خِسَّة "جانوسيار" و"ماهيار"!
حسين شريعتمداري
معركة فاصلة خاضها آخر ملوك الامبراطورية الهخامنشية دارا "داريوش الثالث" عام 331 ق. م في مواجهة اسكندر المقدوني. فلعبت خيانة قائدين في جيش داريوش وهما "جانوسيار" و"ماهيار"، الدور الفيصلي في اندحار داريوش وغلبة اسكندر.
وقد نظم الحكيم الايراني الشهير "قاآني" وقائع المواجهة شعرا، مشيرا لخيانة "جانوسيار" و"ماهيار"، حين قال:
ليس من شيم العشاق في الجوف قلبينِ
فإما التضحية بالروح او بعشق مجنونِ
فاعتبرا "جانوسيار" و"ماهيار" للوطن خائنينِ
إذ صاحبا "دارا" وقلبيهما لاسكندر مرهونِ
وبعد ان وضعت الحرب اوزارها، عمد اسكندر الى اعدام الخائنين، فهو لفطنته ادرك ان من يخون وطنه فلا محالة ان يكرر الخيانة ولايمكن الوثوق به، والحق ما فعل فهذا هو مصير ا لخونة.
بالامس نقلت احدى الصحف المدعية للاصلاح، وبانشراح بالغ، خبر تضمن تشكيلة الفريق الحكومي الجديد للرئيس بايدن خمسة اميركيين من اصول ايرانية، معتبرة لهؤلاء قدرات كامنة يمكن ان تؤدي دورها في تقليل الحس العدائي بين ايران واميركا!
واضافت الصحيفة: "لربما لا يكون لهؤلاء الدور المصيري في تعيين التشكيلة الحكومية او في تحديد خارطة طريق السياسة الخارجية، الا انهم في النهاية ايرانيون يتمتعون بقدرات شعب واختصروا حضارة، لا تميل للحرب وفي نفس الوقت أبية الضيم. فلو عملنا على احتضان الايرانيين المقيمين في الدول الاخرى وبما يتمتعون به من قابليات، لكانوا اليوم قدرات كامنة استثنائية"!
وسنشير بما هو ضروري، حول هذا الموضوع بالآتي:
1 ـ ان هذه الصحيفة كغيرها من الصحف التي تدعي الاصلاح، مازالت تتصور ـ او تتظاهر ـ ان عداء اميركا للجمهورية الاسلامية الايرانية وشعب هذه التربة، يعود لسوء في الفهم! في الوقت الذي كان انبعاث هذا الصراع قد شرع والايام الاولى لانتصار الثورة الاسلامية في ايران وخروج ايران من عمالتها لاميركا، لنشهد كل يوم تشعب محاورها فهي عائدة لماهية الطرفين المتصارعين. فما دمنا نشدد على استقلالنا ومواجهتنا للاستبداد والتعالي الاميركي، وتصر اميركا على خصلتها الاستكبارية ونهج السلب والنهب، فان هذا الصراع مستمر إذ ان نهايته ستحصل حين نرضح لاملاءات اميركا او تنفك اميركا من نهجها الاستكباري. انها قضية لطالما اكد عليها الجناحان الجمهوري والديمقراطي في اميركا، ومن الاستغراب بمكان ان يضع بعض ادعياء الاصلاح وصفة الاذلال والقبول بالاستعمار لايران والايرانيين تحت غطاء التصالح مع اميركا!
2 ـ وعلى العكس مما تدعيه هذه الصحيفة، فالايرانيون الذين تخلوا عن تابعيتهم ليسوا ايرانيين! فهم اختاروا التابعية الاميركية حين وقع الخيار بين ان يكونوا ايرانيين او اميركيين، وقد اقسموا عند اختيارهم التابعية الاميركية بان يصطفوا الى الجبهة الاميركية اذا نشبت حرب بين ايران واميركا، ويثبتوا ولاءهم بانخراطهم كجنود لاميركا. ويستبعد ان يجهل السادة نص القسم وخصوصيات القبول بالتابعية الاميركية! من هنا فان اقتراحهم لا يعني سوى شحذ سيوف الاعداء على رقاب شعب بلدهم ولا معنى له غير ذلك!
3 ـ وينبغي ان نسال ادعياء الاصلاح انتم تتواجدون في ايران ولم تتخلوا عن تابعيتكم ـ سوى البعض منهم ـ واي خطوة ايجابية او موقف اتخذتموه لصالح وطنكم في مواجهة الاستبداد وسفك الدماء الصادر من قبل اميركا وحلفائها، كي نتوقع الموقف الافضل من الذين تخلوا عن تابعيتهم؟! فهم ليسوا حتى مثل "جانوسيار" و"ماهيار" اذ لم يتظاهروا بمعيتهم لـ "دارا" واسلموا قلوبهم لـ "اسكندر" نهاراً جهارا !
4 ـ وبالتالي لو فرضنا ان تلك العدة من الاميركيين ذوي الاصول الايرانية، مازالت عروقهم تنبض بحب الوطن، اليس طلب توسطهم بمثابة دبلوماسية الاستسلام والاذلال؟! ولماذا بدل السعي والابداع والاستفادة من الامكانات والطاقات الداخلية ـ وبعبارة السير على خطى الفريق الشهيد قاسم سليماني ـ تختاروا التضرع والطلب من الاعداء ؟! واي عدو هو انها اميركا التي باتت تسلك منحى نزوليا ـ لاسيما المسؤولين اصحاب القرار ـ وتخوض تجربة الانحسار والانحدار بشكل مطرد ؟!