الشهيد زياد أبوعين… وإدراك بربرية “إسرائيل”!
د. فايز رشيد
قتلت "إسرائيل” مناضلاً فلسطينياً جديداً هو الشهيد زياد أبوعين, ذو التاريخ الحافل بالنضال من أجل وطنه. قتلته قوات الاحتلال… استهدفته, وأرادت أن يموت. اعتقدوا أنهم سيقتلون بذلك مقاومة شعبنا من أجل أرضه! الفلسطينيون, وإحساساً منهم بخلود فلسطين العربية الكنعانية… يغرسون شجرة لها معنى الأزل والتلاحم مع التاريخ… إنها شجرة الزيتون.
هذا ما كان يفعله أبو عين. ولأن الشعب الفلسطيني كما أمتنا العربية يكره العنصرية ويمقتها, ولأنه مع التواصل بين أبنائه وقراه ومدنه، فهو ضد الكانتونات وضد الفصل العنصري. عدّونا عنصري اعتاد أسلافه على الانعزال خلف جدار”الغيتو” واخترعوا تعبير”العداء للسامية” لخدمة أهدافه, ولإبقاء الاحتلال جاثماً فوق أرضنا, وعلى صدور أبناء شعبنا … لكل ذلك بنوا الجدار. أبو عين تظاهر مراراً ضد الجدار, ولهذا استهدفوه… فهم يحاولون مسح تاريخنا, ورموز الخلود الارتباطي بين الأرض الفلسطينية والتاريخ، لذا فإنهم يستهدفون الزيتون وكل المدافعين عنه، ومنهم أبو عين.
من جانب ثانٍ.. انحسر رد فعل السلطة الفلسطينية, في وصف الرئيس عباس للفعل المشين بـ”البربري” وما أعلنه الرجوب من وقف للتنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني… كنا ننتظر تأكيداً عليه وبسرعة بعد اجتماع القيادة الفلسطينية في السابعة من ذات مساء استشهاد (أبو)عين! لكن الاجتماع تأجل إلى الأسبوع القادم, ولم يتم إقرار وقف التنسيق الأمني مع الكيان. كنا ننتظر قرارات أخرى من السلطة الفلسطينية: قرار بعدم العودة إلى المفاوضات مع الكيان وقطعها نهائياً, قرار بالتأكيد على المقاومة المسلحة وكافة أشكال المقاومة الأخرى وبما فيها الشعبية التي يدعو إليها الرئيس عباس, لكنه وكما صرّح مراراً، لن يسمح باندلاع انتفاضة ثالثة (مع أنها تعتبر مقاومة شعبية!), قرار بالتأكيد على الوحدة الوطنية الفلسطينية وتجاوز الانقسام, قرار بـ إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية… وصولاً إلى تنفيذ التهديدات التي أطلقتها السلطة الفلسطينية بحلّ نفسها وتحميل الكيان لمسؤولياته الاحتلالية.
ما نقوله للسلطة: "إسرائيل” بربرية منذ ما قبل إنشائها, وتطورت أشكال بربريتها وعدوانها الهمجي ومذابحها المستمرة وموبقاتها وجرائمها المتواصلة بمرور السنين على إنشائها القسري. نعم, لم يكن قتل الشهيد (أبو) عين سوى نقطة في بحر جرائمها. عدوان الـ 51 يوماً على قطاع غزة, والألفا شهيد, وآلاف الجرحى, وهدم بيوت احياء بكاملها على رؤوس سكانها, كل ذلك دليل على وحشية الكيان وجرائمه… فكيف بحرق جسد الطفل الفلسطيني الشهيد محمد أبو خضير حيّاً بعد سكب البنزين عليه وإسقائه كمية منه؟ جريمة يندى لها جبين الإنسانية!؟.
"إسرائيل” تعتبر على الساحة الدولية, دولة فوق القانون رغم أن جرائمها تفوقت في وحشيتها على النازية والفاشية وكل الظواهر الأخرى المشابهة! العالم لم يتعامل مع الظاهرتين المعنيتين سوى من خلال القضاء على وجودهما… أما الكيان فكل اعتداءاته على شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية تفسّر أميركياً وغربياً بأنها دفاع عن الأمن الإسرائيلي!, وفي بعض الأحيان عندما تكون الجرائم الصهيونية فاقعة, تجري إدانات خجولة من بعض الدول… إدانات لا تسمن ولا تغني من جوع!.
اتفاقيات أوسلو المشؤومة وفي صياغاتها القانونية نصّت على التنسيق الأمني بين السلطة و”إسرائيل”. "إسرائيل” وحليفتها الأميركية أرادتا من صياغة هذا البند أن يجعلا من السلطة, حارسة لأمن الاحتلال!. ولهذا فرضتا على السلطة الفلسطينية اعتقال منفذي العملية البطولية باغتيال الوزير الفاشي المتطرف رحبعام زئيفي, والتي جاءت رداً على اغتيال الأمين العام للجبهة الشعبية أبو علي مصطفى. مسؤول فلسطيني كبير صرّح لإذاعة الجيش الإسرائيلي (الجمعة 12 ديسمبر الحالي) بأن السلطة لن توقف التنسيق الأمني مع "إسرائيل”!.
"إسرائيل” لم تكتف بذلك, بل قامت وباعتداء همجي من خلال العدوان على سجن أريحا وباختطاف المعتقلين ومن ضمنهم قيادي من حركة فتح فؤاد الشوبكي. "إسرائيل” بهذه القرصنة, خالفت اتفاقية إسرائيلية – فلسطينية – أميركية – غربية تقضي بإشراف غربي على حراسة السجناء المعنيين! الكيان لم يعاقب من الدول التي وقّعت الإتفاق بل جرى تفسير اعتدائه على أنه حق مشروع للدفاع عن النفس!. ألا يعتبر ذلك البربرية بعينها!؟. نعم, منذ زمن طويل أوضحت "إسرائيل” حقيقتها الإجرامية البربرية, فهل فقط أدركنا هذه البربرية.. الآن!؟ سؤال نوجهه برسم الإجابة عليه من كل لم يدرك بربرية الكيان… إلا موخراً!؟.