لوفيغارو: التحالف بين ايران والصين، نقطة تحوّل كبيرة في رقعة الشطرنج العالمي
باريس - وكالات انباء:- كتب المحلل الصحافي المتخصص في الأزمات والصراعات الدولية "رينو جيرار"، في مقال نشرته مجلة "لوفيغارو" الفرنسية، تطرق فيه بإسهاب الى الاتفاقية الاستراتيجية البالغ مدتها /25 /عاماً بين ايران والصين. قائلا: إنّ هذه الاتفاقية كما هي واضحة، تأتي في إطار نهج "الهيمنة” التجارية للصين على مساحاتٍ شاسعةٍ من آسيا وأروبا. وأن الرئيس الصيني يريد أن ينتصر في الحرب الباردة المفروضة على الصين من قِبَل الولايات المتحدة.
وكتب "جيرار": إنّ "شي جين بينغ”، الرئيس الدائم لجمهورية الصين الشعبية، هو قائدٌ مُحنّك بعيدُ النظر، ويعمل لأجل أمدٍ بعيد. هدفه الأسمى هو أن يتحوّل بلده مع حلول عام /2049/ الى أقوى بلدٍ في العالم، لكي يحتفل بالذكرى المئوية الأولى لانتصار الحزب الشيوعي الصيني على النظام الملكي.
وتكمن سياسته الخارجية في تقوية "طريق الحرير” (الذي يُعرف أيضاً بمبادرة الحزام والطريق)، وهو يريد من خلال هذه الوسيلة، فرض الهيمنة التجارية للصين في مساحات واسعة من آسيا وأوروبا.
وقال: إنّ "شي” هو شخصٌ استثنائيٌّ في وضع الاستراتيجيات؛ واتخاذ التدابير؛ ووضع التكتيكات الشخصية، ويعرف جيداً كيفية تحقيق الاستفادة القصوى من الفرص المتاحة، كما أنّه يعرف أنّ الخصم الوحيد للصين في العالم هو أمريكا التي تمرّ بمرحلة ضعف وانقسامات سياسية وعرقية واسعة النطاق، ولابد من اغتنام الفرصة على أكمل وجه.
ويقول "جيرار": إنّ وزير الخارجية الايراني الدكتور محمّد جواد ظريف، أعلن في 16 تموز/يوليو الجاري أمام برلمان بلاده أنّهُ مكلّفٌ من قبل قائد الثورة الاسلاميةومن قبل الحكومة بأن يوصل الاتفاق الاستراتيجي مع الصين الى المرحلة النهائية. مضيفاً: نظراً لعدم وجود الشفافية، التي نجدها دوماً في السياسة الخارجية للصين وايران، فإنّ محتوى هذا الاتفاق ما زال مجهولاً بالنسبة لنا، وبطبيعة الحال، فإنّ بعض التوافقات والعقود ضمن إطار هذا الاتفاق الاستراتيجي ستبقى سريّة. ما تمّ الكشف عنه حتّى الآن هو أنّ الصينيّين يريدون أن يستثمروا /400/ مليار دولار في البنى التحتية الصناعية والاقتصادية لإيران، مقابل أن تبيع إيران النفط والغاز للصين بخصمٍ تبلغ نسبته 30%.
وكتب: الصينيون سعداء بدخولهم الى ايران، أرض الإمبراطورية الفارسية العظيمة، والتي تلعب دوراً رئيسيّاً في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى؛ رغم انهم يعرفون ان واشنطن ستفرض عليهم عقوبات.
لقد أجرى الصينيّون في العام الفائت مناوراتٍ بحرية مع القوات البحرية الايرانية، ومع توقيع هذه الاتفاقية الاستراتيجية، فإنّ الصينيّين سيستفيدون بشكلٍ كبير من مرافق الموانئ والمطارات الايرانية، وستمنح هذه الاتفاقية الصينيّين فرصة امتلاك قواعد تتيح لهم وصولاً حصريّاً إلى الخليج الفارسي وبحر قزوين أيضاً.
لكنّ الجديد في هذه الاتفاقية العسكرية- الاقتصادية، التي من المحتمل أن ينضمّ الرّوس أيضاً الى الجزء العسكري منها، هو أنّ مهندس هذا الاتفاق في الجانب الايراني ليس الحرس الثوريّ، وإنّما هو شخصٌ وسطيّ ومعتدل مثل ظريف.
واكد "جيرار" على أنّ "هذا الانسحاب الاستراتيجي المهمّ للولايات المتحدة، يسلّط الضوء على خطأٍ ارتكبه دونالد ترامب، الرئيس الحالي للولايات المتحدة، أثناء إخراج أمريكا من الاتفاق النووي، الذي أبرم مع ايران في 14تموز/يوليو 2015. هذا الاتفاق الذي تفاوض عليه جون كيري بصبر، نسفهُ دونالد ترامب بسبب كراهيّته لأوباما.