ماكرون يستجدي دكة بدلاء السياسة
دعوة الرئيس ماكرون المشبوهة لدول اقليمية للمشاركة في المفاوضات النووية كطفيليين اثارت استغراب ودهشة المراقبين وهي بنفس الوقت ذكرتنا بالمثل الايراني "فأرة عجزت عن دخول جحرها فاصطحبت مكنسة". أية مفاوضات واهية تعشش في ذهن الرئيس الفرنسي ليستجلب اليه الاخرين؟ واذا كان يقصد مفاوضات (5+1) فان ملفها قد طوي والى الابد حيث انبثق عنها اتفاق نووي وصادق عليه العالم من خلال مجلس الامن الدولي واصبح اتفاقا دوليا بالاجماع.
اما دعوة ماكرون الرخيصة يبدو انها جاءت بايحاء اميركي ـ صهيوني للفرار من استحقاقات هذا الاتفاق الذي كان على الجميع ومن ضمنهم الجانب الاوروبي الالتزام به. ان هذه المحاولة الميتة سلفا لا ترفع الحرج عنهم ولا تغطي على تنصلهم مع تقادم الايام وان ابقاء هذا الملف مفتوحا يخدم ايران ولا يخدمهم بالتاكيد، لان ايران وعبر التزامها بالاتفاق النووي ظهرت امام العالم دولة حضارية تلتزم بالقوانين والاتفاقات الدولية دون لف و دوران فيما ظهر الطرف الاخر بالطرف المتخلف الذي لا يلتزم بالقوانين والمعايير الدولية.
"الرئيس الفرنسي ماكرون لم يكن بهذا المستوى الهابط من السذاجة حتى يدخل هذا المعترك دون قراءة منافعه فهو يريد من خلال هذا التحرك في الخارج ان يظهر كلاعب قوي مؤثر ليحسن من ظروفه الداخلية وازمة بلاده الاقتصادية التي دفعته ليطرق هذا الباب خاصة وهو على ابواب الانتخابات الرئاسية وامامه منافسين اقوياء وهو لايزال حتى اليوم عاجز عن وضع حد لحركة الستر الصفراء التي تهدد النظام الرأسمالي في بلاده، وهو بذلك يحاول ان يصبح خليفة لترامب في حلب السعودية التي هي اليوم في مأزق شديد نتيجة خسارة حليفها ترامب.
فبعد الموقف المبدئي والثابت لايران تجاه اعادة النظر في مفاوضات اصبحت من الماضي ولا طائل من ورائها، قد وضعت الكرة في الملعب الاميركي والغربي وهما في حرج شديد من الخروج من مأزقهما لذلك يحاولان عبث عبر طرح مثل هذه التخرصات ايجاد ذرائع للتنصل من مسؤولياتهم وتبرير مواقفهم الزائفة امام شعوبهم وحرف انظارها عن الواقع لكن ذلك لن ينفعهم وستثبت الايام القادمة مدى غبائهم وجهلهم للواقع وبذلك سيدفعون اثمانا باهضة لمواقفهم اللامسؤولة والمناهضة للقوانين والاتفاقيات الدولية التي من المفترض ان يحترموها كما ينعقون ليل نهار بانهم من حماتها والقائمون عليها. واليوم فان ايران ما بما تمتلكه من امكانيات وثروات وموقع استراتيجي وقدرات فائقة وفي جميع المجالات استطاعت ان تبني نفسها بنفسها من خلال قواها الذاتية وان تصل الى مدارج القوى العظمى وهذا ما اثبته ميدانيا.
فالموقف اليوم ورغم الحرب الاقتصادية والدوائية الشرسة التي تشنها اميركا ومعها الغرب المعادي لمنع حتى ايصال الدواء للشعب الايراني وفي ظروف تفشي مرض الكورونا، هو لصالح ايران التي حولت التهديد الى فرص وقد قطعت اشواطا كبيرة وفي جميع المجالات ومنها العلمية والطبية ومثل هذه الظروف، كلما تأخرت اميركا وحلفائها من الغربيين عن تنفيذ الاتفاق النووي ستنعكس نتائجه السلبية عليهم وسيتضررون بشكل اكبر وستكون ايران الرابح الاكبر والاكثر مصداقية في العالم.