kayhan.ir

رمز الخبر: 124545
تأريخ النشر : 2021January03 - 19:50

الاتفاق التجاري بين تركيا وبريطانيا في مرحلة ما بعد "البريكست"

الوقت- بعد أربع سنوات من المفاوضات حول عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي جاءت نتيجة استفتاء 23 حزيران 2016، حيث اتفقت لندن وبروكسل في 24 كانون الأول 2020 على القواعد التي تحكم علاقات ما بعد خروج بريطانيا من هذا الاتحاد. لكن في الوقت نفسه، كان أحد الاتجاهات في السياسة الخارجية البريطانية على مدى الأشهر القليلة الماضية هو تركيز الحكومة البريطانية على زيادة مستوى علاقاتها بمعزل عن أوروبا، وخاصة في المحيطين الهندي والهادئ وأمريكا وأستراليا وغرب آسيا وحتى إفريقيا.

وفي سياق ذلك، كانت تركيا من الدول التي اعتبرتها الحكومة البريطانية في الخطوة الأولى بعد توقيع الاتفاقية التجارية الجديدة بين لندن والاتحاد الأوروبي. وفي هذا الصدد، وبحسب إعلان وزيرتي التجارة التركية والبريطانية، تم توقيع اتفاقية تجارة حرة بين البلدين في 29 ديسمبر 2020 . وهنا يطرح السؤال التالي، ما هي أبعاد اتفاقية التجارة الجديدة بين لندن وأنقرة، وما هي أهداف تركيا وبريطانيا؟

التجارة في نطاق خال من التعرفة الجمركية

في الأساس، يمكن اعتبار اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين بريطانيا وتركيا - والتي تدخل حيز التنفيذ اعتبارا من 1 يناير 2021 - هي نتيجة للمفاوضات بين الجانبين في السنوات التي أعقبت الاستفتاء على الخروج، أي الفترة التي أعقبت محاولة لندن تحديد مناطق تجارية جديدة في حدود خارج أوروبا. وتعتبر هذه الاتفاقية واحدة من أكبر الاتفاقيات التجارية بين أنقرة والاتحاد الأوروبي منذ الاتحاد الجمركي عام 1995.

ويمكن اعتبار الهدف الأساسي لإبرام اتفاقية التجارة الحرة بين الطرفين هو من أجل الحفاظ على المستوى الحالي للعلاقات التجارية وتطورها. حيث نمت العلاقات التجارية بين لندن وأنقرة بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، وبعد استفتاء الخروج، بلغت التجارة بين البلدين حاليا 16.3 مليار دولار، وذلك بحسب رئيس المجلس الاقتصادي التركي البريطاني عثمان أوكياي. ومن المتوقع أن يرتفع هذا المعدل إلى 20 مليار دولار بحلول عام 2023 ، لكن النقطة اللافتة هي أن حصة الصادرات التركية إلى بريطانيا تبلغ 11.2 مليار دولار ، أي ما يعادل ثلثي إجمالي حجم التجارة الحالي بين البلدين. وهذا يعني وجود ميزان تجاري إيجابي لصالح أنقرة في تجارتها مع لندن.

يشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين تركيا وبريطانيا في عام 2018 بلغ 18 مليار ونصف المليار دولار وفي عام 2019 بلغ 16 مليار دولار. لكن في الاتفاقية الجديدة ، يبدو أن البلدين يهدفان إلى تطوير علاقاتهما التجارية بدون رسوم جمركية. وفي هذا الصدد، أكدت وزيرة التجارة التركية أنه "بهذه الاتفاقية، يتم الحفاظ على إنجازات الاتحاد الجمركي خلال 25 عاما، ويتم اتخاذ الخطوة الأولى نحو تعزيز العلاقات". بدورها قالت وزيرة التجارة البريطانية ان "الغرض من هذه الاتفاقية، في المقام الأول، هو الحفاظ على ظروف التجارة القائمة بين البلدين، كما ستوفر الاتفاقية الظروف لتوظيف آلاف الأشخاص في مختلف الصناعات، بما في ذلك التصنيع والسيارات والمعادن".

والملاحظة اللافتة هنا هي أنه قبل هذه الاتفاقية، كان يتم فرض ضرائب على 75٪ من الصادرات التركية إلى بريطانيا، مما يعني أنه من إجمالي صادرات أنقرة البالغة 11 مليار دولار، تم خصم حوالي 2.4 مليار دولار بسبب الضرائب، لكن في الوضع الجديد يمكن للبلدان ان يكون بينهما مبادلات تجارية دون القلق بشأن الضرائب والتعريفات الجمركية، والذي بدوره يمكن أن يؤدي إلى رغبة المزيد من الشركات وأصحاب الصناعات للاستثمار المتبادل.

تركيز بريطانيا على خارج أوروبا وتركيز تركيا على الدبلوماسية الموجهة نحو الاقتصاد

في ظل الأوضاع التي أثرت فيها كورونا على الاقتصاد العالمي بأكمله، تضررت بريطانيا وتركيا أيضاً إلى حد كبير جراء ذلك، لذلك تسعيان لتعويض العجز في وضعهما الاقتصادي وعملية التصدير. وفي سياق ذلك، وقعت بريطانيا اتفاقيات تجارية مع 62 دولة قبل انتهاء فترة البريكست في الأول من يناير. حيث تعد الاتفاقية مع تركيا خامس أكبر اتفاقية تجارية بعد الاتفاقية مع اليابان وكندا وسويسرا والنرويج. في الواقع، في فترة ما بعد البريكست، سعت بريطانيا إلى تحويل تركيزها إلى مناطق خارج أوروبا، وخاصة منطقة المحيطين الهندي والهادئ .

وفي هذا الصدد، نرى أهم دليل يؤكد هذه المسألة حين قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك روب في 28 ديسمبر 2020، " نسعى الى ابرام اتفاقيات تجارية من أستراليا إلى أمريكا وفي النهاية كل العالم خاصة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، والتي هي إحدى الأسواق الكبيرة والنامية ايضاً". كما أعلنت وزارة الخارجية البريطانية ان رئيس الوزراء بوريس جونسون سيتوجه في يناير 2021، إلى الهند للقاء نظيره ناريندرا مودي لبحث القضايا الاقتصادية.

كما أن تركيا التي تضررت اقتصاديا بشدة من وباء كورونا خلال العام الماضي، خاصة في قطاع السياحة ، تسعى إلى زيادة تجارتها وصادراتها عالميا. وبينما حددت أنقرة توقعات تصدير بقيمة 200 مليار دولار حتى عام 2025، بلغت صادرات هذا البلد حوالي 166 مليار دولار العام الماضي.