kayhan.ir

رمز الخبر: 11662
تأريخ النشر : 2014December10 - 20:54

الأداء الجيد لمحور المقاومة يضع واشنطن أمام بوابة الخروج من التاريخ

عقيل الشيخ حسين

من الآن وحتى نهاية الفترة الرئاسية الثانية للرئيس أوباما، يعيش الحكم في الولايات المتحدة عامين من التعايش الصعب بين البيت الأبيض والكونغرس. وتأتي استقالة وزير الحرب، تشاك هاغل لتدفع أميركا نحو المزيد من التخبط في أزمتها الناشئة عن حربها الفاشلة على سوريا.

"سيد البنتاغون” ليس الصفة الوحيدة لتشاك هاغل. صفته الأخرى الأكثر أهمية لأنها وراء خروجه، أو إخراجه، من البنتاغون، هي كونه أكبر مسؤول أميركي في الطابور الدولي والإقليمي الذي ما يزال يعتقد بأن مشروع إسقاط سوريا يجب أن يتم تنفيذه عن طريق التدخل الأميركي المباشر.

حرب مباشرة أم غير مباشرة ؟

فالطابور المذكور يتبنى موقفاً يستند إلى جملة مقولات تتبرم من تركيز هجمات التحالف الدولي على داعش، وتعتبر أن ضرب داعش من شأنه أن يخدم النظام السوري. وبالتالي، تطالب بإرسال قوات برية وبرفع مستوي التدخل الأميركي في سوريا.

مع ضرورة الإشارة إلى أن الكلام عن محاربة داعش، سواء صدر عن الطابور المذكور أو عن مركز القرار الأميركي في البيت الأبيض، يفتقر إلى الجدية لأسباب تمتد من اختراع هذا التنظيم من قبل الدوائر التي تزعم محاربته، ولا تنتهي -حتى في الوقت الذي تتعرض فيه بعض مواقعه لقصف طائرات التحالف- بالاستمرار في دعمه على جميع المستويات.

وزير الحرب الاميركي تشاك هيغل

أما الموقف الذي يتبناه أوباما فيندرج في إطار مفهومه للحرب الناعمة أو غير المباشرة، أي تلك الحرب التي تدفع فيها واشنطن حلفاءها وأدواتها أو حتى جيوشاً من المرتزقة، لتنفيذ المهام العدوانية التي كان الجيش الأميركي يقوم بتنفيذها خلال العقود الأخيرة. والواضح أن الهزائم التي مني بها الجيش الأميركي وامتداده المتمثل بالجيش الإسرائيلي هي التي فرضت، بالتوازي مع انتقال الاهتمام الأميركي نحو الباسيفيكي، اعتماد هذا الخيار.

أوباما : الحرب غير المباشرة هي أفضل ما يمكن في ظروف المشكلات التي تعاني منها أميركا في الداخل والخارج

والأكيد أن 40 شهراً من الحرب الأميركية غير المباشرة على سوريا قد أثبتت فشلهاخصوصاً بعد كل الرهانات المتسرعة على سقوط النظام السوري في غضون أسابيع أو أشهر قليلة. والأكيد ايضاً أن حجة الفريق المعارض لأوباما قد اكتسبت مزيداً من القوة مع دخول داعش على الخط. لا بما هي استمرار لأسلوب الحرب غير المباشرة التي ثبت فشلها وحسب، بل بما يحيط بداعش من التباسات من شأنها أن تسهم في تعميق المأزق الذي يعاني منه معسكر الهيمنة في المنطقة.

التباسات ليس أقلها، بعد أن ننحي جانباً، المخاوف المزعومة عن خطر داعش على الغرب وحلفائه في المنطقة، اضطرار واشنطن إلى تشكيل تحالف من 80 دولة لمحاربتها بعد أن كانت هي التي صنعتها، وما ينطوي عليه ذلك، سواء حاربتها أم لم تحاربها، من تعبيرات عن التخبط الذي لا يفعل غير التمهيد للمزيد من الفشل.

وإذا كان بإمكان أوباما أن يبرر طريقته في إدارة الحرب على سوريا والمنطقة بأنها أفضل ما يمكن في ظروف الهزائم والمشكلات التي تعاني منها أميركا، فإن معارضيه في المنطقة وفي الداخل الأميركي، يتهمونه بالجبن والتردد وحتى بالانحياز للنظام السوري والانحناء أمام إيران، ويصرون على استخدام اسمه الثلاثي، باراك حسين أوباما، لتعزيز التهمة الأخيرة الموجهة إليه.

تعطل أميركي

ويتهمونه خصوصاً بعدم إدراك "قوة أميركا”، ما يعني أنهم يريدون اللجوء إلى الأسلوب الذي اعتادت عليه الولايات المتحدة منذ حربي كوريا وفييتنام وصولاً إلى حربي أفغانستان والعراق، وما بينهما من أشكال الغزو والتدخلات العسكرية. علماً بأن "قوة أميركا” لم تمكنها من كسب أكثر تلك الحروب وأنها باتت أكثر عجزاً عن ذلك في الظروف الدولية الجديدة والحضور القوي لروسيا والصين وإيران وغيرها على المسرح الدولي.

كان تشاك هاغل الشخصية الوحيدة التي يمكن لأوباما أن يستفيد منها في فتح جسر للتواصل والتعايش الإيجابي مع الكونغرس الذي سيطر عليه الجمهوريون بشكل كامل في الانتخابات النصفية التي جرت الشهر الماضي.

مؤكد أن أميركا لن تتمكن، من الآن وحتى نهاية الفترة الرئاسية لأوباما بعد عامين، من اتخاذ قرارات حاسمة بخصوص ما يواجهها من مشكلات داخلية وخارجية. فعدم التناغم بين البيت الأبيض والكونغرس من شأنه أن يدخل واشنطن في حالة من "التعطل” يمكن وصفها بأنها خروج أميركي من التاريخ. وهذا الخروج مرشح لأن يصبح مستديماً بعد عامين، خصوصاً إذا ما انصاع الرئيس الجمهوري الذي سيخلف أوباما لرغبات دعاة الحرب وحيتان الصناعات العسكرية.

وعليه، لا تكون نتائج الأداء الجيد لمحور المقاومة في المنطقة مقتصرة على المنطقة، بل تتعداها إلى كبريات مؤسسات الحكم في الولايات المتحدة. وهذا بالضبط ما اعترف به تشاك هاغل نفسه عندما صرح مؤخراً بأنه لا يشعر بالقلق بخصوص منصبه، بل بخصوص الأوضاع في الشرق الأوسط وتداعياتها على مستوى الولايات المتحدة.