kayhan.ir

رمز الخبر: 121815
تأريخ النشر : 2020November06 - 18:52

التطبيع والرئيس القادم لاميركا


إيهاب شوقي

لم يكن مفاجئًا أن تنشر إيفانكا ترامب تغريدة لها على حسابها الرسمي على "تويتر"، تناشد فيها الشعب الاميركي، التصويت لصالح ترامب، بدعوى أن التصويت له يعني نشر السلام في العالم، مرفقة بتغريدتها صورة لمؤتمر إعلان التطبيع بين كيان العدو وكل من الإمارات والبحرين، الذي عقد في العاصمة الاميركية، في الخامس عشر من شهر سبتمبر/أيلول الماضي، بوساطة اميركية من قبل ترامب نفسه.

وقد بات معروفًا أن هذه الأنظمة تعمل في خدمة اميركا، وانها تقدم خدمات انتخابية لرئيس مأزوم لم يجد الا البوابة الصهيونية ليقدم منها أوراق اعتماده داخليًا لولاية ثانية، بعد الجائحة التي فشل في ادارتها، وبعد العنصرية ونذر الحرب الأهلية التي قادت اليها سياساته وتصريحاته الحمقاء.

وهنا، لا بد من القاء الضوء على تقرير لموقع "أكسيوز" الاميركي، والذي كشف أن دولًا عربية تنتظر نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية قبل المضي قدمًا في التطبيع مع العدو الإسرائيلي. وبحسب التقرير، فإن البيت الأبيض يحاول الاستفادة من زخم توقيع الإمارات والبحرين اتفاقيتي سلام مع "إسرائيل"، لدفع مزيد من الدول العربية إلى اتخاذ نفس الخطوة قبل الانتخابات، معتبرًا أن الموقف الرسمي للسعودية يرتكز على استئناف المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، متوقعًا أنه في حال فاز ترامب في الانتخابات فسيسعى إلى جلب السعودية إلى مسار التطبيع.

وحول موقف المغرب من التطبيع المحتمل، أشار التقرير الى أنه يتوقف بشكل أكبر على نتائج الانتخابات الاميركية، متوقعا أنه في حال فاز ترامب سيحاول ربط التطبيع بين الرباط و"تل أبيب" باعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، ورأى أن منافسه الديمقراطي جو بايدن لن يوافق على مثل هذه الصفقة على ما يبدو، الأمر الذي يقلل فرص التطبيع بين المغرب و"إسرائيل" في حال خسارة ترامب.

وعن سلطنة عمان، قال الموقع إن السلطان الجديد هيثم بن طارق آل سعيد، لا يريد الاستعجال في هذه المسألة في الظروف الحالية، ونقل توقعات مسؤولين اميركيين وإسرائيليين بأن عمان ستتخذ قرارا بشأن التطبيع المحتمل بناء على نتائج الانتخابات الاميركية.

واضاف التقرير إن الولايات المتحدة تسعى لدفع قطر إلى مسار التطبيع، لكن الخلاف الخليجي المستمر يزيد المسألة تعقيدا. ووفقا للتقرير فإن مسؤولين اميركيين، تأكدوا من أن عملية تطبيع العدو الإسرائيلي مع الإمارات والبحرين جارية على قدم وساق، ويشعرون حاليا بأن الأمور تتطور في (الاتجاه الصحيح) وتراجعت الحاجة إلى إشرافهم على العملية.

وهنا يمكننا استنتاج حجم الارتهان العربي لاميركا وكأن الأنظمة تحولت لولايات داخلية في اميركا، رغم اننا نشهد معارضة من بعض حكام الولايات، وشد وجذب بينهم وبين الرئيس!

ارتهنت سياسات الأنظمة الخارجية وربما الداخلية في بلدانهم وفقًا لطبيعة الادارة الاميركية وشخص الرئيس، فخارجيا، يسعون الى التطبيع خدمة للرئيس ويعادون من يعاديه ويصادقون من يصادقه، وداخليا، تتحدد سياسات القمع وهامش الحرية وفقا للادارة، فمع الجمهوريين عادة، يستبيحون القمع باياد مطلقة، بينما يتحولون لهوامش ليبرالية مع الديمقراطيين!

أي مذلة هذه، وأي عار، ونحن نرى تحليلات خليجية تزيف الواقع وتروج لترامب كانه ملك خليجي، وتفتري على المقاومة ومحورها، وتتهمه بانتظار وصول بايدن والاستفادة منه؟ هذه الأنظمة التي أدمنت التبعية والارتهان والتلون وفقًا للادارة وللرئيس الاميركي، لا تستطيع استيعاب مفهوم الكرامة والاستقلال الوطني، ولا تستطيع فهم ما قاله آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي من أننا لسنا مشغولين بمن يأتي رئيسا، لان لنا سياستنا وثوابتنا.

سيذهب التطبيع الى مزابل التاريخ ومعه أنظمته وأنصاره، كما تذهب أي دعاية، والتي ربما لن تنفع ترامب وسط احتمالات سقوطه الساحقة، وربما لن يفرط الرئيس الجديد حال نجاحه في هذه المكتسبات الشكلية، ولكنها عمليا لن تغير من الامر شيئا، ما دامت هناك مقاومة واصرار على استرداد الحقوق.

هي رسالة لترامب في ولايته الثانية أو بايدن في ولايته الاولى، ليس أمامك الا احترام المقاومة والحقوق، ومسار التخويف والحصار أو حتى الحرب، لن يفعل شيئا سوى اهدار المزيد من الهيبة الاميركية والتعجيل بسقوط امبراطوريتها على غرار الامبراطورية البريطانية التي عجل التحرر الوطني باعلان نهايتها.