kayhan.ir

رمز الخبر: 12386
تأريخ النشر : 2014December28 - 21:11

الطائفية حربة الإستكبار ضد إيران.. جيش الصحابة مثالاً

منيب السائح

اصبح من المؤكد للدوائر الغربية بشكل عام وامريكا بشكل خاص ان الثورة الاسلامية التي انتصرت في ايران عام ١٩٧٩، هي اكبر تهديد للمصالح الاستكبارية وغير المشروعة للغرب وامريكا في المنطقة، لما تحمله من فكر تحرري بعيد كل البعد عن الطائفية، يعتمد مبادىء الاسلام المحمدي الاصيل سلاحا لاستنهاض همم الشعوب الاسلامية التي لاقت الامرين على يد الانظمة الدكتاتورية التي تكتم على انفاسها وعلى يد الغرب الذي كان يدعم بكل ما اوتيه من قوة هذه الانظمة الاستبدادية، فكان لابد من الوقوف في وجه انتشار الافكار التحررية لهذه الثورة بأي وسيلة كانت.

ولما كان الشعب الباكستاني، بحكم العلاقات التاريخية والثقافية المشتركة وبحكم وجود ثقافة سياسية اسلامية متجذرة بين ابنائه، اكثر شعوب المنطقة تاثرا بالثورة الاسلامية في ايران، حيث اعلنت شخصيات باكستانية ومن مختلف المذاهب الاسلامية عن دعمها وتاييدها للثورة الاسلامية، حتى قيل ان باكستان هي البلد المرشح ان يشهد ثورة اسلامية بعد ايران، ولما كانت امريكا قد خسرت قاعدتها الاكبر في المنطقة وهي ايران بسبب الثورة الاسلامية، كان لابد من العمل على وقف موجة هذه الثورة التي انطلقت من ايران واخذت تصل الى باكستان والعديد من دول المنطقة، فكان افضل وسيلة للوقوف امام هذه الثورة وتحجيمها هو رفع سلاح "الطائفية” البغيض في وجهها.

مع بدايات عقد الثمانينيات من القرن الماضي كانت مختبرات الاستخبارات الامريكية والباكستانية وبدعم مالي سعودي واماراتي، قد انتهت من توليد كائن طائفي ممسوخ اطلق عليه اسم "جيش الصحابة”، مهمته اشعال فتنة طائفية في المجتمع الباكستاني، حيث تم الاعلان عن الهدف الرئيسي لهذا التنظيم، الذي تحركه افكار وهابية في غاية التطرف والعنف والقسوة، وهو القضاء على جميع المسلمين الشيعة في باكستان، حيث قتل هذه التنظيم الارهابي منذ زرعه في باكستان وحتى اليوم اكثر من ٤٠٠٠ مواطن باكستاني شيعي، عبر تفجير السيارات والعمليات الانتحارية والاغتيالات، ولم يفلت من تكفيري "جيش الصحابة” الاطفال والنساء والشيوخ، فكان هدفهم القضاء على الشيعة في باكستان وبشكل كامل.

اعلاميا رُوج ان حق نواز جهنكوي هو من اسس "جيش الصحابة” في مدينة جهنك من ولاية البنجاب، وقد قتل في عام ١٩٨٧، وتولي بعده ايثار الحق قاسمي زعامة التنظيم لكنه قتل هو الآخر في عام ١٩٨٨. واصبح اعظم طارق زعيما ل”جيش الصحابة” ، وفي عام ٢٠٠١ قررت الحکومة الباکستانية حظر "جيش الصحابة”، ولکنّ التنظيم استمر في مسلسل جرائم القتل والاغتيالات بعد خمسة أشهر من هذا القرار تحت عنوان جديد وباسم "ملت اسلاميه” وحصل على مبالغ طائلة من أتباعه ومؤيديه في الخارج. وفي ١٥ نوفمبر عام ٢٠٠٣ م أعلنت الحکومة الباکستانية عن منع نشاط هذه الجماعة أيضاً. وفي عام ٢٠٠٣ قتل أعظم طارق، على يد قوات الامن الباكستانية.

التمويل الرئيس ل”جيش الصحابة” يأتي من السعودية والاثرياء في الخليج الفارسي وفي بعض الاحيان يتلقي الدعم المالي من المجموعات المتطرفة المحلية مثل "الجماعة الاسلامية” وجماعة العلماء الاسلاميين” وغيرها من الجماعات التي تشاطرهم في العقيدة.

في البداية كان "جيش الصحابة” يدعي انه يريد التصدي للاهانات التي كان يوجهها بعض المسلمين الشيعة للصحابة، ومن ثم اخذ يطالب بالتصدي لمواکب العزاء التي كانت تخرج في ذكرى استشهاد الإمام الحسين(عليه السلام) في شهر محرم الحرام. وقد طلبت مجلة "الخلافة الراشدة” التابعة ل”جيش الصحابة” مرات عديدة طيلة سنوات صدورها من الحکومة الباکستانية، انهاء هذه المظاهر الدينية وازالة جميع الحسييات والمراکز الشيعية ومنع إقامة مراسم العزاء للإمام الحسين(عليه السلام) في جميع المدارس والجامعات، ومن ثم اخذ يهدد بالقضاء على المسلمين الشيعة في باكستان، وقام بتنفيذ هذا التهديد.

في اواسط عقد التسعينيات من القرن الماضي وتحديدا عام ١٩٩٦ خرج من رحم "جيش الصحابة” تنظيما اكثر عنفا وتطرفا وهو "جيش جانجوي” بزعامة المتطرف رياض بصرة. وبدأ التنظيم أعماله الإرهابية عقب تأسيسه مباشرة باستهداف القيادات الشيعية والمسؤول الحكوميين. وتقول إحصائيات الشرطة أنه بحلول عام ٢٠٠١ كان جيش جانجوي قد تورط في ٣٥٠ حادثة اغتيال ضد قيادات شيعية وغيرها من العمليات الإرهابية في مختلف أنحاء باكستان.

وينظر إلى جيش جانجوي على أنه تابع ل”جيش الصحابة” رغم نفي قيادات الاخير أية علاقة لها بجيش جانجوي، ولكن الحقائق تؤكد إن التنظيمين على اتصال دائم ، ويقيم عناصر ونشطاء "جيش جانجوي” في مقرات "جيش الصحابة” والمدارس التابعة له.

وبعد أن بدأت الحكومة الباكستانية عملياتها ضد عناصر "جيش جانجوي” في عام ١٩٩٨، هرب معظم عناصره الى أفغانستان، حيث كانوا يديرون معسكرا تدريب، وهناك حدث انقسام في صفوف "جيش جانجوي” عندما وقع خلاف بين مجموعة يتزعمها قاري عبد الحي، ومجموعة يتزعمها رياض بصرة بشأن تنفيذ موجة من الاغتيال تستهدف الشيعة في باكستان، ووقعت اشتباكات دامية فيايلول / سبتمبر ٢٠٠٠ بين المجموعتين في كابول، أدت إلى حمام من الدماء، وتمكنت جماعة رياض بصرة من القضاء على جماعة عبد الحي.

بقي رياض بصرة يتردد على باكستان لتنفيذ جرائم ضد المسلمين الشيعية في باكستان، وكان بصرة مطلوبا خلال ١٢ عاما، قبل أن تقوم القوات الأمنية الباكستانية بقتله في مواجهة في إحدى مدن البنجاب عام ٢٠٠٢، في أكثر من ٣٠٠ قضية مرتبطة بالإرهاب، وكان من بينها اغتيال شخصيات شيعية بارزة، وكان أبرز قضايا الاغتيال مقتل الدبلوماسي الإيراني صادق غانجي.

اليوم يتزعم "جيش الصحابة " ابراهيم قاسمي، الذي اخذ ينسق تنسيقا كاملا مع حركة طالبان، حيث اصدر مؤخرا بيانا بعد اغتيال طالبان قياديين من قيادي "جيش الصحابة” بسبب تجسس كلا الشخصيتين لصالح الأجهزة الأمنية الباكستانية حيث قاموا بتسريب معلومات عن مخابئ قادة طالبان. وأقر بيان قاسمي ذلك حيث وصف إثنين من أبرز شخصيات التنظيم وهما "شيخ عبد الحميد” و"مولوي جافيد” بالخائنين وأبدي سروره من خبر تصفيتهما.

قبل ايام حذرت وزارة الداخلية الباكستانية عن طريق إرسال طلب خطي الى حكومات الولايات، بشأن محاولة داعش للتسلل الى داخل البلاد عن طريق وزيرستان الجنوبية.

ووفقاً لهذا التقرير، اعلنت الداخلية الباكستانية إن قوات داعش تحاول الدخول الى البلاد عن طريق مدينة "ديره غازي خان” و”سکهر”، مشيرة الى أن منطقة وزيرستان الجنوبية اصبحت المقرالرئيسي لداعش، وقد طلبت الداخلية من حكومات الولايات زيادة الإجراءات الأمنية على الحدود لمنع المسلحين من دخول البلاد.

ويرى بعض المراقبين أن طالبان ضعفوا كثيرا بسبب العمليات العسكرية للجيش الباكستاني ضدهم ، لذلك يحاولون إعادة الاعتبار الى انفسهم من خلال السماح ل”داعش” من التمدد في مناطقهم، وفي المقابل تبحث "داعش” عن اماكن اخرى للتمدد خارج العراق وسوريا بعد الضربات التي تلقتها من قبل الجيشين العراقي والسوري.

العضو البارز في الحركة القومية المتحدة الباكستانية السيد محمد واسع الجليل كشف في مؤتمر صحفي عن تجنيد داعش لباكستانيين، محذراً من أنه في حال أهملت السلطات الباكستانية هذا الأمر فإن خطر تنظيم داعش سيعم باكستان بأکملها.

ويرى المراقبون للمشهد الباكستاني ان هناك العديد من الجماعات الإرهابية في باكستان، بما في ذلك طالبان باكستان، و"جيش الصحابة”، و”لشكر جهنکوي، و"جندالله” و… ، والبعض منها أكثر تطرفاً من طالبان وجميعها تحمل الفكر الوهابي التكفيري، يمكن ان تشكل حواضن ل”داعش” في باكستان ، بل تتحول هي الى "داعش”.

هناك من يرى ان الانقسام الذي وقع في طالبان باكستان خلال العام الماضي بسبب موت حكيم الله محسود واختيار زعيم غير معروف اي الملا فضل الله زعيما لطالبان باكستان، والجدل حول مواصلة القتال ضدالجيش الباكستاني وانخفاض الموارد المالية لطالبان، قد وفرت الأرضية لدعم المجموعات المنشقة مثل جماعة الأحرار لتنظيم "داعش”.

ان العداء للجمهورية الاسلامية في ايران، ومحاولة تحجيمها، من قبل امريكا وبريطانيا والسعودية والامارات وباكستان، هو الذي دفع هذا الحلف الى تصنيع الزمر التكفيرية لخلق فتنة طائفية تحرق الاخضر واليابس، الا انه فات هؤلاء امر في غاية الاهمية وهو ان الارهاب ولم ولن يكون يوما وسيلة آمنة لتحقيق اهداف سياسية، فالعالم كله وقف على الخطاء الذي ارتكبه الحلف الصهيوامريكي العربي الرجعي في انتاج "القاعدة” وكيف ارتد ذلك عليهم وبالا، كما وقف العالم ايضا وخاصة الشعب الباكستاني على الخطا الذي ارتكبته المخابرات الباكستانية بالتحالف مع امريكا والسعودية في انتاج "جيش الصحابة” الذي اغرق باكستان في الفوضى والفتن الطائفية، واليوم يعيد هذا الحلف انتاج تنظيم اكثر تشوها ومسخا من باقي التنظيمات الاخرى وهو "داعش”، بينما العالم يشهد في المقابل على الانتصارات التي تحققها ايران ومحور المقاومة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، بفضل الاتكال على الله ومبادىء الاسلام الاصيل وارادة الشعوب التي عرفت من يقف وراء الفتنة الطائفية ومن يقف امامها.