kayhan.ir

رمز الخبر: 12461
تأريخ النشر : 2014December29 - 20:51

أميركا تنفي والأردن يتخبط و’داعش’ يحتفل

حمزة الخنسا

جاء حادث سقوط المُقاتلة الأردنية العاملة في إطار قوات التحالف الدولي، في مدينة الرقة السورية، وأسر قائدها من قبل عناصر تنظيم "داعش”، في لحظة سياسية وعسكرية خانقة بالنسبة للتنظيم الإرهابي الذي كان بحاجة الى "نصر” مستعجل يرفع به معنويات مسلّحيه. المعنويات مطلوبة خصوصاً بعد التقدّم الذي أحرزه الجيش السوري في أكثر من محور.

الطيار الأردني معاذ الكساسبة

لم تعد أهمية الحدث محصورة بواقعة سقوط الـ”أف 16” الأردنية، بل في كيفية ذلك. ما فتح باب النقاش حول الارتفاع الذي كانت تحلّق فيه قبل سقوطها. من شأن الحسم في مسألة الارتفاع، الحسم أيضاً في أسباب السقوط. إذ لا يملك "داعش” وأخواته الأسلحة القادرة على إسقاط مقاتلات من طراز "أف 16” إذا كانت تحلّق على ارتفاعات طبيعية ومرتفعة، لكنه يسيطع ذلك إن كان التحليق على علو منخفض. غير أن تقارير إعلامية أجنبية أدخلت احتمالاً جديداً الى فرضيات السقوط، بإشارتها الى هوية قائد الطائرة، وتركيزها على ميوله العقائدية، وتساءلت: هل أسقطت "الأردنية” أم هبطت؟

منخفض أم مرتفع؟

فور شيوع خبر سقوط المقاتلة الأردنية وأسر طيّارها، نشطت مجموعات من "المحلّلين” العسكريين والاستراتيجيين، عبر الفضائيات والمواقع الإلكترونية، للترويج لمعلومة مفادها أن "الأردنية” كانت تحلّق على علو منخفض بعد تنفيذها لغارتين على أهداف في الرقة، قبل أن يتم إسقاطها بنيران "داعش”.

غير أن تقارير أولية لفتت الى أن المقاتلة الأردنية لم تكن تطير على ارتفاعات منخفضة بخلاف ما تم تناقله عبر بعض وسائل الإعلام، بل كانت على ارتفاعات عالية. أكّدت هذه التقارير أن القيادة المركزية لقوات التحالف الدولي أصدرت منذ أولى العمليات التي شنّتها ضد "داعش” في سوريا والعراق، أمراً بحظر الطيران على ارتفاعات منخفضة. وأوضحت أن جميع عمليات القصف أثناء الغارات التي تشنّها قوات التحالف تتم من ارتفاعات متوسطة وعالية حصراً، الأمر الذي يجعل من احتمال أن يكون قائد الـ”أف 16”، الضابط الأردني معاذ الكساسبة، يطير على علو منخفض، محل تساؤل وتحقيق.

كيف يمكن إسقاط الــ”أف 16”؟

يقول مختصون في الشأن العسكري إن "داعش” يمتلك عدّة أنواع من الصواريخ الحرارية التي يمكنها إسقاط طائرات من طراز "أف 16”، شرط أن يكون تحليقها على علو منخفض. ومن المعلوم أن عناصر "داعش” كانوا قد استولوا على كميات من الصواريخ الحرارية بعد سيطرتهم على مخازن أسلحة تابعة للجيشين السوري والعراقي، منها صواريخ من طراز "ستريلا” و”كوبرا”.

الطيار الأردني معاذ الكساسبة

هذه الصواريخ يصل مداها في الرمي عمودياً الى نحو 3200 متر، وأفقياً الى نحو 4200 متر. الأمر يعني أنها قد تصيب الـ "أف 16” إذا كانت على علو منخفض جداً. علماً أن أقصى ارتفاع يمكن أن تبلغه هذه الطائرة هو 15200 متر، وتصله بسرعة دقيقة واحدة فقط. لذلك، فإن السلاح الوحيد القادر على إسقاطها في تحليقها بالارتفاع الطبيعي، هو منظومات الدفاع الجوي، وعلى رأسها منظومة "إس 300”. حكماً، لا يملك "داعش” مثل هذه المنظومات.

أميركا تنفي

وعند إعلان "داعش” عن سقوط "الأردنية” وأسر قائدها، سارعت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) الى نفي أن يكون التنظيم الإرهابي هو مَن أنجز المهمة. قالت إن الدلائل تؤكد أن "داعش” لم يكن وراء إسقاط الطائرة الحربية الأردنية بمدينة الرقة السورية، وإن الطائرة تحطمت في محيطها، لكنها لم تذكر أسباب تحطّمها.

وقالت القيادة الأميركية الوسطى، التي تشرف على عمليات التحالف الجوية فوق العراق وسوريا، في بيان إن "الأدلة تشير بوضوح إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لم يسقط الطائرة كما يقول هذا التنظيم الإرهابي”.

الأردن: تخبّط رسمي

وظهر الارتباك في تصرّفات الجهات الرسمية في الأردن حيال الحادث. في بادئ الأمر، أكّدت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية إسقاط إحدى طائرات سلاح الجو الملكي، أثناء قيامها بـ”مهمة عسكرية ضد أوكار تنظيم داعش الإرهابي في منطقة الرقة السورية”، وأقرّت، في بيان أنه "تم أخذ الطيّار كرهينة من قبل تنظيم داعش الإرهابي.”

كما أكّد المتحدث باسم الحكومة الأردنية محمد المومني عملية الإسقاط، وقال في تصريح إن المقاتلة الأردنية أسقطت بعدما استهدفتها صواريخ أرضية. وأضاف أن محاولة لإنقاذ الطيار قبل أسره فشلت، دون أن يعطي تفاصيل.

لكن الأردن الرسمي غيّر موقفه لاحقاً. وتزامناً مع صدرو النفي الأميركي، قال المومني لوكالة "رويترز” إن "تقييمات جديدة أظهرت أنه لا يوجد مؤشر على أن الطائرة أسقطت بنيران مقاتلي تنظيم الدولة (داعش)”. وأضاف أن السلطات الأردنية "اعتقدت في البداية أن الطائرة ربما سقطت بنيران معادية، لكن لم يمكن تأكيد ذلك”.

وواكب النائب العام الأردني الموقف الرسمي لبلاده. أصدر قراراً يقضي بحظر نشر أي أخبار أو صور يبثها تنظيم "داعش” من شأنها الإساءة للطيّار الأسير. وجاء في البيان: "يحظر نشر أي تحليلات عسكرية تخص القوات المسلحة الأردنية بهذا الشأن وذلك تحت طائلة المسؤولية”.

الكساسبة

أظهرت الهوية العسكرية للطيار الأردني، معاذ الكساسبة، التي تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أنه من مواليد 29/5/1988، وحصل على شهادته العسكرية بتاريخ 15/5/2014، أي أنه حصل على إجازته العسكرية قبل خمسة أشهر من بداية ضربات التحالف.

وقد ناشد جواد الكساسبة، شقيق الضابط الأردني الطيّار، معاذ الكساسبة، "داعش” إطلاق سراح شقيقه. وقال لـ" CNN"إن "الشاب معاذ من المصلين ومن الصائمين ويخاف الله، لا يطير إلا ومصحفه بيمينه.. نرجو من الله العلي القدير ومن إخواننا في الدولة الإسلامية أن تكون عوناً وسنداً لأخينا معاذ، ويعيدوه سالماً غانماً، فهو والله جندي مأمور لا يملك من أمره شيئاً.. نرجو من الله فك أسره ورحمة والديه”.

وعلّقت تقارير صحافية أجنبية على كلام شقيق الطيّار، وركّزت على الشق المتعلّق بهويته العقائدية، متسائلة إن كان ذلك سبباً كافياً يجعل مما يثار عن "تعاطفه مع "داعش” وانشقاقه عن التحالف”، أمراً حقيقياً.

اذاً، في المحصلة تحوم شكوك قوية حول سبب سقوط الطائرة وهو ما لم يتعرض له اي من المعنيين ان كان في ادارة التحالف او الادارة العسكرية الاميركية او حتى السلطات الاردنية ما يفتح باب التساؤلات عما حصل مع الطيار الاردني على مصراعيه.

الـ "أف 16”

الطائرة التي كان يقودها الطيار الأردني معاذ الكساسبة، الذي وقع أسيراً بيد "داعش” بعد سقوطها، هي من طراز "فايتنغ فالكون f16”. وهي طائرة مقاتلة خفيفة من مقاتلات الجيل الرابع، من إنتاج شركتي "لوكهيد مارتن” و”جنرال داينمكس” الأميركيتين، وواحدة من أهم الطائرات المقاتلة التي ظهرت في الجزء الأخير من القرن العشرين، وتم تطويرها أساساً انطلاقاً من مفهوم تطوير طائرة مقاتلة تجريبية خفيفة الوزن، وتطوّرت إلى أن أصبحت طائرة مقاتلة لجميع الظروف الجوية وطائرة هجومية دقيقة الإصابة للأهداف، وتملك قدرة عالية على المناورة.