kayhan.ir

رمز الخبر: 125939
تأريخ النشر : 2021January27 - 20:36

طارق خوري: أميركا ترعى مصالح الكيان الصهيوني ومواقفها تجاه أمتنا لن تتغيّر


ـ الموقف الأردني حازم وصارم بأنّه لم ولن يتخلّى عن فلسطين ولا عن القدس ومقدّساتها

ـ من سيحرّر فلسطين هم أبناؤها ومعهم المؤمنون بعدالة المسألة الفلسطينية في محور المقاومة

اعتبر النائب الأردني السابق طارق سامي خوري «أنّ الثوابت الأميركية لن تتغيّر تجاه أمتنا خاصة في ما يخصّ الدعم الأميركي المطلق للكيان الصهيوني ومخطّطاته التوسُّعية وتطويق محور المقاومة ومواصلة مسار التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني»، لافتاً إلى «أنّ المسألة الفلسطينية هي الأساس لهذا الاستعداء لمحور المقاومة في سورية والعراق وفلسطين المحتلة ولبنان وإيران واليمن ولكلّ بلد أو صوت حرّ يناصر فلسطين في أرجاء المعمورة».

وقال خوري في حديث صحافي: «رغم أنّ الولايات المتحدة الأميركية دولة عظمى لها مسارها السياسي الثابت تجاه القضايا العالمية بشكل عام، إلا أنّنا نلاحظ أنّ لكلّ رئيس يتسلم مقاليد الحكم نهجاً خاصاً به. وفي ما يخصّ الرئيس السابق دونالد ترامب، فقد أثار الجدل منذ دخوله البيت الأبيض وأطلق عجلة عهده بشنّ حرب اقتصادية على العالم، خاصة على دول كبرى منافِسة لبلاده كالصين وروسيا والاتحاد الأوروبي، وعلى الجهة المقابلة شنّ حروباً على إيران وسورية والمكسيك وفنزويلا وكوبا ونيكارغوا، وطبعاً كوريا الشمالية التي لم تسلم في أيّ عهد من عهود أسلافه من العقوبات الاقتصادية للضغط عليها وإرغامها على وقف تصنيع الأسلحة النووية. وكونه أعلن موقفاً واضحاً ومتشدّداً حيال دولة الكيان الصهيوني مبدياً دعماً لها منقطع النظير واضعاً «أمنها» المزعوم كأولوية، كان من الطبيعي أن يستعدي الساكن الجديد للبيت الأبيض محور المقاومة برمّته كونه يشكّل الخطر الأكبر على هذا الكيان الهجين».

المسألة الفلسطينية أساس

الاستعداء الأميركي لمحور المقاومة

وذكّر بأنّ ترامب «افتتح عهده بقرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة وأتبع هذا القرار بجملة قرارات أبرزها توقيعه إعلاناً تعترف الولايات المتحدة بموجبه بسيادة إسرائيل «الكاملة» على مرتفعات الجولان السوري، والتي كانت قد استولت عليها عام 1967 وضمتها إليها في 1981، ثم وقف التمويل كلياً عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ومعروف أنّ التمويل الأميركي للوكالة كان يمثّل ثلث ميزانيتها السنوية، وهو ما يؤثّر على حياة ملايين اللاجئين الفلسطينيين المعتمِدين على خدمات الوكالة في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن وسورية ولبنان، وطبعاً يندرج ذلك في سياق تصفية قضية اللاجئين ونسف حقّ العودة نهائياً، ليتفرّغ ترامب في السنوات الأخيرة من عهده للترويج لما أطلق عليه اسم «صفقة القرن» والتي تهدف بطبيعة الحال إلى إلغاء المسألة الفلسطينية من الوجود». وأشار إلى أنّ الأردن «كان له نصيب من خلال الضغوط التي مورست عليه لتمرير هذه الصفقة لكنّ ردّ جلالة الملك عبدالله الثاني جاء حازماً وصارماً بأنّه لم ولن يتخلّى عن فلسطين ولا عن القدس ومقدّساتها التي لا تزال حتى يومنا هذا تحت الوصاية الهاشمية».

أضاف: «إذن المسألة الفلسطينية هي الأساس لهذا الاستعداء لمحور المقاومة في سورية والعراق وفلسطين المحتلة ولبنان وإيران واليمن ولكلّ بلد أو صوت حرّ يناصر فلسطين في أرجاء المعمورة، لذلك عمدت إدارة ترامب إلى تشديد الحصار على هذا المحور وتضييق الخناق عليه بشتى الوسائل، خاصة الحصار الاقتصادي، فالعقوبات الاقتصادية هي الأشدّ إيلاماً لأنّ استعمالها يتمّ عبر النظام المصرفي العالمي، حيث للدولار الأميركي دور كبير، إضافة إلى كون معظم الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة تمتثل لسياساتها وتلتزم بإملاءاتها».

وردّاً على سؤال حول سياسة العقوبات التي انتهجتها الإدارة الأميركية السابقة حيال إيران بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، أجاب: «بالنسبة إلى إيران فقد اعتادت التعايش مع العقوبات ونجحت في الانتصار عليها وتجاوز مفاعيلها وقد اضطر الرئيس الأسبق باراك أوباما إلى التراجع عن العقوبات التي كانت مفروضة على طهران منذ عام 1979 وتوقيع الاتفاق النووي معها، ليعاود ترامب فرضها بعد إخراج بلاده من الاتفاق. سورية ولبنان أيضاً نالا «نصيبهما» من العقوبات التي كان وقعها أشدّ على اقتصاد كلّ منهما ولا يزالان يرزحان تحت ثقلها. وبالنسبة إلى اليمن، كان إطلاق أميركا يد السعودية والإمارات ضمن ما يسمى «التحالف» واضحاً فتم تدمير هذا البلد وتشتيت أبنائه وقد تابعنا مؤخراً قرار الإدارة الأميركية السابقة تصنيف حركة «أنصارالله» منظمة إرهابية، لتعلن إدارة بايدن مراجعتها للقرار بعد تحذيرات دولية من كارثة إنسانية ستُضاف إلى المأساة اليمنية المستمرة للعام السادس على التوالي، في حال استمرار هذا التصنيف بحقّ الحركة».

واعتبر «أنّ الهدف الفعلي من وراء اغتيال القائدين سليماني والمهندس، كان وقف مسار تصاعد قوة محور المقاومة وقدراته وتفتيت دول محور المقاومة ودفعها نحو الاستسلام أمام حركة التطبيع مع «إسرائيل»، لكنّ محور المقاومة تصاعد أكثر وأكثر وبات أكثر قوّة».

سياسة أميركا تجاه أمتنا لن تتغيّر

«لا نريد أن نستبق الأمور حول ما يمكن أن يفعله الرئيس الجديد جو بايدن»، أجاب خوري رداً على سؤال حول مواقف الإدارة الأميركية حيال ملفات المنطقة، لكنّه أكد «أنّ الثوابت الأميركية لن تتغيّر تجاه أمتنا خاصة في ما يخصّ الدعم الأميركي المطلق للكيان الصهيوني ومخطّطاته التوسُّعية وتطويق محور المقاومة ومواصلة مسار التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني». وبالنسبة إلى إيران، رأى أنه «حتى ولو تراجعت الولايات المتحدة عن انسحابها من الاتفاق النووي فإنّ ذلك لا يعني أنّ العقوبات سترفع عن طهران بشكل كلّي، فإيران ركن أساسي في محور المقاومة ولن تتراجع عن موقفها من المسألة الفلسطينية ولا عن دعمها لفصائل المقاومة في كل مكان، وهذا لا يُرضي أيّ إدارة أميركية، ذلك أنّ دعم الكيان الصهيوني أمر أساسي وجوهري في السياسة العامة الأميركية، وأمن هذا الكيان الغاصب خط أحمر بالنسبة إليها».

وتابع: «الملف الأساسي هو «الصراع العربي الإسرائيلي» والإدارات الأميركية المتعاقبة لم تحقق شيئاً على هذا الصعيد سوى مزيد من القرارات التي تصبُّ في مصلحة الكيان الصهيوني. كما أنّ تنصيب الولايات المتحدة نفسها كـ «راعية» ما يُسمّى «السلام» من خلال المفاوضات بين الجانبين «الإسرائيلي» والفلسطيني، هذا «السلام» الذي لا نؤمن به أصلاً مع عدو لا يفهم إلا لغة الحديد والنار، هو كذبة كبيرة. الراعي يجب أن يكون عادلاً وليس منحازاً، والسياسة الأميركية تجاه أمتنا لم تكن عادلة يوماً ولن تكون. ماذا حققت رعاية أميركا اتفاقات الإذعان للدول الوقعة سوى المزيد من التراجع والتبعية والهوان؟ ماذا جلبت على أمتنا سوى الويل والخراب؟ أميركا ترعى مصالح الكيان الصهيوني ليس إلا وستبقى كذلك».

بايدن يحلم باستعادة أميركا ريادتها

ورأى أنّ بايدن «يحلم باستعادة أميركا ريادتها على مستوى العالم، هذا الأمر أولوية بالنسبة إليه، وقد شدّد في خطاب التنصيب على أنّ الولايات المتحدة ستعود إلى تحالفاتها التي شهدت تقلبات في عهد ترامب. ولفت إلى أنّ إدارته ستصحّح أخطاء الماضي وتعهّد بأن تعود أميركا لقيادة العالم وأن تكون شريكاً موثوقاً. ذلك أنّ تحالفات أميركا هي أحد أهمّ أصولها الاستراتيجية، وقد ساعدت على الاستقرار الجيوسياسي، والتنمية الاقتصادية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية قبل ثمانية عقود تقريباً، إلا أنّ ترامب دمّر هذه الأصول. أميركا وحلفاؤها حول العالم يمتلكون أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي والإنفاق العسكري، وبايدن يسعى إلى تسخير هذه القوة الجماعية لاستعادة الريادة الأميركية».

أضاف: «تاريخياً، تأخذ الممالك والدول والإمبراطوريات مسارها الطبيعي نحو النمو والتطور حتى تبلغ الذروة من حيث القوة في مختلف المجالات وأهمّها العسكرية والاقتصادية، ثم تنهار وتتفكك حين تتحوّل هذه القوة إلى غطرسة وعنجهية فتغيب العدالة ليحلّ محلها الظلم الذي تمارسه بحق الدول والشعوب المستضعفة.

ومن المعلوم أنّ الولايات المتحدة اليوم أضعف بكثير مما كانت عليه بُعيْد انتهاء الحرب الباردة، وأنّ خصومها لا سيما روسيا والصين (ومعهما إيران) باتوا أقوى بكثير مما كانوا عليه في ذلك الحين، حيث لم تعد أميركا هي القطب الأوحد في العالم على أكثر من مستوى.

وفي هذا السياق تفيد التقارير المتخصصة أنّ روسيا حققت تقدّماً بارزاً على صعيد تطوير قدراتها النووية وتحديداً المحمولة على متن الغواصات العملاقة في البحار. كما أنّ الصين حققت تقدّماً اقتصادياً هائلاً في السنوا الماضي، ووصلت في قطاعات كثيرة إلى أرقام قريبة جداً من تلك التي لدى الولايات المتحدة بل هي تفوّقت عليها في العام الماضي في أرقام الصادرات. وهذا يشكل دليلاً كافياً على ضمور تدريجي في القدرات الأميركية التي كانت تخوّلها سابقاً بلعب دور المُهيمن على العالم».

فلسطين لن تتحرّر

بالشعارات والمواقف الصوتية

وختم خوري مؤكداً «أنّ السياسة الأميركية لم ولن تتغير حيال المسألة الفلسطينية، وقد أثبتت التجارب ولم تكن أيّ إدارة مختلفة عن سابقاتها». وقال: «إنّ الدعم المطلق للكيان الصهيوني هو من ثوابت السياسة الأميركية ومن يعتقد غير ذلك واهم. وللأسف إنّ من يقود مسار التطبيع في المنطقة هي كبرى الدول الإسلامية، أعني بذلك السعودية، عرّابة ما سُمي «صفقة القرن»، وللأسف سارت دول عربية في هذا المسار وانضمّت إلى ركب المطبّعين، الإمارات ثم البحرين ثم السودان والمغرب. العرب بدأوا يبتعدون شيئاً فشيئاً عن فلسطين، وأنا شخصياً لم أؤمن يوماً بأنّ فلسطين ستتحرّر بالشعارات والبيانات والمواقف الصوتية، من سيحرّر فلسطين هم أبناؤها ومعهم المؤمنون بعدالة المسألة الفلسطينية في محور المقاومة والثابتون على مواقفهم رغم كلّ الضغوط، خصوصاً الجمهورية العربية في الشام والمقاومة في لبنان والعراق والجمهورية الإسلامية الإيرانية. ومهما طال ليل الظلم واشتدّت ضراوة الحرب والحصار فإنّ النصر سيكون حليفهم».