لماذا يسعى بايدن لإنهاء الحرب في اليمن؟
قبل بضعة أيام فقط من تولي إدارة بايدن للسلطة، كانت هناك إشارات من شخصيات ستتولي ملف السياسة الإقليمية للبيت الأبيض، زادت مخاوف السعودية بشأن العلاقات الثنائية، وخاصة القضية اليمنية.
كتب "جاك سوليفان"، وهو خيار محتمل لمنصب مستشار الأمن القومي لإدارة جو بايدن، على صفحته على تويتر، وقد شارك تغريدةً لعضو جمهوري في مجلس الشيوخ: "أتفق مع السناتور تود يونغ في وصف جماعة الحوثي بالإرهابية في اللحظة الأخيرة. يجب محاسبة قادة الحوثيين، لكن تصنيف الحركة بأكملها (كإرهابية) لن يؤدي إلا إلى مزيد من المعاناة للشعب اليمني، ويعيق الدبلوماسية الحيوية لإنهاء الحرب".
وكان السناتور الجمهوري تود يونغ من ولاية "إنديانا" قد كتب على تويتر: "اليوم، قرار مايك بومبيو إعلان جماعة الحوثيين منظمةً إرهابيةً، هو خطوة أخرى في النهج الأمريكي الخاطئ طويل الأجل تجاه الصراع اليمني".
هذا في حين أنه في رسالة إلى بومبيو يوم السبت المنصرم، أعلن 34 عضواً في الكونغرس، بقيادة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب "جريجوري ميكس"، عن العواقب الوخيمة لهذا القرار، معتبرين إياه قراراً متسرعاً في الأيام الأخيرة من رئاسة ترامب في البيت الأبيض.
أوهام السعودية الواهية
إن الترحيب السعودي المتعجِّل بإعلان أنصار الله "إرهابية"، وإعلان استعدادها وفق بعض المصادر لتحمل تكاليفه المالية، أثبت أولاً أن الرياض لم تنجح في تحقيق أي إنجاز في الحرب اليمنية، وبالتالي فهي تسعي إلى إغلاق باب التفاوض والدبلوماسية في المحادثات الثنائية مع صنعاء والمحادثات اليمنية اليمنية.
وثانياً، السعوديون الذين يعتقدون أن إعلان أنصار الله إرهابية سيضعف الحركة، يرون تحرك ترامب الفرصة الأخيرة لتحقيق جزء على الأقل من أهدافهم في غزو اليمن.
ومع ذلك، فإن الانتقاد الداخلي المتزايد للكونغرس والإدارة الأمريكية الحالية لوصف أنصار الله إرهابيةً، يبعث برسالة قوية إلى الرياض مفادها بأن الأمل الزائف الأخير للسعوديين في تحقيق أدني إنجاز لهم في ساحة المعركة اليمنية كان أيضاً حلماً، ولا يمكن الاصطياد في الماء العكر المتمثل في اعتبار أنصار الله حركةً إرهابيةً.
بايدن يتعرض لضغوط لإنهاء الأزمة في اليمن
في غضون ذلك، لا يمكن للمرء أن يتفاءل بسياسة الديمقراطيين السلمية تجاه الأزمة اليمنية وأن يعطيها المصداقية، لأن تشكيل التحالف العربي وغزو اليمن كان بالأساس في عهد إدارة أوباما، وحدث بضوء أخضر وموافقة من الإدارة الأمريكية وقتها من خلال تقديم الدعم السياسي والعسكري للسعودية، لكن الآن تجد إدارة بايدن نفسها مجبرةً على التصرف بشكل مختلف لإنهاء الحرب اليمنية.
أولاً، بايدن وبفعل ضغوط الرأي العام المحلي والمعارضة العالمية لاستمرار الإبادة الجماعية بحق اليمنيين، وعد اليمنيين الأمريكيين خلال حملته الانتخابية بأمرين: أولاً، رفع حظر السفر الذي فرضه أمر الهجرة الذي أصدره ترامب، وثانياً، إنهاء الدعم الأمريكي للحرب السعودية في اليمن.
من ناحية أخرى، بايدن الذي يفكر في استعادة دور أمريكا القيادي في المجتمع الدولي، وبالنظر إلى معارضة الأمم المتحدة وحلفاء واشنطن الأوروبيين لقرار إدارة ترامب، بات يدرك الحاجة إلى التوافق مع المجتمع الدولي.
كما تعلم واشنطن أنه يجب عدم إضاعة الوقت لأن الحلول تزداد صعوبةً مع مرور الوقت واستمرار الصراع اليمني. كذلك، سيحل الاقتصاد الوطني محل اقتصاد الحرب في نهاية المطاف بالكامل، ما يخلق المزيد من الحوافز المربحة والجذابة لأولئك الذين يستفيدون من استمرار الحرب.
وداخلياً، فإن الجهود الانفصالية، وعدم وجود الإرادة الكافية من جانب حكومة عدن المستقيلة للتفاوض مع صنعاء، والجهود السعودية لعرقلة إجراء المحادثات، هي تحديات تشكيل العملية السياسية.
وفي الماضي أيضاً، رغم أن مؤتمر الحوار الوطني (NDC)، الذي عُقد تحت رعاية الأمم المتحدة في عام 2013، كان شاملاً، ولكن كان فيه نقص رئيس واحد، وهو أنه فشل في جمع أركان القوة الرئيسيين في جميع أنحاء البلاد للتفاوض على اتفاقية تقاسم السلطة.
وعلى المستوى الإقليمي، نظراً لأن جغرافية اليمن تمتد على طول شواطئ بحر العرب والبحر الأحمر، فإنها تغري السعودية والإمارات بمتابعة مصالحهما الاقتصادية والجيوسياسية الاستعمارية هناك.
كما يوفر القرن الإفريقي طريقاً مواتياً لخط أنابيب نفط سعودي محتمل إلى بحر العرب، حتى تتمكن السعودية من تجاوز مضيق هرمز إذا لزم الأمر.
وهكذا، فإن الوصول إلى الموانئ في عدن وجزيرة سقطرى عند مدخل البحر الأحمر، فضلاً عن الاهتمام الإماراتي المتزايد بالقرن الإفريقي، وخاصةً إريتريا وجيبوتي، جعل الإمارات تتحين الفرص منذ سنوات للمشاركة في التطورات في اليمن. ونتيجةً لذلك، سيكون من الصعب للغاية الوصول إلي تعاون التحالف العربي لإنهاء الحرب.
حتى إن المخاوف من قدرة أنصار الله في مستقبل التطورات اليمنية - سواءً أكانت حقيقيةً أم وهميةً -، والتي تُستخدم الآن ذريعةً لاستمرار الحرب والتدخل المباشر في التطورات اليمنية، حتى مع اقتراح إيران إجراء محادثات إقليمية واتفاق عدم اعتداء بين السعوديين وصنعاء، يمكن حلها شريطة تخلي الرياض عن التدخل والعدوان وإثارة الشغب وتصدير الإرهاب واحتلال الأراضي النفطية اليمنية ومعاداة الشعب اليمني. الأمر الذي يمكن استبعاده في الوقت الحالي، بالنظر إلى الطريقة التي تعاملت بها السعودية مع إعلان أنصار الله منظمةً إرهابيةً.
العصر