ماكرون يحارب الإسلام انتخابياً..
نضال حمادة
اقتربت المواعيد الانتخابية الفرنسية، وعادت معها حليمة لعادتها القديمة في ظل إفلاس في الإنجازات لحكم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتراجع في القدرة الشرائية للفرنسيين وتراجع في نفوذ فرنسا الأوروبي والدولي، واستمرار حركة السترات الصفراء وآخرها الفشل الشخصي للرئيس الفرنسي في لبنان كل هذا اجتمع مع وباء كورونا ليجعل من عهد ماكرون عهد الفشل والإفلاس على كل الصعد. ومع اقتراب المواعيد الانتخابيّة البلديّة والمناطقيّة ومن بعدها الرئاسيّة والنيابيّة، وفي ظل غياب أي إنجاز محلي ودولي يشكل رافعة لماكرون وحزبه في الانتخابات المقبلة، أخرج الفرنسي من أدراجه ملف الإسلام ليستخدمه في حملاته الانتخابيّة.
ظهر ماكرون في خطابه الذي حمل عنوان الانفصالية الإسلاميّة، مثل دونالد ترامب في أول أسابيع حكمه، تحدث بمنطق أكثر الجماعات الدينية تطرفاً ضد الإسلام قال إن الإسلام يعيش أزمة عالمية وأزمة داخلية. دعا الى إعادة صياغة الإسلام وهو في هذا اتبع استراتيجية جارد كوشنير ومحمد بن سلمان، تحدث عن قرار سياسي واستراتيجية عمل لصناعة إسلام فرنسيّ على مقاس حملته الانتخابية، قرر إغلاق أي جمعية إسلاميّة على الشبهة، من دون قرار قضائي، قرّر منع تدريس اللغة العربية في المساجد، منع تدريس القرآن إلا من قبل جهات تعينها السلطات الفرنسية، منع لبس الحجاب وتوسيع قرارات وقوانين منعه لتشمل كل القطاعات.
في ظل هذا الهجوم الهستيري تصلح جملة طابخ السم آكله لوصف الحالة الفرنسية حالياً في ظل التواجد والنفوذ والقوة التي تتمتع بها التيارات السلفيّة التكفيريّة في بعض مناطق فرنسا بدعم وتوجيه وحماية من المخابرات الفرنسية وبأوامر من الجهات السياسية والحكومية الفرنسية طيلة عقود منذ حرب أفغانستان وصولاً للحرب في سورية وعليها والتي عملت فيها المخابرات الفرنسية والتيارات السلفية المحاربة سوياً لإسقاط النظام في سورية، وكانت المخابرات الفرنسيّة تشرف على عمليات تجنيد وإرسال المقاتلين السلفيين الى تركيا ومنها الى سورية على طريقة «حادت عن ظهري بسيطة»، كان بعض أئمة المساجد في باريس وليون الذين عينتهم فرنسا يدعون علناً للذهاب الى سورية للجهاد وإسقاط النظام باسم الدين تحت أعين السلطات الأمنية والسياسية الفرنسية وبدعم منها. والآن بعد أن هزمت هذه المجاميع وقرّرت غالبيتهم العودة من حيث أتوا أي الى فرنسا وبلجيكا يدب الرعب والهلع في باريس، خصوصاً في ظل عدم تعاون السلطات السورية معهم بسبب المواقف الفرنسية المعادية لسورية لحد الآن. من هنا وجد ماكرون ضالته الانتخابية بتحريك مشاعر الشارع الذي يتعرّض دائماً للشحن والتحريض ضد الإسلام ويستضعف المسلمين المتواجدين على أرضه بسبب ظروف العالم الإسلامي المترهلة، غير أن هذه الحملة الانتخابية لن تكون خالية من المخاطر في ظل تواجد مئات السلفيين العائدين من سورية والذين فقدت الأجهزة الفرنسية والأوروبية الاتصال بهم وفي ظل تحالف مصالح بين هؤلاء وبين تجار المخدرات ومافيات تبييض الأموال ومافيات تهريب المهاجرين، كل هذه العوامل على الأرض تجعل مستقبل العلاقة بين فرنسا ومسلميها والجماعات التكفيريّة التي ربّتها وحضنتها غير سليم ويدعو الى القلق من صدام قادم لا يعلم أحد مدى ضرره على فرنسا قبل غيرها.