في تحرير الجزء الأكبر من لبنان وفي تحرير غزة، فهي ستنجح حكماً في تحرير ما بقي من أرض تحت الاحتلال أميركياً كان أو تركياً أو إرهابياً أو يهودياً.