موجة هلع تخيم على الكيان الصهيوني
ما تحدث به كوخافي رئيس هيئة الاركان الصهيوني في معهد الابحاث الدفاعية مؤخرا في جامعة تل ابيب حين هدد ايران وهاجم بايدن، لم يكن اعتباطيا ولا ارتجاليا انما مدروس بدقة لتوجيه رسائل داخلية وخارجية في آن واحد خاصة للادارة الاميركية الجديدة التي تعتزم حسب زعمه الانفتاح على ايران للتفاوض على الملف النووي لكن ما كان لافتا وانتقد عليه بشدة هو تهديده للرئيس الاميركي حول اقترابه من الملف النووي الايراني وهذا غير مسبوق في تاريخ الكيان اذ لم يخرج رئيس اركان قبل هذا لتوجيه مثل هذه التحذيرات التي هي من الممنوعات لان ذلك يكون على مستوى رئيس الوزراء كنتنياهو الذي تحايل على كوخافي ودفعه الى الامام ليستثمره سياسيا ويستفز بذلك بايدن.
لكن هناك من يرى الامور من منظار آخر، فكوخافي الذي يطمع للوصول الى رئاسة الوزراء خاصة وان الانتخابات المبكرة التي دعا اليها نتنياهو وهي للمرة الرابعة في دورة واحدة، ستجري بعد شهرين حيث لا يريد ان يتأخر عن هذا الركب مع علمه بان حظوظ نتنياهو هذه المرة خاصة وبعد الانشعابات في الليكود وخسارته الكبرى بهزيمة ترامب، لن توصله الى السلطة.
اما ما تركه من تداعيات سلبية وتخوف داخل المجتمع الاسرائيلي لم يكن انكاره وهذا ما اشارت اليه الصحافة الصهيونية مباشرة بان تصريحاته "ترك تاثيرا سلبيا داخل المجتمع الاسرائيلي وعدم قدرته من شن هجوم مستقل على ايران".
التصريحات النارية واللامسؤولة لرئيس الاركان الصهيوني والتي هي اكبر من حجمه ولدت ردود فعل قوية داخل الاوساط الامنية والاعلامية والسياسية حيث انهالت عليه الانتقادات من كل مكان لعدم مراعاته للظروف الحالية التي يمر بها هذا الكيان وكانت الاقوى من "يوسي كوهين" رئيس الاستخبارات في الكيان الاسرائيلي الذي هو الاخر يعد نفسه لخلافة نتنياهو لتوافر الشروط فيه، عاتبا عليه بانه لم ينسق مع الجهات العليا للحديث عن هكذا امور وقد فتح هذا الموضوع سجالا كبيرا داخل الكيان خاصة بين مؤسستين مهمتين هي الامنية والعسكرية وحولتهما الى محل للصراع بدل ان تكون محلا للتنسيق والتعاون وفي اعلى المستويات وهذا ما أحدث صدمة داخل الاجهزة الامنية والاستخباراتية.
المراقبون في المنطقة علقوا على ان المشادة الكلامية بين الطرفين مرده الى خلافات شخصية وسياسية وليست مهنية وربطوا ذلك للاستحواذ على خلافة نتنياهو الذي اصبح في مهب الريح بعد خسارته لاكبر حليف له وهو ترامب وتجاهل بايدن له.
والتساؤل المطروح لماذا لم يدل كوخافي رئيس الاركان بهذه التصريحات في عهد ترامب الذي كان موتورا وسياسته مع ايران على حافة الهاوية، تساؤلات مشروعة تدل على انها مبيتة لبلوغ اهداف معينة ومنها عينه على رئاسة الوزراء.
فاللعبة اصبحت مكشوفة فمن لا يعلم بان الكيان الصهيوني هو ليس بحجم منازلة ايران الاسلامية وقد اظهر عجزه التام في مواجهة حزب الله والمقاومة الفلسطينية المحاصرة في غزة الصامدة وما تخرص به رئيس الاركان كوخافي يدخل في اطار الحرب النفسية والتخبط بسبب ما يواجهه الكيان من ازمات مستفحلة تهدده بالانهيار في اية لحظة خاصة وان محور المقاومة قد وضعه تحت المجهر وهو يراقب كل تحركاته وسكناته اما فيما يخص رسائله الى اميركا فهي قضايا ثنائية وان تجاهل الادارة الاميركية الجديدة لنتنياهو لا يخل بالعلاقات الاستراتيجية بين الطرفين ويبقى الكيان الصهيوني وفي كل الاحوال والظروف الحليف الاكبر والولد المدلل والمحبب لدى اميركا على طول الخط.