محمد بن سلمان بين مطرقة التطبيع وسندان الشعب
رغم تمسك السعودية بتأجيل إقامة علاقات رسميّة مع العدو الصهيونيّ، تعمل الرياض على تعزيز التقارب السريّ مع تل أبيب، لكن مملكة آل سعود تدرك جيداً أنّ مواطنيها متعاطفون بشدة مع القضيّة الفلسطينيّة ولا يمكن أن يقبلوا بعلاقات شاملة مع الكيان الغاصب، ما يدفعها للقيام بلقاءات سريّة مع الصهاينة، حيث كشف ضابط استخبارات إماراتيّ عبر موقع تويتر، عن لقاء سرّي جمع ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، بوفد صهيونيّ على متن يخته الشخصيّ في البحر الأحمر.
لقاء سريّ
بالتزامن مع تأكيد الرياض أنّها لن تتبع نهج البحرين والإمارات في تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيونيّ، من دون حل للقضيّة الفلسطينيّة، بيّن الرئيس الاميركيّ، دونالد ترامب، في أوقات مختلفة، أنّ السعودية موافقة على إبرام اتفاق مماثل، سيكون بمثابة أكبر خيانة للقضيّة الفلسطينيّة.
وعلى ما يبدو، فإنّ اللقاء السريّ الذي جمع بين ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، قبل أيام، ووفد إسرائيليّ على متن يخته في البحر الأحمر، بمرافقة رئيس الاستخبارات السعوديّة، كان بدواعي مشاريع التطبيع الجارفة في المنطقة العربيّة، بعكس المزاعم التي تتحدث أنّ هذا اللقاء ارتبط بعمليّة القبض على إرهابيين مدعومين من الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة.
ومن الجدير بالذكر، أنّ رئاسة أمن الدولة السعوديّ، الاثنين المنصرم، ادعت اعتقالها "خليّة إرهابيّة" تتكون من 10 عناصر، موضحة أنّ بعضهم تلقى تدريباتهم في إيران، وفق زعمها.
وكان حساب "بدون ظل" التابع لأحد ضباط الاستخبارات الإماراتيّة، فضح البنود السريّة لاتفاقية التطبيع بين الإمارات والعدو الصهيونيّ، من بينها قيام تل أبيب بمراقبة الموانئ البحريّة والجويّة بالإضافة إلى شبكات الاتصال ومواقع التواصل، فضلاً عن الحسابات البنكية.
حَيْرة سعوديّة
في الوقت الذي تتحدث فيه الكثير من التقارير الإعلاميّة العربيّة والدولية عن العلاقات السعوديّة - الصهيونيّة، وإمكانية تطبيع الرياض مع تل أبيب في المرحلة المقبلة، انقلبت سياسة وسائل الإعلام السعوديّة التي كانت تصف كيان الاحتلال في السابق، بالـ "العدو الصهيونيّ" أو "الاحتلال الإسرائيليّ" أو "كيان الاحتلال"، وأصبحت في الفترة الأخيرة تشيد بشكل جليّ، باتفاقات الخيانة التي أبرمتها بعض الدول الخليجيّة مع عدو الأمّة العربيّة.
لكن طموحات محمد بن سلمان في التطبيع مع الكيان الصهيونيّ، تصطدم بوجهة النظر الشعبيّة في البلاد، والتي ترفض بشكل قاطع مسألة التطبيع مع العدو لاعتبارات إنسانيّة وأخلاقيّة ودينيّة، ما وضع ملوك الرمال في بلاد الحرمين بحيرة من أمرهم، فإمّا الخنوع لرغبات واشنطن وتل أبيب ودفع الثمن في الداخل السعوديّ، أو السير على رغبة الشعب السعوديّ، الأمر الذي سيصب جام غضب الولايات المتحدة وطفلها المدلل "الكيان الصهيونيّ" عليهم.
وما ينبغي ذكره، أنّ "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، أشار في استطلاع نادر للرأيّ العام السعودي، قبل مدة، إلى أنّ الأغلبيّة العظمى من المواطنين السعوديين لا يؤيدون اتفاق التطبيع مع العدو الصهيونيّ.
ويُشار إلى أنّ السعودية استجابت لطلب الإمارات بالسماح للرحلات القادمة من الأراضي المحتلة الواقعة تحت سلطة العدو الغاصب بعبور أجوائها، ما يدل على أنّ خطوة الاستسلام الإماراتيّة لا تعكس موقفها الفرديّ فحسب، بقدر ما تؤشر إلى موقف مشترك سينقل عدة دول إلى حظيرة التطبيع مع الاحتلال الصهيونيّ ونقله من السر إلى العلن.
ومع أنّ المملكة لم تعترف برغبتها الجامحة في التطبيع، إلا أنّ محللين يرون أنّ علاقاتها مع الكيان الصهيونيّ شهدت تحولات جوهريّة في الآونة الأخيرة خاصة من الناحيّة الاقتصاديّة، فيما يعتبر مدونون أنّ السلطات السعوديّة سعت إلى تهيئة المواطنين السعوديين لتقبل مسألة التطبيع من خلال الضخ الإعلاميّ السلبيّ، إضافة إلى إنتاج مسلسلات تروج لتلك الفكرة.
بناء على كل ذلك، من غير المحتمل أن توقع مملكة آل سعود بشكل رسميّ على اتفاق الخيانة مع الكيان الصهيونيّ في ظل الضغط الشعبيّ الرافض لذلك، لكن من المؤكّد أنّ احتمالات التعاون في كل المجالات بينهما سيتطور إلى أبعد الحدود، وخاصة بعد الاتفاق الإماراتيّ، الذي جعل حكام السعوديّة يشعرون بأنّ الإمارات تتقدم عليهم، فمن الصعب عليهم تقبل ذلك، الشيء الذي سيدفعهم للبحث عن حل لتلك القضيّة.
الوقت-