ملمحا بخروجه من البيت الابيض صاغرا
اميرحسين
بعد 11 يوما من اجراء الانتخابات الرئاسية وفي اول ظهور صحفي "للرئيس ترامب منذ الخامس من نوفمبر الذي اعلن عن فوزه في الانتخابات الرئاسية، قال للصحفيين "ان الوقت سيكشف من هو الفائز في الانتخابات الرئاسية" وهذا يشكل اول تراجع للرئيس ترامب عن تصريحاته السابقة التي كان يجزم فيها بقوة عن فوزه في الانتخابات. هذا التراجع في اللهجة الذي يكلفه الكثير، بدأ يقربه من الاقرار بالهزيمة المرة التي كسرت سطوته وهيبته لدرجة اصيب بالكآبة الشديدة وفقا للمقربين منه. ترامب وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده الجمعة والذي كان مخصصا للكورونا غادر المكان فورا ودون الرد على اسئلة الصحفيين الذين انهالوا عليه "متى تعترف بخسارتك في الانتخابات؟".
ولا شك ان التبدل الواضح في لهجة الرئيس ترامب تدلل على انه قد خفف من لهجته التصعيدية تلميحا لمغادرته البيت الابيض وان لم يعترف بالخسارة رغم الفاصل الموجود في الاوراق الانتخابية بينه وبين بايدن لكن كل المؤشرات تذهب الى ان مؤسسات الدولة العميقة ومنها الجيش لا يسمحون بظهور ديكاتورية في الولايات المتحدة على غرار ما تفعله واشنطن في الدول تابعة لها من دول العالم الثالث خدمة لمصالحها ومصالح العدو الصهيوني.
الانتخابات الرئاسية الاميركية الاخيرة كانت استثنائية والاكثر جدلاً وتحديا والاكثر كلفة في تاريخ الولايات المتحدة لوجود شخص عنفي وثأري كالرئيس ترامب احد طرفي المعادلة لعدم اعترافه بالهزيمة مهما كانت النتائج وهذا ما شكل سقوطا اخلاقيا وسياسيا للولايات المتحدة وديمقراطيتها المزيفة التي تتبجح بها ليل نهار وهذا ما تسبب بفضيحة مدوية جلبت لنفسها الخزي والعار وكشفت عن عورتها امام العالم بشكل يشار اليها بالبنان بانها لا تختلف كثيرا عن الدول المتاخرة التي تتحكم بها الدكتاتورية ومزاجية الحاكم المستبد.
ورغم اعتراف ترامب بالهزيمة بشكل غير مباشر في الانتخابات الرئاسية فانه لا يزال يعرقل الخطوات التمهيدية لانتقال السلطة داخل البيت الابيض تحسبا لاي طارئ او معجزة قد تقلب المعادلات لصالحه وهذا اصبح من الماضي. فترامب الذي كان يأمل ان تخرج النتائج لصالحه انتهت لصالح منافسه بايدن وهذا ما شكل ضربة قاصمة افشلت كل احلامه.
غير انه من الصعب جدا ان تقنع رجلا ممن اصيب بجنون العظمة النزول عن عليائه استجابة لطلب شعبه وهذا هو حال الرئيس ترامب الذي لا يقبل غير نفسه ولا يمكن لاي شخص او خبير ان يتكهن بما سيقدم عليه خلال الشهرين المتبقيين من دورته الرئاسية. فجميع الاحتمالات مفتوحة على مصراعيها مع وجود ازمات داخلية مستفحلة كالبطالة والعجز في الميزانية وموجة الاحتجاجات والاهم من كل ذلك الانقسام العمودي في الشارع الاميركي والهوة السياسية والاجتماعية التي اوجدها ترامب نتيجة سياساته الطائشة والمتعجرفة التي روجت للعنصرية والكراهية داخل المجتمع الاميركي.
حتى وان ترك السلطة مرغما سيترك ارثا ثقيلا من التراكمات والصعوبات والمشاكل المعقدة للرئيس القادم الذي سيغرقه بالتاكيد في اتون ازمات من العسير جدا الخروج منها بسلام وقد تكون الاشهر الستة الاولى من رئاسة بايدن التخبط في العمق الاميركي الداخلي.