kayhan.ir

رمز الخبر: 12526
تأريخ النشر : 2014December30 - 21:23

حروب أميركا على العالم لن توقف مسيرتها الثابتة نحو الانهيار

عقيل الشيخ حسين
عندما يوشك المصباح على الانطفاء، يستمد من ضعفه قوة ويطلق ضوءاً باهراً بعض الشيء، لكنه لا يلبث أن يغرق في الظلمة. فعن العام 2014، يقول مراقبون عديدون إنه قد شهد تسارعاً ملفتاً في عملية انحسار ذلك الضوء الذي طالما تباهت الولايات المتحدة بأنه يشع منها على العالم. أما العربدة العسكرية والسياسية الأميركية التي شهدها العام 2014، فليست غير الوميض الأخير الذي يسبق الانطفاء الكامل.

على مستوى رقعتي المواجهة الأساسيتين في الشرق الأوسط (الحرب على سوريا، والملف النووي الإيراني، والقضية الفلسطينية) وفي أوكرانيا، تشير جميع المعطيات إلى أن مشروع الهيمنة يسير بخطى ثابة في اتجاه تراجعي. ولا يبدو أن قيام واشنطن وحلفائها بفتح جبهات جديدة في أنحاء أخرى من العالم كفيل بتغيير هذه المعادلة.

قوات اميركية

المغامرة النفطية الفاشلة
فما يمكن اعتباره صدمة نفطية مضادة ينكشف عن كونه مغامرة يائسة: الاستخدام السعودي، بإيعاز أميركي، لسلاح النفط، يلحق، على المدى القصير، أضراراً أكيدة باقتصادات روسيا وإيران وبلدان أخرى مناوئة لمشروع الهيمنة. لكنه لم يمنع هذه الاقتصادات من تقديم مساعدات مالية لا يستهان بها إلى سوريا. كما أن بلداناً كالصين (حليفة روسيا اقتصاديا وسياسياً وعسكريا) هي المستفيد الأول من هبوط أسعار النفط. وبهذا، تكون المغامرة السعودية الأميركية أشبه بانفجار قنبلة بين يدي من يحاول تفخيخها، خصوصاً عندما تنكشف الموازنة السعودية للعام القادم عن عجز في حدود 40 مليار دولار.

انتصار غزة والانتفاضة الثالثة
وبالتزامن مع المغامرة النفطية الفاشلة، شن الكيان الصهيوني، بالتنسيق الكامل مع واشنطن وحلفائها، حرباً جديدة فاشلة على غزة استمرت لخمسين يوماً دون أن تفلح في تحقيق غايتها. ورغم الخسائر البشرية والمادية الفادحة، خرج القطاع من الحرب أقوى مما كان وتوجهت حماس بالتحية إلى إيران التي لعبت، عن طريق المساعدات بالمال والسلاح والإعلام، دوراً ملموساً في تحقيق هذا الانتصار. ورداً على إجراءات التهويد والقمع الإسرائيلي، لاحت في الأراضي الفلسطينية المحتلة بوادر انتفاضة ثالثة. أما اللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية والاعترافات الأوروبية بالدولة الفلسطينية "العتيدة" فتنطوي على محاولات يائسة لحرف النضال الفلسطيني الجدي عن مساره.
النووي الإيراني، لا تراجع!
خيم الصمت المطبق على النتائج الحقيقية للجولة الماراتونية من المفاوضات حول الملف النووي الإيراني. ففي حين فسر تمديد المفاوضات لسبعة أشهر جديدة بأنه دليل على فشل المفاوضات، يرى مراقبون عديدون أن سبب التأجيل هو التشابكات بين النووي الإيراني والأوضاع السياسية في المنطقة، وخشية واشنطن من الاستياء الإسرائيلي-السعودي من تفاهمات جرى التوصل إليها فعلاً بين الطرفين الإيراني والأميركي. من هنا يكون التأجيل محاولة لاستدراج ظروف ملائمة للإعلان عن المكاسب التي حققتها إيران في المفاوضات.
الصين... في الطليعة
تم خلال قمة بلدان آسيا-الباسيفيكي توقيع اتفاقيات تجارية ضخمة بين الصين وروسيا بينها اتفاقية لتزويد الصين بالغاز الروسي بقيمة 400 مليار دولار. وجاءت هذه الاتفاقيات في سياق قيام بلدان البريكس بإنشاء بنك دولي للتنمية يحرر البلدان الفقيرة من الإملاءات التدميرية التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية. كما اتفقت هذه البلدان على إجراء مبادلاتها التجارية بعملاتها الوطنية، ما يعتبر ضربة موجعة لتحكم الدولار بالسوق الدولية. وكتعبير واضح عن أفول العصر الأميركي، تمكنت الصين من أزاحة الولايات المتحدة عن موقعها الذي احتفظت به طيلة قرن ونصف كأكبر قوة اقتصادية في العالم. وجاء فشل "ربيع هونغ كونغ" والمهاترات التي شهدتها قمة العشرين في بريسبان ليثبت عجز واشنطن عن كبح جماح الصعود الصيني والتقارب الصيني-الروسي.

تضعضع أوروبا

الأزمة الاقتصادية التي تضرب معظم بلدان أوروبا الناشئة عن أسباب منها الارتدادات السلبية للعقوبات المفروضة، بضغط أميركي، على روسيا، أسهمت في مفاقمة مشكلات كالنوازع الانفصالية (اسكتلندا، كاتالونيا)، ومطالبة الشارع بالخروج من الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. أما التعبيرات الأكثر خطورة عن الأزمة فتمثلت بالانتصارات المدوية التي حققتها أحزاب اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية.

المارد الأسود
أما الأزمة في الولايات المتحدة، فقد تجاوزت كل الخطوط الحمراء مع تفجر ما يشبه انتفاضة شاملة بعد تواتر أعمال القتل التي يتعرض لها السود الأميركيون على يد رجال الشرطة العنصريين. والجديد في الأمر أن الاحتجاجات لم تعد مقتصرة على السود، بل شملت قطاعات واسعة من البيض الذين يكتوون بنار التهميش والإفقار في ظل عربدة الرأسمال المتوحش.
الإجرام كسياسة
مراقبون كثيرون يعتبرون أن اليأس يدفع بالسياسات الأميركية نحو العمل من أجل دفع العالم برمته نحو آتون الحرب الشاملة، أقله لتلبية متطلبات تجار السلاح الأميركيين. هذا الجهد يتم عبر مسلكيات لا أخلاقية وإجرامية كتسليط القاعدة وبوكو حرام وفايروس إيبولا على شعوب إفريقيا لوضع اليد على خيرات هذه القارة المنكوبة، أو كالإسقاط المتعمد لطائرتين مدنيتن ماليزيتين تقلان مئات المسافرين بهدف إلصاق التهمة بروسيا وحلفائها، أو التحرش بطريقة رخيصة بكوريا الشمالية بهدف تسعير الأجواء في الشرق الأقصى، أو كاعتماد التجسس على الناس في العالم وعلى الأميركيين أنفسهم مع اعتماد التعذيب الوحشي كأسلوب عمل أساسي من قبل أجهزة الاستخبارات الأميركية.
وفي ظل لا أخلاقية السياسة التي يعتمدها الأميركي البشع، كان العام 2014 مميزاً على مستوى تفاقم أزمات النظام العالمي على مستوى الكوارث البيئية والطبيعية، والانتشار الواسع النطاق للمخدرات، وتجارة الرقيق، وجرائم القتل في الحقلين الأسري والاجتماعي، وكل ذلك وفق أجندات أميركية.