رعب الشمال وفضيحة "الجيش الأقوى" في المنطقة
غالب قنديل
قيل قديما إن "إسرائيل" دولة أقيمت لجيش واستنتج باحثون وخبراء ان هيبة "تساحال" وسمعته وقدرته على البطش بالأعداء ( العرب ) هي ما يبقي ملايين المستوطنين القادمين من عشرات البلدان والذين يعولون على حماية القوة العسكرية التي زودتها الحكومات الأميركية والأوروبية بجميع القدرات العسكرية والأمنية والتقنية واللوجستية لخوض الحروب العدوانية واحتلال الأراضي على يد ذلك الجيش الذي سموه جيش الدفاع وكان يملك زمام المبادرة إلى خوض المعارك والحروب منذ تأسيسه بعد اغتصاب فلسطين واقتلاع شعبها وتشريده وأقام قاعدة عسكرية متقدمة للهيمنة الاستعمارية الغربية على الشرق الكبير.
أولا ما جرى إعلاميا في غضون ساعتين كان بمثابة حرب افتراضية تختصر حصيلتها عقودا من الصراع العربي الصهيوني واجهت خلالها فصائل المقاومة الشعبية المقاتلة اللبنانية والفلسطينية هذا الكيان وجبروته بدعم من سورية وإيران وانتصرت عليه في جولات حاسمة توجتها بمعادلات الردع التي نزعت زمام المبادرة من يد العسكرية الصهيونية ومجددا صنع حزب الله انتصارا باهرا سياسيا ومعنويا بل وعسكريا لم يكلفه طلقة او صاروخا او قطرة دماء وأبقى الكيان الصهيوني برمته معلقا على حالة انتظار مرعب لرد سيأتي حتما.
الأبرز في هذا الانتصار الواضح هو ما أطلقه الحدث من تفاعلات كثيفة في إعلام العدو وعلى صعيد الرأي العام الصهيوني الذي تقلب بين الرعب والبلبلة وازمة الثقة ومن ثم الخيبة الكاملة من مؤسساته وقادته الذين ظهروا في حالة من الهلوسة المفرطة والكذب المفضوح نتيجة الارتباك والرعب من قوة المقاومة وقدراتها.
ثانيا وفقا لما ورد في بعض التعليقات الصهيونية بعد بيان المقاومة الإسلامية هناك رجل واحد يستطيع بإنذار واحد من حزبه القوي القادر وشبابه المستعدين لبذل أرواحهم ان يفرض على الدولة المدججة من احدث ترسانات الغرب العسكرية التقليدية والنووية الوقوف "على رجل ونص" وهذا الرجل بمصداقيته أدخل الكيان الاستيطاني في حالة هذيان وترقب وتوتر وأصاب مقتلا في سمعة عموده الفقري وفخر الحركة الصهيونية ورعاتها بدون استثناء إنه الجيش "الذي لايقهر" الذي تهشم جبروته في لبنان عندما هرب موليا الأدبار في 25 أيار 2000 تاركا عملاءه في الجحيم وهو الجيش الذي هزم مرة ثانية على يد ذلك الحزب وزعيمه في مثل هذه الأيام قبل أربعة عشر عاما رغم الشراكة الكاملة في التخطيط والتسليح والتذخير والاستخبارات بين الكيان الصهيوني وحلف يضم بقيادة الولايات المتحدة سائر الدول الغربية وبعض الدول العربية في شن الحرب بينما كانت سورية وإيران كالعادة تقفان وحدهما إلى جانب المقاومة وداعميها في لبنان.
ثالثا تجدد الإنذار ببيان ومعه تم التجديد لحال التوتر والهلع اللذان سبقا أحداث مزارع شبعا في عز النهار وتحت الشمس الساطعة حيث لا يستعصي كشف أعمال التسلل على جيش يعتمد في أعمال المراقبة المستمرة على أحدث تجهيزات الرصد والمتابعة بما فيها الأقمار الصناعية الموضوعة في خدمته مع شبكات المخابرات الغربية المزروعة في العمق اللبناني لوظيفة رئيسية هي مراقبة ورصد تحركات حزب الله وتنفيذ طلبات الكيان الصهيوني عبر جمع المعلومات وإعداد التقارير وتجنيد العملاء وتحريض ما أمكن من اللبنانيين ضد المقاومة وحزبها الذي شهد عرضا لم يتخيله يوما لنجاح قوته في تحول الجيش المعادي وقيادته إلى مسخرة باعتراف بعض الإعلام الصهيوني الذي حفل بمرارة الخيبة أمام الفضيحة وقد تذكر اللبنانيون في مثل هذه الأيام كيف وقف عامير بيريتس وزير الحرب في عدوان تموز وامسك ناظوره الحربي بالمقلوب مقابل مواقع حزب الله التي أذلت الكيان وحليفه الأميركي والغرب برمته في تلك الحرب.
رابعا قد تتشعب التفسيرات والتأويلات التي ستطرح في التداول من رواية الإعلام العبري عن المجندة التي اصابها الرعب فتوهمت أنها شاهدت مجموعة من المقاتلين أو خيالاتهم أو قد يأتي من يقول إن حزب الله أوهم العدو بتنفيذ عملية في المزارع من خلال تسريب معلومات باختراق شبكات الخليوي أو بواسطة أدوات الحرب الإلكترونية والسبرانية ولكن تبقى الحصيلة أن قادة العدو لبسوا عدة الحرب والمستوطنين نزلوا إلى الملاجئ مذعورين واشتغلت مخيلات الجنرالات الكبار في نسج الروايات عن معركة لم تقع ووزعوا معلومات متلاحقة بعضها ينفي بعضا بصورة تشرشح سمعة الجيش الصهيوني التي سحقها بيان المقاومة بضربة واحدة حين قال إن إطلاق النار الذي وقع كان من طرف واحد فالمقاومة لم تشن أي عملية ولم تشتبك أو تطلق النار وجاء الوصف الأشد بلاغة على لسان مراسل المنار الزميل علي شعيب الذي وصف ما جرى بأنه كان حربا بين مواقع مدفعية العدو في الجولان المحتل وموقع العدو مقابل كفرشوبا الذي أصابت القذائف الصهيونية الدشم المحيطة به على افتراض ان مجموعة من المقاومة تنفذ اقتحاما لهذا الموقع المحصن.