طهران لن تركع الا لله!!
من المعلوم ان العداء الاميركي لايران لم يكن وليد الصدفة او انه بدأ حديثا بل يعود تأريخه الى ابتداء انطلاقة الثورة الاسلامية التي جاءت خارج نطاق رغبتها والتي وجدت فيها خطرا يتهدد مصالحها ليس فقط في المنطقة بل في العالم أجمع. لذا فان واشنطن مارست الارهاب الاعمى ولاول مرة ضد الجمهورية الاسلامية من خلال عمليات الاغتيال التي طال قادة الثورة الأساسيين كالمطهري وبهشتي ورجائي وغيرهم من الذين لم يسلموا من هذه الاعمال، والتي كانت ترتكب على يد منظمات قد اعدتها واشنطن في الخفاء، ولم يقف الامر عند هذا الحد بل ان الولايات المتحدة استمرت في ممارساتها العدوانية ضد ايران من اجل اعادة عقارب الساعة الى الوراء، ولايمكن ان ننسى الحرب المفروضة التي دامت اكثر من ثماني سنوات والتي كانت احدى ادوات الضغط على الجمهورية الاسلامية من اجل ان تتنازل عن مبادئها وقيمها وتضع يدها بيد اميركا. ولكن وجدت واشنطن ان هذه الحرب ليس فقط لم تضعف ايران بل انها جعلت منها دولة قوية وصامدة بحيث نالت اعجاب الشعوب وحظيت بموقع كبير لدى العالم الذي وضع واشنطن في الزاوية الحرجة والضيقة.
وقد يكون من الحماقة التي تنتاب مصادر اتخاذ القرار في واشنطن وعلى مختلف المستويات انهم ولهذه اللحظة لم يتمكنوا ان يفهموا ما يجري في ايران او العكس انهم يفهمون ذلك جيدا الا انهم لا يريدون الاعتراف بذلك، لان اعترافهم سيكون اعلان الهزيمة المنكرة امام طهران وهو ما سيكون الكارثة الكبرى لسياستهم على مستوى المنطقة والعالم اجمع.
لذلك ومن طرف آخر والذي لابد الاشارة اليه ان واشنطن تسعى جاهدة للتقارب من ايران لا من اجل طهران بل انها وجدت وجودها ونفوذها اليوم مهدد وبصورة لايمكن تصوره، لذلك ومن اجل ان تضمن ولو جزء من هذا البقاء والنفوذ مما دفعها الاضطرار الى ارسال رسائل التودد والتقارب مع ايران، ومن خلال طرق واساليب مختلفة، كما اعلنت عنها وسائل الاعلام الايرانية والعالمية عن قريب. ولكن الامر لا يتعلق بايران بقدر مايتعلق باميركا نفسها وهو الاهم في هذه المعادلة، ومتى ماأوقفت واشنطن تدخلها السلبي في الشأن الايراني، والذي يتخذ اليوم اشكالا والوانا مختلفة، وكفت أيديها وأيدي مأجوريها وعملائها من دول المنطقة لتتجنب من التدخل في الشأن الايراني الداخلي، وتعترف صاغرة بحق ايران في اتخاذ القرار المناسب لكل القضايا الاقليمية والدولية والذي لا يخدش استقلالها وسيادتها وغيرها من القضايا الاخرى، والذي لابد ان تثبت مصداقيتها على الارض، لا فقط على طاولة الحوار او الرسائل المتبادلة عندها تبدأ ايران بالتفكير في موضوع ترتيب العلاقات.
لذلك جاء رد ايران الرسمي وعلى لسان مسؤول الامن القومي الايراني شمخاني من ان ايران لايمكن ان تتنازل عن ثوابتها ومبادئها او ان تركع امام الممارسات الاميركية الضاغطة، بل انها ستبقى صامدة ورافضة رأسها عاليا وان هذه الضغوط ومهما كان حجمها لا يمكن بان تدفع ايران لرفع الراية البيضاء امام اميركا، بل ان العكس هو الصحيح وقد اثبتت التجارب مع طهران ان كل ما اشتدت عليها الظروف فانها تخرج منتصرة يتملك شعبها حالة من العز والافتخار، وكذلك يعطيها الامر مساحة اوسع في ان تحظى باحترام الدول وتقديرها مما سيشكل بطبيعته هزيمة منكرة لواشنطن.
واليوم طهران وهي تتمتع بما هي فيه من احترام وتقدير الشعوب قبل الحكومات والذي وضعها في الصف الاول للدول المقاومة لكل المشاريع الاستسلامية والتخاذلية الاميركية وغيرها والتي اصبحت شوكة في عيون اعدائها لايمكن لاي محاولات او اجراءات وقتيه ان تدفعها او تزيلها عن هذه الموقعية التي حظيت بها وكذلك ستبقى وفية بكل التزاماتها الاساسية والتي قامت عليها ومنذ اكثر من اربعة عقود من الزمن من انها المدافعة عن المستضعفين في أي بقعة في العالم وعدوة لكل المستكبرين في هذه الدنيا.