ما الهدف من "حكومة بلا رأس"؟!
حسين شريعتمداري
1 ـ حكومة بلا رأس (HEADLESS GOVERNMENT) تطلق على مشروع تبنته اميركا وحلفاؤها بهدف خلق حالة من التوتر وزعزعة الاستقرار في ثلاث دول؛ ايران والعراق ولبنان فباشروا بتنفيذه منذ اشهر خلت. المحور الاساس لهذا المشروع ( وبعبارة مؤامرة) تنحية رئيس الحكومة من البلد المقصود. أي حينما يتم إبعاد رئيس حكومة او هو يتنحى عن منصبه تتوفر ارضية التصادمات وسلب الامن والامان من هذا البلد. في هذه الحالة ليس من السهل انتخاب رئيس جديد للحكومة اذ ستدخل في شرنقة الامزجة والرؤى وهو بالضبط التأرجح المقصود اذ تتوفر الفرصة للعدو لتأجيج المواقف وخلق الفوضى.
امير المؤمنين علي عليه السلام كان السبّاق في التحذير من مخاطر دولة بلا أمير (وهو ما نصطلح عليه اليوم حكومة بلا رأس)، حين قال؛ {إنه لابد للناس من أمير بر أو فاجر} كما واشار الامام الخميني(ره) الى هذا المعنى؛ "يبدو ان المخطط يكمن في توجيه الضربة من الداخل، حيث نتصارع فيما بيننا، يتداعى تنظيم المجتمع وتعم الاختلافات فنعيش الفوضى العارمة".
ولنركز على ما قاله "مايكل لدين" الخبير المعروف بمعهد اميركان اينتر برايز: "لسنا بصدد استتباب الاوضاع في ايران والعراق وسورية ولبنان. فالسؤال الاساس ليس في ضرورة او عدم ضرورة اثارة الفوضى في هذه البلدان وانما كيف نوجد حالة من عدم الاستقرار تصب في مقاصدنا"!
ان الامر لا يتعلق بأهلية رئيس حكومة من عدم اهليته، وكونه ناجحاً أو فاشلاً في ادائه، وانما الحديث ينحصر في خطورة الحكومة التي لا رأس لها في ميلها للاعداء لخلق عدم الاستقرار والاضطراب كما قال امير المؤمنين عليه السلام ينبغي ان تكون للحكومة امير إن صالحا او فاجرا.
2 ـ ان مشروع اميركا في ايجاد حكومة بلا راس في لبنان قد طبق، حين استقال رئيس الوزراء "سعد الحريري" وهو من العملاء التابعين للعدو ومتناغما مع مشروعه، فقدم استقالته دون اي مقدمات، فمهد لمخطط اميركا وحلفائها. فتراجع سعر صرف الليرة اللبنانية وتدهور الوضع المعيشي للمواطنين. فلم يؤد استقالة الحريري الى تحسن الاوضاع وإنما دفع بالبلد للهاوية وعلى وشك ان تكون لقمة سائغة لاميركا. وهنا تدخلت حنكة السيد حسن نصر الله كما عودنا من قبل فأفشل مؤامرة الاعداء واليوم يعود سعد الحريري بعد خيبة المشروع الاميركي في فرض امر واقع بان تكون لبنان حكومة بلا راس، يعود ليرشح نفسه لمنصب رئاسة الوزراء ! ولربما يغوى ان ينحشر في مخطط آخر.
3 ـ ان المؤسف، سقوط العراق في الخطوة الاولى لمشروع حكومة بلا رأس جراء غفلة غير مقصودة، حين اضطر "عادل عبدالمهدي" وهو الذي عرف بايمانه والتزامه كرئيس لوزراء العراق، ليقدم استقالته ولربما لم يتصور البعض من القوى المؤمنة العراقية ولكن سريعة التصديق انه باستقالة عادل عبدالمهدي ستتدحرج الامور بحكومة بلا رأس الى ما لم يعلم عقباه، وعلى العكس من توقعاتهم كانت النتيجة الدخول لهذا الوادي، بما فيه من فوضى وانعدام الامن وقيام تيارات باعت نفسها للغرب بمسعى مشكوك بالقفز على القيم التي قدم ابناء هذا البلد المؤمن والثوري دماءهم الطاهرة قرباناً لها. الا ان حكمة المرجعية ووعي الشعب العراقي الابي تم ابطال مفعول هذه المؤامرة.
4 ـ وأريد لمشروع "حكومة بلا راس" أن يطبق في الجمهورية الاسلامية الايرانية، ويمكن ان نقول بضرس قاطع ان ايران هي المستهدف الاصلي لهذا المشروع، اذ ان ايران هي مبعث وموئل والسند لنهضة المقاومة في ارجاء المنطقة والعالم.
من هنا يمكن التوصل الى نتيجة ان المؤامرة المذكورة، قد استهدفت ايران الاسلامية التي هي المبدأ والدعامة الاساس للمقاومة. ولكن كيف؟ لنقرأ!
منذ عدة اشهر أي بالضبط بالتزامن مع اطلاق المشروع المشار اليه، من قبل الاعداء في الخارج، همَّ بعض ادعياء الاصلاحات ـ واؤكد ليس جميعهم ـ والموالين للغرب في الداخل الذين كانوا حتى حينها يدعمون حكومة السيد روحاني بكل ما اُوتوا من قوة، ولم يوجهوا أدنى انتقاد له ولحكومته بل كانوا بالند للمنتقدين، هَمُّوا في تحول مفاجئ بلغت استدارته 180 درجة، على وصف حكومة السيد روحاني بانها فاشلة وغير ناجحة في توفير متطلبات الشعب، مطالبين باستقالته! فانهالت سيول الانتقادات لرئيس الجمهورية تدعوه للاستقالة، بمختلف السبل؛ بتصريحات، ومقالات وتقارير خبرية تملأ المواقع والقنوات والصحف الصفراء التي تدعي الاصلاحات، حتى بلغ الامر ان رد عليهم السيد "واعظي" مسؤول مكتب السيد روحاني، مخاطبا ادعياء الاصلاحات، بالقول: "ان اضحى الاصلاحيون الآن منتقدين، وبالطبع ليس جميعهم، فهو انتقاد لزملائهم في داخل الحكومة. فان لم تبدوا احتراما لسائر اعضاء الحكومة فعلى الاقل إرأفوا بحال زملائكم وملازميكم في المشرب"!
في نفس الوقت أدارت وسائل الاعلام الاجنبية والتي كانت تماشي هذا التيار ـ وبمعنى كان هذا التيار يتماشى مع هذا الاعلام الاجنبي ـ ادارت دفة قيادها، وبدل ان تدافع عن الحكومة، اضحت تعزف على وتر استقالة رئيس الجمهورية.
5 ـ ان وظيفة إعلام الاجنبي المجاهر في عدائه، بينة لا يخدشه ادنى شك، بالاصرار على استقالة السيد روحاني وليس كي تحل مشاكل البلاد، اذ هم من يطغى في تعديد المشاكل. وفي الضفة الاخرى من القضية، فان غالبية الذين يدعون الاصلاحات والنافخين في ابواق الاستقالة، هم من لطخ صفحته بعار بيع الوطن خلال الفتنة الاميركية ـ الاسرائيلية عام 2009، مع ان تغيير وجهتهم بـ 180 درجة من دعم لروحاني الى المطالبة باستقالته، كافية لوحدها لاثبات عدم مصداقيتهم.
6 ـ ولكن، مع التشديد على فشل حكومة روحاني في كثير من المواطن، نطرح هذا التساؤل وهو لماذا تناغمت اصوات التيارات المذكورة في الداخل والاعداء في الخارج على ضرورة استقالة السيد روحاني؟! فاي انسان قليل الفهم يصدق انهم اجتمعوا على قصد حسنٍ ونية خير في حل المشاكل، ورفعوا عقيرتهم بلابدية استقالة روحاني ؟! وهل يعترينا ادنى شك بان تطابق مطالب التيار المذكور في الداخل والاعداء في الخارج والتقاء آرائهم في نطقة استقالة رئيس الجمهورية بالضبط هو نفسه مشروع "حكومة بلا رأس"؟!
7 ـ وبالتالي لنا حديث اخوي مع تكتل من ممثلي الشعب الثوريين الملتزمين في مجلس الشورى الاسلامي، الا يتصوروا او في الاقل الا تحتملوا بان قراركم الاخير ايها الاعزة الكرام في استجواب رئيس الجمهورية هو توطئة الاعداء في ايجاد حكومة بلا راس؟! ولا شك ان عجز بعض رجال الدولة وعدم التفات الحكومة للمشاكل التي تواجه الشعب هو الدافع لاستجوابكم لرئيس الجمهورية ولكن، هلاّ تأملتم ان النتيجة المرة لعملكم ستصب في سلة العدو ـ لا سامح الله ـ ؟!