kayhan.ir

رمز الخبر: 116502
تأريخ النشر : 2020July27 - 21:57
في ذكرى استشهاده الأليم..

الامام محمد الباقر والثروة الفكرية الهائلة



* جميل ظاهري

ونحن نعيش اليوم ذكرى استشهاد الامام الباقر(ع) المفجع والمؤلم ، حيث اغتاله الحاكم الاموي "هشام بن الحكم" المعروف عنه من أكثر حكام بني أمية حقداً وكراهية لآل البيت (ع) ، فقام باعتقال وسجن الامام محمد الباقر (ع) بعد أن ذاع فضله (ع) بين أهل الشام عندما كان روحي فداه هناك بأمر من "هشام"، وفي السجن بدأ الامام (ع) يلقي بمحاضراته وعلومه وآدابه أمام السجناء الذين احتفوا به وقدروه تقديراً عظيماً. ولما علم بذلك "هشام" أمر باخراجه من السجن وإرجاعه إلى المدينة خوفاً من الفتنة. وهناك كلف واليه في المدينة المنورة "إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك" بدس السم اليه مخلوطاً بالماء والعسل المسموم..

(الأئمة الاثنى عشر لابن طولون ص281- المناقب ج4 ص 690 والبحار ج11 ص 75)

ولسنا هنا بصدد استعراض الاجرام الأموي كله لأن المقال والمكان والزمان لا يسعان لذلك ومن أراد أن يقف على حقيقة بني أمية عليه مراجعة كتب التأريخ التي كتبها العامة قبل الآخرين ومنها المسانيد والصحاح وتاريخ دمشق وشرح نهج البلاغة لأبي الحديد المعتزلي وغيرها وآخر ما كتب بهذا الخصوص هو المقال الذي كتبه الأديب المصري "أسامة أنور عكاشة" تحت عنوان "هؤلاء هم الرجال الذين اسسوا الدولة الاسلامية" واستند فيه الى مصادر ومراجع معتبرة في التاريخ والسيرة.

كل تلك الصور لم ولن تكون بعيدة عن امامنا ومقتدانا الامام محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليهم السلام الذي كان حاضراً في فاجعة الطف بكربلاء وهو في سن الخامسة من عمره الشريف ولم تغب عنه تلك الصورة المأساوية طيلة حياته حتى قتل مسموماً بحقد الطاغية الأموي.

لقد كان للامام محمد الباقر (ع) دور كبير في إحياء الروح الثورية الحسينية ، وإلهاب الحماس في النفوس المؤمنة بالله عزوجل ورسوله (ص) ضد الحكام الظالمين، حيث جعل الثورة الحسينية حية في نفوس الناس لتمنحهم طاقة ثورية لخوض المواجهة مع الظلم والظالمين في كل الظروف والمناسبات وقتها وظرفها المناسب عبر تأكيده على إحياء الشعائر الحسينية عبر أقامة مجالس العزاء والدعوة لزيارة قبر الامام الحسين (ع) وأصحابه الميامين (ع) وإنشاء الشعر والمراثي يصور الفاجعة الدموية المؤلمة التي دارت يوم عاشوراء عام 61 للهجرة .

فقد كان عليه السلام يقول:"من ذرفت عيناه على مصاب الحسين ولو مثل البعوضة غفر الله له ذنوبه"( بحار الأنوار: 98)، ويقول:"مروا شيعتنا بزيارة الحسين بن علي، وزيارته مفروضة على من أقرّ للحسين بالامامة"( بحار الأنوار: 44 / 293)، فيما بذل من أمواله لنوادب يندبن بمنى أيام الموسم(مقتل الحسين للمقرّم: 106).

لقد ترك الامام أبو جعفر (ع) ثروة فكرية هائلة تعد من ذخائر الفكر الإسلامي، ومن مناجم الثروات العلمية في الأرض وفتق أبوابها، وسائر الحكم والآداب التي بقر أعماقها، فكانت مما يهتدي بها الحيران، ويأوي إليها الظمآن، ويسترشد بها كل من يفيء إلى كلمة الله سبحانه وتعالى.

ووقف الامام الباقر (ع) حياته كلها لنشر العلوم الاسلامية ونشر المثل الانسانية بين الناس، وعاش في مدينة جده (ص) يثرب كالينبوع الغزير يستقي منه رواد العلم من نمير علومه وفقهه ومعارفه، عاش لا لهذه الأمة فحسب، وإنما عاش للناس جميعاً. وكان له (ع) دور عظيم في تفسير القرآن الكريم فقد استوعب اهتمامه فخصّص له وقتاً، ودوّن أكثر المفسرين ما ذهب إليه وما رواه عن آبائه في تفسير الآيات الكريمة.

لقد قام الامام أبو جعفر الباقر (عليه السلام) بأسمى خدمة للعالم الاسلامي، فقد حرّر العملية النقدية من التبعية للامبراطورية الرومية وعلى عهد الحاكم الطاغية الاموي "هشام"، حيث كان النقد يصنع هناك ويحمل شعار الروم النّصارى، وقد جعله الامام (ع) مستقلاً بنفسه يحمل الشعار الاسلامي، وقطع الصلة بينه وبين الروم.