بوالارد قصة خيانة إسرائيلية لصديقتها أمريكا...ما الذي ينتظره المطبعون من كيان غادر!
الوقت- إذا كان قادة الدول العربية المطبعين والرجعيين متفائلين بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، فمن المتوقع على الأقل أن يظهروا تشاؤمهم تجاه الصهاينة بسبب هدية ترامب الأخيرة لنتنياهو.
الرئيس الأمريكي المثير للجدل، الذي لم يدخر أي وسيلة حتى الآن للفوز بقلب حكومة نتنياهو اليمينية، قام في آخر خطوة بالسماح للجاسوس جوناثان بولارد بمغادرة أمريكا، الجاسوس الذي سُجن لمدة 30 عاماً في الولايات المتحدة بتهمة التجسس لمصلحة إسرائيل. وصل برفقة زوجته، صباح الأربعاء 31 كانون الثاني إلى فلسطين المحتلة.
تم إطلاق سراح هذا الجاسوس من السجن عام 2015 ، لكنه أُجبر منذ ذلك الحين على البقاء في الولايات المتحدة لمدة خمس سنوات وكان إطلاق سراحه مشروطًا، لكن ترامب الذي سيتعين عليه مغادرة البيت الأبيض في أقل من 20 يوما، سمح للجاسوس الإسرائيلي بالمغادرة وأرسله إلى نتنياهو ليجعل قائمة خدماته للكيان الصهيوني أكثر اتساعاً وطولاً.
يعتبر اطلاق سراح جوناثان بولارد، الأحدث في سلسلة هدايا دونالد ترامب الدبلوماسية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي. بنيامين نتنياهو الذي هو في وضع ضعيف للغاية في الفترة التي تسبق الانتخابات العامة في مارس، يمكنه أن يستخدم اطلاق سراح بولارد كسلاح في المعركة الانتخابية.
التجسس على الأصدقاء
كان جوناثان بولارد موظف مدني في قطاع أمن البحرية الأمريكية، ففي الثمانينيات باع وثائق عسكرية وسرية لإسرائيل أثناء عمله في وزارة الدفاع الأمريكية. واعتقل عام 1985 في واشنطن بعد محاولة فاشلة لطلب اللجوء السياسي في السفارة الإسرائيلية وأقر بالتهم الموجهة له أثناء الاستجواب والمحاكمة.
حُكم على جوناثان بولارد بالسجن المؤبد، وعارض كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين الأمريكيين إطلاق سراحه دائما. لكن أطلق سراحه في 20 نوفمبر 2015 ، لمدة خمس سنوات مشروطة. وفي نهاية هذه الفترة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، سمحت له إدارة ترامب بمغادرة أمريكا ؛ فلو لم يسمح له ترامب بالمغادرة، لربما كان عليه البقاء في الولايات المتحدة.
صحيفة اسرائيل هيوم، المملوكة من قبل شيلدون أديلسون هي اول من اعلن وصول جوناثان بولارد إلى إسرائيل. ووفق الصحيفة ، فإن رحلة بولارد على متن طائرة خاصة كانت ضرورية بسبب الحالة الصحية لزوجته المصابة بالسرطان.
وتشير معلومات تتبع الرحلات الجوية إلى أن طائرة بوينج 737 ، المملوكة لإحدى شركات شيلدون أديلسون ، طارت من مطار نيوآرك في ضواحي نيويورك وهبطت في مطار بن غوريون الدولي في ضواحي تل أبيب.
وفي هذا الصدد، قال إيفي لاهاو رئيس مجموعة كانت تعمل من أجل إطلاق سراح بولارد ، إنهم فضلوا أن تكون رحلتهم إلى إسرائيل دون أي ضجة اعلامية. وقال لوكالة أسوشيتيد برس: "السبب في ذلك لم يكن تحدياً لأي شخص، وخاصة الحكومة الأمريكية". ووصف وصول بولارد إلى إسرائيل بأنه حدث تاريخي.
صورة الصهاينة المشوهة
شوهت قصة تجسس بولارد بشدة بصورة الصهاينة في الولايات المتحدة وأثرت على العلاقات بين البلدين لسنوات قبل تولي ترامب منصبه. ومع ذلك ، لطالما دعم السياسيون الصهاينة اليمينيون بولارد ، وقد أدى ذلك إلى مزيد من الشكوك بين النشطاء السياسيين في الولايات المتحدة حول الأنشطة والأعمال الصهيونية.
طوال السنوات القليلة الماضية، كلما كان هناك حديث عن علاقة بين واشنطن وتل أبيب فكان النظر في سجل الجاسوس بولارد يلقي بظلاله على جانب من تلك العلاقات، وكان يرافق هذه العلاقات نوع من التشاؤم الداخلي في الولايات المتحدة.
تفاؤل المطبعين العرب
واللافت أن قصة إطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي في الولايات المتحدة تزامنت مع سلسلة من التطورات التي تتبعها بعض الدول العربية في المنطقة تحت مسمى تطبيع العلاقات مع تل أبيب.
نظراً إلى انعدام الثقة على نطاق واسع في العلاقات الأمريكية الصهيونية المتأثرة من تجسس تل أبيب على واشنطن، هل الدول العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني متفائلة حقاً في تأمين أمنها الداخلي من خلال التطبيع؟
حتى قضية بولارد ليست قضية التجسس الأولى والأخيرة في تل أبيب ضد الولايات المتحدة، وتؤكد الأخبار الرسمية أنه حتى خلال ولاية ترامب كأقرب رئيس أمريكي لإسرائيل في السنوات الأخيرة، استمر التجسس الصهيوني في واشنطن بصورة أكبر.
ففي العام الماضي، نقل موقع "بوليتيكو" عن مسؤولين سابقين بالحكومة الأمريكية قولهم إن إسرائيل قامت بتركيب أجهزة تجسس بالقرب من البيت الأبيض وبعض المناطق الحساسة في العاصمة.
ويقول التقرير إن العديد من المسؤولين السابقين في الحكومة الأمريكية قالوا إنه خلال رئاسة دونالد ترامب، تجسست إسرائيل على واشنطن من خلال تركيب أجهزة تجسس على الهواتف المحمولة بالقرب من البيت الأبيض ومواقع حساسة أخرى في واشنطن. ان هذه الأجهزة المعروفة باسم "أجهزة استقبال هوية المشتركين في الهواتف المحمولة الدولية" ، قادرة على استقبال محتوى المكالمات وبيانات الإنترنت المستخدمة. ووفقا للتقرير، تم تركيب أجهزة التجسس المصغرة هذه قبل عامين بالقرب من البيت الأبيض وأماكن حساسة أخرى في العاصمة بهدف التجسس على ترامب وكبار نوابه ومقربيه.
وفي ذلك الوقت ايضاً قال مسؤول كبير سابق في الاستخبارات الأمريكية إن مسؤولية الإسرائيليين في هذا الأمر قد تم اثباتها بالكامل. في الواقع، التجسس على جميع الدول، حتى أمريكا، هو جزء من استراتيجية استخبارات الكيان الصهيوني النابعة من الأيديولوجية الصهيونية.
إذن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، لماذا الحاجة إلى التجسس في ظل تبادل المعلومات والتحالف الاستراتيجي القائم بين الكيان الصهيوني وحلفائه ومنهم أمريكا؟
يعتقد الكثيرون أن سلوك التجسس الصهيوني متجذر في فكرهم وأهدافهم لبناء دولة صهيونية كبيرة ، وليس لديهم حدود في هذا الاتجاه للعمل حتى ضد حلفائهم ، وحتى أمريكا ليست في مأمن من تصرفات الجواسيس الصهاينة. فما بالك بالدول العربية!
في المجال السياسية يبحث الصهاينة دائما عن جواسيس من مختلف الدول لكي يطلعوا على التوجهات والآراء وليكونوا قادرين على التأثير في الرأي العام ومراكز الفكر وصنع القرار في باقي الدول، سواء هذه الدول في الغرب أم في الشرق أو في الدول العربية أو غير العربية!
وعلى عكس التفاؤل الوهمي لدى بعض القادة العرب بشأن تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، فقد وقع هؤلاء عن قصد أم غير قصد بعد تطبيع علاقاتهم مع تل أبيب، في شباك الاستخبارات والتجسس الصهيوني، وربما بات مستقبل ووجود الدول العربية المطبعة التي تعتبر في الحلم الصهيوني جزءاً من دولة إسرائيل الكبرى الخيالية، بات معرضاً لأكبر التهديدات، رغم أنه مستبعد أن يكون لدى القادة العرب المطبعين فهم وإدراك كاف لهذه التهديدات ضد وجود بلدانهم.