خلايا "داعش" قنابل أميركية موقوتة
مهدي منصوري
ثبت للعراقيين ان اميركا كانت والى أن غزت العراق في 2003 لم تأت للبناء والتعمير بل للتدمير من خلال ما شاهدوه وعانوه على مدى عقد من الزمان ونيف بحيث ان الدولة العظمى لم تقم حتى بتعبيد شارع في هذا البلد ولا أي عمل ينفع الشعب العراقي، بل انها عمقت سجلها الاسود الذي استهدف العراق والعراقيين وعلى مدى اربعة عقود باعمال اجرامية حاقدة. ولو اردنا استعراض ما قامت به اميركا من جرائم بحق الشعب العراقي لا اعتقد ان يسعه هذا المقال ولكن نضع اشارات على بعض القضايا والتي تظهر حقيقة واشنطن من غزوها لهذا البلد.
وقد تركز مسار السياسة الاميركية في العراق على مستويين السياسي والعسكري والذي تمثل ومن خلال نظام المحاصصة الذي فرضه المجرم بريمر على القيادات السياسية آنذاك بخديعة خلق حالة من التوازن تمكن من خلاله ادخال اغلب عملاء اميركا الا ما ندر في هذ العملية السياسية والتي اتضحت مصالحها من خلال عرقلة الكثير من المشاريع والخطط التي تطرح في مجلس النواب لارتقاء هذا البلد الى مصاف الدول المجاورة لما يملكه من امكانيات وثروات بشرية ومادية، والشق الثاني وهو الاهم عمدت الى خلق حالة من النزاعات الطائفية والعرقية والمذهبية المقيتة بتاليب جهة على اخرى للوصول الى تفكيك وتشتيت وحدة العراق ارضا وشعبا. ووجدت خير وسيلة الى ذلك بالاعتماد على مرتزقتها الذين دربتهم في اربيل والاردن وتركيا وغيرها من البلدان للقيام باعمال التفجيرات بالسيارات والعبوات الناسفة الا انه غاب عن اميركا امرا في غاية الاهمية وهو ان امثال هذه الاعمال الاجرامية لم تستطع ان تحقق اهدافها لانها غفلت عن مصدر قوة وقدرة الشعب العراقي الا وهي المرجعية العليا التي كانت ولازالت صمام الامان والصد القوي المانع من وقوع العراق ضحية المؤامرات الاميركية، وبنفس الوقت جاء المؤثر القوي الاخر الا وهو قوات الحشد الشعبي التي ضمت كل مكونات الشعب العراقي بمختلف طوائفهم ومذاهبهم والذي استطاع ان يفشل المخطط الاميركي الصهيوني السعودي الاماراتي في مهده وهو ما لم يتوقعونه او يضعونه في حسبانهم.
ولذا والذي لابد من الاشارة اليه ان اميركا ادركت ان بقاءها في العراق والذي كان يراد له ان تبقى مائة عام كما قال بترايوس قد اخذ ان يقترب من نهايته خاصة بعد فشلها في تحقيق اهدافها التي تسمح لها بهذا البقاء بالاضافة الى المطالبات الشعبية التي عبرت عن نفسها من خلال التظاهرات الاحتجاجية المطالبة بتنفيذ قرار مجلس النواب باخراج آخر جندي اميركي من هذا البلد والمطالبة بعدم التدخل الاميركي في الشان الداخلي للعراق لذلك فان اميركا وامام هذا الموضوع عمدت الى تغيير اسلوبها ومن اجل ان تضمن وجودها وتاثيرها في العراق اقدمت وكما حذر منه الخبراء الامنيون والعسكريون العراقيون اذ قال الخبير الامني علي الوائلي من ان "الدعم الاميركي وخاصة قاعدة الاسد لبعض المجاميع الارهابية والخلايا النائمة في اطراف المحافظات والمناطق البعيدة عن انظار القوات العراقية والتي بدات تظهر هذه العمليات الاجرامية لهذه المجاميع بين الحين والاخر والذي كان آخرها عملية القتل في الفرحانية في صلاح الدين وبالامس في ديالي بالاجهاز على العوائل الامنية وقتهلم عن بكرة ابيهم، ومما تقدم يعكس ان اميركا تريد ان تثبت وجودها في العراق من خلال هؤلاء المجرمين في حال خروج قواتها من العراق.
واخيرا لابد ان نشير الى ما حذرت منه بعض القيادات السياسية العراقية والذي جاء اخيرا على لسان رئيس الوزراء السابق المالكي من "ضرورة محاسبة القوى الاقليمية والدولية والكيانات السياسية الداخلية التي اصبحت اداة بيد الاميركان بدعمها لداعش وايجاد الحواضن لاستمرار بقائها".