جيوش دول مجلس التعاون ، لماذا ؟…
أحمد الحباسي
أطرح السؤال التالي ، هل بإمكان الجيش السعودي الوقوف في وجه أى جيش في العالم ؟ بالطبع لا بالبنط العريض ، هل المشكلة في الإعداد و المعدات أم في العقيدة القتالية ؟ بالطبع المشكلة أن الجيش السعودي لا يملك عقيدة قتالية ، نتابع الأسئلة ، لماذا يحتاج النظام السعودي كل هذه الترسانة البشرية و يجلب لها أرقى أنواع الأسلحة الحديثة ؟ هناك رد واحد يعلمه الجميع ، لان النظام يتمعش من صفقات الأسلحة ( صفقة اليمامة الشهيرة مثالا ) في حين أنه يعلم أن عملية التسليح الجيدة لم تمنع بعض "الحوثيين " من التلاعب بهذا الجيش و السخرية منه ، هنا ، يقفز السؤال التالي ، لماذا تقوم الأنظمة الخليجية بهذه المسرحية الهزلية الكئيبة التي تريد من وراءها تهديد إيران بالويل و الثبور و الحال أن كل الشواهد تدل دلالة قطعية على أن هذه الجيوش ستكون لقمة سائغة في سويعات قليلة.
هناك أمر مهم يثير الاستغراب في تصرف حكام الخليج الفارسي في الثروات المالية النفطية ، هناك ما يدفع على الاعتقاد على أن هؤلاء الحكام كما هو متآمرون على الشعوب العربية فهم أول المتآمرين على شعوبهم نفسها ، فصرف المليارات في تسليح جيوش بدون فائدة هو جريمة مكتملة الجوانب ضد مستقبل الشعوب الخليجية التي تعيش حالة من الأمية العلمية و الثقافية إضافة إلى فقدانها إلى كثير من البنية التحتية العلمية و الثقافية و الاقتصادية من شأنها أن ترتقي بذهنية المواطن الخليجي الميال إلى الكسل و الاتكال على مال النفط ( هذا ما تؤكده بعض الدراسات الأكاديمية الغربية الجادة على الأقل ) ، ولعل كل الدول الغربية ذات الخلفية الاستعمارية قد تفطنت مبكرا إلى هاجس الرشوة و الارتشاء لدى حكام الخليج الفارسي فتولت تقديم كل الإغراءات الممكنة لهذه الديناصورات الكئيبة حتى تنتفخ جيوبها بأموال الرشوة و العمولات و تشبع غرائزها البهيمية الحيوانية بما لذ و طاب من الرقيق الأبيض.
من يتفطن مثلا إلى أن ميزانية الدفاع للنظام السعودي تتفوق على ميزانيات دول مثل إسرائيل و تركيا و إيران مجتمعة ؟ لا أحد إلا بعض العارفين و المتابعين ، بالطبع الشعب السعودي لا يهتم بمثل هذه " المسائل” و يجدها من باب التفاصيل المملة و التي لا يجب أن تشغله عن ملاهيه الخاصة في حين أن ما يحدث هو تبذير لمستقبل هذه الأمة السعودية و لمقدرات هذا الشعب الذي كان بإمكانه أن يكون رقما صعبا في الجزيرة العربية فبقى مجرد صفر مكعب تتلاعب به نزوات حكامه العملاء و مسخرة يتضاحك منها اللوبي الصهيوني و يصفق لضحالة تفكيرها بعض غلاة المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية الاستعمارية ، و لأنه لا أحد يحاسب أو يتحاسب في سلطة فراعنة الجزيرة العربية فقد أصبح صفقات الأسلحة المتطورة التي تصرف عليها أموال خيالية مدار تندر لبعض معارض السلاح التي ينتظر أصحابها قدوم هذه الكائنات الجاهلة الفاقدة للتمييز حتى تحرك أموالها الخيالية مصانع الحرب الغربية و تنهض بأعباء اقتصاد دولها المنهار في حين يسقط مستقبل شعوب الخليج الفارسي في بئر بلا نهاية.
في دول الخليج الفارسي أو ما يسمى اصطلاحا بذلك تنتشر القواعد الأمريكية في كل الربوع محتلة مساحات مهمة في هذا الفضاء الصحراوي الذي يحتوى على ثروات نفطية تمثل عصب الحياة الاقتصادية الغربية ، و لان هذه القواعد العسكرية لم تنتصب في هذه المحميات الكرتونية من تلقاء نفسها أو بقوة السلاح بل بدعوة كريمة و سخية من حكام الذل و العار في الخليج الفارسي ، فقد كان هناك تساؤل ملح في كل أذهان الوجدان العربي الحر ، لماذا إذن يتم إنشاء هذه الجيوش المترهلة، و لماذا تصرف عليها كل هذه المليارات النفطية دون جدوى خاصة و أن دول الاستعمار المنتصبة في تلك القواعد لن تترك "الدبان الأزرق” يقترب من هذه الثروات و من هذه الكائنات الشمولية الديكتاتورية الفاسدة التي تحكم هذه "الضيعات” الأمريكية ( ranch ) ، ثم ما معنى تنمية القدرات الدفاعية الخليجية و الحال أن القواعد الأمريكية هي من تحرص نوم زعماء الخيانة في الخليج الفارسي.
على بعد أمتار من دول الخليج الفارسي ذبحت فلسطين و سلخت و قطعت أوصالها و لم يتحرك جيش الخليج الفارسي و لم تقم لديه شعرة معاوية ، لذلك تحدثنا من البداية أن هذه الجيوش الخليجية بلا عقيدة و بلا خطة و بلا عقل عروبى ، و إلا لكان أمامها فرص عديدة منذ احتلال فلسطين لتعلن عن نفسها و عن شهامتها و عن دمها العربي لكنها استكانت ارتضت طواعية بالذل و الإذلال على يد حكام خونة يضعون رؤوسهم و رؤوس كل الشعوب الخليجية تحت نعال الجيوش الصليبية الصهيونية القذرة ، ولا المسألة لم تكن مسألة قدرات و سلاح بل مسألة شهامة و ذهنية قتالية فقد أثبتت المقاومة صيف تموز 2006 أنه ببعض الرجال القابضين على الزناد المستعدين للتضحية يمكن قهر أكبر منظومة عسكرية متوحشة في الشرق الأوسط و إثبات أن إسرائيل بطم طميمها أوهن من بيت العنكبوت ، لكن من الثابت و الواضح أن ضمير حكام الخليج الفارسي و ضمير قياداتهم العسكرية أوهن و اوهن و اوهن من كل بيوت العنكبوت.