kayhan.ir

رمز الخبر: 12525
تأريخ النشر : 2014December30 - 21:16

قطر , مصر وتركيا – عربون المصالحة وقربان الغفران : فدو الاخوان ؟؟

لم تكن الحسابات التركية القطرية صحيحة حين لاح في الأفق ربيع العرب , فبدأت أحلام الامبراطورية الأخوانية تتراقص في أوهام هاتين الدولتين, فقامت بكل ما أوتيت من جهود لدعم تحركات الاخوان المسلمين لتسوق لما يسمى بالاسلام المعتدل كحل مناسب وبديل للانظمة التي تتهاوى.

منذ ذاك الحين, بدأت العلاقات القطرية المصرية بالخصوص, تتخذ منحى التحدي والصدام العنيف العلني , ففي مرحلة الحراك الشعبي لاسقاط نظام الرئيس المطاح حسني مبارك , لعبت قناة الجزيرة دورا تحريضيا وغطت المواجهات التي حصلت بين النظام المصري ورجاله وقوات الشرطة والمتظاهرين انذاك وزكت الصراع بشكل علني , بعدها دعمت حكم الاخوان والرئيس محمد مرسي وسوقت له اعلاميا قبيل الانتخابات المصرية التي تلت رحيل نظام مبارك, لتعيد التحريض بعد الاطاحة مجددا بحكم الاخوان فيما يعرف بمرحلة الفريق السيسي الرئيس الحالي للبلاد. هذا عوضا عن الفتاوى التحريضية الكبرى التي صدرت من القرضاوي الحائز على الجنسية القطرية والمتواجد على الاراضي القطرية والذي طالب باسقاط حكم مبارك والسيسي وكان الأب الراعي والمنظر للاخوان المسلمين.

استمر هذا التشنج والخلاف في التزايد , الى أن دخلت قطر مرحلة تكتيك سياسي جديد , حيث اشتمت رائحة تسوية تطل على المنطقة. فبعد وصول الملف السوري الى حائط مسدود واصبحت الاطالة بالازمة السورية تلقي بظلالها على معظم الدول العربية عبر ملف الارهاب الذي انعكس سلبا على صانعيه , وبات يهدد الدول الداعمة والمصدرة له, فضلا عن ملف النازحين الذي يلقي بثقل اقتصادي وامني واجتماعي كبير جدا.

سقوط رهان قطر وتركيا في ملفات متعددة على مشروع الاخوان :

كل هذا وسط فشل رهان كل من كان يجهد لاسقاط النظام السوري. فبعد مرور سنوات على الازمة تكشف يوما بعد يوم عن أن استمرارها في ظل تقدم النظام السوري ميدانيا وتسجيله في المرحلة الاخيرة تقدما استراتيجيا في مناطق حلب وحمص التي تكاد تنجز لصالح النظام , وثباته في دمشق والريف ومناطق الجنوب في درعا. كل هذا دفع بالدول المعادية التي راهنت على الملف السوري وسقوط النظام الممانع للعمل على الالتفاف على هذا الثبات ومنع المزيد من التقدم للنظام السوري, الذي ينعكس مزيدا من الضعف على طاولة المفاوضات للاطراف التي تجهد للاطاحة به عبر دعم التيارات التكفيرية المعادية له.

قطر الدولة التي بدات تدرك أن امجادها وطموحها لم ولن يتحقق , في ظل تردي وضع الاخوان المسلمين في سوريا وسيطرة التيارات السلفية المتشددة , وفي مصر حيث تعرض هذا التيار للتضييقات ووضعت ابرز قياداته في السجون السيسية أو تحت الاقامة الجبرية , وخسر الحكم الذي استرقه اصلا من ايدي ثورة شبابية وشعبية غيب ابرز رموزها عن الساحة السياسية قسرا من قبل مرسي والاخوان الذين انتهزوا فرصة سقوط النظام في ظل جهود تيارات شعبية وسياسة ضخمة كان لها الحصة الاكبر من الجهد والتضحيات والحصة الاقل من التمثيل الذي يصل الى شبه الانعدام , وجاراهم السيسي بعدها في سياسة الاقصاء لتصبح الثورة المصرية والحراك في اتجاه اخر وتتخذ شكلا اخر.

اذن قطر الدولة الطامحة , ادركت أن حكم الاخوان ومجدهم لن يعود الى الوراء وأن مصر دولة عربية لها تأثيرها في ملفات وازنة كالملف الفلسطيني والملف السوري , حيث تحاول الأخيرة لعب دور وسطي , يساهم في التوصل الى اتفاق حول الملف السوري للخروج من الازمة في مسار وسطي تريد فيه مصر انتزاع عائدات سياسية من المحورين الامريكي وحلفائه من جهة والايراني الروسي وحلفائه من جهة أخرى.

ويزيد التقارب الامريكي السعودي من جهة والسعودي الاسرائيلي من جهة اخرى وقع الحراك السياسي القطري نحو مصر, خصوصا بعد الهدية التي قدمتها السعودية للحليف الامريكي للضغط على روسيا وايران عبر الملف النفطي. هذا التقارب حرك الحكومة القطرية بايعاز تركي ايضاً, لمحاولة استعادة دورها مع الامريكي في المنطقة بعد تراجع الثقة الامريكية بجدوى السياسة القطرية والتركية وسقوط مشروع اردوغان , لهذا صدر تصريح مصري وتركي بوجود وساطة من دولة , هي قطر , للعمل على اعادة التقارب والتفاهم بين البلدين بعد سنوات القطيعة والتصادم.

اخر مستجدات العلاقة :

ففي الايام الأخيرة , قام رئيس جهاز الاستخبارات القطري، الشيخ أحمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني، بزيارة خاطفة الى القاهرة كشفت عنها المصادر الأمنية في القاهرة. جرى خلال المباحثات العمل على إمكانية عقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الرياض مطلع العام الجديد , يمهد لفتح ثغرة في الجمود الذي شاب العلاقات بين البلدين من جهة , وكذلك التوسط لاعادة تحسين العلاقات المصرية التركية. وحسب مصادر مطلعة , لم تخرج الزيارة بنتائج محددة بقدر ما ركز خلالها على ضرورة اتخاذ خطوات عبر عنها بحسن النيات.

جولة المفاوضات التي حصلت , قادها رئيس المخابرات المصرية الجديد خالد فوزي وبدا الجانب المصري الأمني متمسكاً بالمطالب السابقة وربما اكثر تشدداً في المطالبة بوقف اي دعم مالي او سياسي او اعلامي او عسكري لجماعة الاخوان المسلمين وتسليم المطلوبين من قيادات الاخوان اللاجئين الى الدوحة ومن بينهم الشيخ يوسف القرضاوي بوصفه صاحب فتاوى تحريضية ضد النظام في مصر. واضافت المصادر ان السلطات الأمنية المصرية , ابلغت مطالبها صراحة وبقوة بعيدا عن اية لغة دبلوماسية وهي إما أن يكون هناك تعاون لوقف التحريض الكامل ضد الرئيس السيسي ومصر وإما العودة الى نقطة الصفر..

قطر, واعادة قراءة العلاقات مع مصر, والفدو الاخواني :

هي قطر وصديقتها تركيا واسلامهما المعتدل, في قراءة لمتغيرات سياسية جديدة تلوح في الافق , تحاولان طوي مرحلة سياسية تصادمية وتحريضية , مارست فيهما الاخيرتان دورا هجومياً علنيا في مواجهة النظام المصري السابق والحالي. نجدها اليوم تظهر في المنطقة بلباس تفاهمي تقاربي , تماشيا مع سياسة الامريكي , حيث تريد الدولتان الالتفاف على ما حصدته من فشل وخيبة في ملفات أقليمية خسر رهان اقامة امبراطورية اخوانية فيها.

هما اليوم , تسارعان للانفتاح على النظام المصري الحالي وتسول الغفران , لفتح باب علاقات سياسية جديدة , فقطر تشهد مرحلة افول نجمها السياسي في ظل تصاعد لدور السعودية , وكذلك تركيا في مرحلة حرجة حيث ينتظرها وفق تحاليل سياسية واستخباراتية تتناولها الوسائل الاعلامية, متغيرات كبرى داخلية لن تكون بردا وسلاما ً عليها أبداً , ليست الا ارتدادا لسلوك سياسي مارسته حكومة اردوغان طيلة سنوات من الربيع العربي النازف.

الحل لهذه الازمات, هو الوسيط المصري الذي يسوق لنفسه كطرف وسطي بين محورين متصادمين , في لعبة سياسية يمارسها نظام الرئيس السيسي , كل هذا وقربان الانفتاح الجديد لن يكون الا عنوان الامبراطورية الضائعة , تيار الاخوان المسلمين الحلقة الأضعف , المطلوب منه لعب دور الفدو قسراً, حيث وضع اسم القرضاوي على لائحة الارهاب من دون الاستنكار القطري مع ما يرافقه هذا من اجراءات ستتخذها قطر بحق قناة الجزيرة , فضلا عن الاستغناء في قادم الايام , عن دعم تيار الاخوان المسلمين الورقة التي انتهت صلاحيتها في حسابات قطر وتركيا.

هم الاخوان ومشروع الاطماع الذي وضعهم على طاولة الرهان التركي القطري , إنه حلف المصالح الذي إن جمع يوماً سيفرق اياما , وهي العلاقة المصرية التركية القطرية , بعد جولة من الصراع , تجد السياسة دائما لباس الممكن الوحيد , تشق طريقها سياسياً للتقارب في عشاء مائدته من لحم الفدو الاخواني..

* عن موقع الوقت الاخباري التحليلي