kayhan.ir

رمز الخبر: 119727
تأريخ النشر : 2020September23 - 19:59

هل اقتربت الحرب النهائية في سورية؟

د. وفيق إبراهيم

تتراجع الموانع التي كانت تحول دون فتح معارك واسعة لطرد الأميركيين من شرقي الفرات والأتراك من منطقة ادلب.

هذا استنتاج روسي أطلقه وزير خارجيتهم لافروف الذي أعلن أن المعارضة السورية التقليدية انتهت ولم يبق إلا هيئة تحرير الشام وريثة منظمة القاعدة في ادلب المدعومة من قوات تركية منتشرة فيها، مضيفاً ان الاميركيين في شرق الفرات يحتلون المنطقة بالتعاون مع انفصاليين أكراد وتسرق شركاتهم الاميركية النفط السوري.

هناك اذاً تحولٌ عميقٌ في الموقف الروسي الذي يحدد للمرة الأولى ضرورة العمل على تحرير شرقي الفرات وطرد الهيئات الإرهابية من مناطق النفوذ التركي.

ولتجميل موقفه قال إن الاتراك يعملون على تضييق الرقعة التي يسيطر عليها الإرهاب في ادلب.

لماذا هذه الاندفاعة الروسية المفاجئة؟

يعتقد البعض أنها ردة فعل على التدخلات الاميركية الخطيرة في بيلاروسيا التي تستهدف النفوذ الروسي فيها بالإضافة الى الضغوط الأميركية على المانيا واوكرانيا وتركيا لإلغاء الخطوط التي تنقل الغاز الروسي الى اوروبا.

يمكن إضافة التحركات الاميركية العنيفة لإسقاط الرئيس الفنزويلي مادورو صديق الروس والصينيين.

قد تكون هذه الأسباب راسخة في العقل الروسي، لكنها ليست عناصر وحيدة تحكم المعطيات الحقيقية.

لذلك تجب العودة الى مركزية الأسباب المتعلقة بأمرين: انهيار المعارضات الداخلية السورية واستمرار الاحتلالين التركي والاميركي.

الى جانب حصار اقتصادي اميركي يقفل حدود سورية مع الأردن والعراق ويعمل على إقفالها نهائياً من جهة لبنان، خصوصاً أن معلومات فرنسية كشفت عن سرقة مصرفية مشبوهة أخلت فيها بنوك لبنانية ودائع سورية قيمتها أربعون مليار دولار تقريباً كان رجال أعمال سوريون يستخدمونها لاستيراد بضائع للزوم الأسواق السورية عبر حدود لبنان.

بما يعني أن هذا الحصار الأميركي للبنان وسورية يريد خنق البلدين معاً.

ولا يمكن ايقافه إلا بإلغاء الدور الاحتلالي الأميركي في شرق سورية وذلك لإلغاء المشروع الانفصالي الكردي وتحرير آبار النفط والغاز لإعادة استخدامها في تلبية الاستهلاك السوري الداخلي الذي يتعرّض حالياً لأزمة وقود كبيرة هي جزء كبير من ازمة اقتصادية عامة تدفع بسورية الى مزيد من الفقر.

هذا الى جانب اقتراب موسم الشتاء الذي يستهلك فيه السوريون عادة كميات أكبر من الطاقة.

أما الأسباب الأكثر عمقاً فلها علاقة بإصرار الدولة السورية على تحرير كامل أراضيها المحتلة، انسجاماً مع وطنيّتها وتطبيقاً للقانون الدولي الذي يعتبر أي قوة عسكرية تتموضع في أراضي بلد آخر غير دولتها ومن دون موافقة اصحاب السيادة هي قوة احتلال، يمكن التعامل معها بالقوة المسلحة.

الموضوع اذاً ليس موضوع قوانين دولية ينتهكها الأميركيون بشكل دائم منذ خروجهم الى ملعب المنافسات الدولية بعد انتصارهم في الحرب العالمية الثانية في 1945.

إنها مسألة موازين قوى تدفع مَن يحوز عليها الى تحصيل حقوقه. هذا في حالة سورية، او الاعتداء على الآخرين وفق النموذج الاميركي والتركي.

وفقاً لهذا المعطى المثبت بالأسانيد التاريخية، تستشعر الدولة السورية والحليف الروسي والصديق الايراني ان انتهاء المعارضات السورية الداخلية هو التوقيت الدقيق للبدء بالتعامل مع آخر المعوقات التي لا تزال تعرقل سيادة سورية على كامل أراضيها واستعادتها للموقع الداخلي والإقليمي والازدهار الاقتصادي.

ما يجب التأكيد عليه بعد هذه القراءة ان تصريح لافروف هو نتيجة مشاورات مع الرئيس الأسد وقيادته استناداً الى تغيير في موازين القوى الداخلية لمصلحة حلف الدولة السورية.

لجهة هذه الموازين، يكفي أن هناك تمرداً من أبناء شرق الفرات على الحلف الأميركي – الكردي يتطوّر بسرعة نحو التحالف مع الدولة السورية على الرغم من محاولات سعودية – إماراتية لإعادة جذب العشائر السورية في الشرق لحضن الأميركيين وبالتعاون مع قوات قسد الكردية الانفصالية.

كما أن أبناء ادلب وشريط الحدود السورية مع تركيا يعلنون سخطهم من الدور التركي الذي يصفونه بشبيه الاحتلالات الأميركية والتركية.

هل تندلع الحرب السورية على الأميركيين والأتراك في وقت قريب؟

الظروف أصبحت ناضجة إلا أن الواضح ان الروس يعوّلون على علاقاتهم بالأتراك لإقناعهم بالانسحاب من ادلب ويعتقدون ان انطلاق المقاومة الشعبية السورية في شرقي الفرات بالتنسيق مع الجيش العربي السوري هو الفيصل في إقناع التركي بالتراجع الى أراضيه من دون أي تسويات لا يزال يصرّ عليها بين الدولة السورية والاخوان المسلمين.

تشير هذه المعطيات الى أن الازمة السورية تدخل الحروب الأخيرة من معارك تحرير سورية واستعادتها لسيادتها من جهة ودورها الإقليمي في كبح مسلسل التطبيع من جهة ثانية وتحالفاتها العربية والإقليمية والدولية التي تعمل على إسقاط النظام الأحادي القطبي الاميركي لمصلحة عالم أكثر أماناً واستقراراً.