kayhan.ir

رمز الخبر: 116428
تأريخ النشر : 2020July26 - 21:06

من مسلم بن عقيل وصولا لقاسم سليماني

حسين شريعتمداري

1 ـ في الستين للهجرة، اي لـ 1381 عاما خلن ولِّيَ ابن زياد من قبل يزيد بن معاوية على حاضرة الكوفة ليمعن بمحبي أهل البيت (ع) فتكاً وبطشاً، وقد كُلف بمهمة مقاتلة الحسين بن علي(ع) واصحابه، وحين مَرضِ "شريك بن اعور الحارثي"، وهو من شيعة علي بن ابي طالب(ع)، وله سابقة رفقة مع ابن زياد، الذي جاء لعيادته في بيت هاني بن عروة وكان متوعكاً كذلك، فاقترح "شريك بن اعور الحارثي" على مسلم بن عقيل، والذي كان ضيفا على هاني بن عروة اقترح عليه ان يجهز على ابن زياد ساعة وروده منزل هاني، باطلاق عبارة بمثابة سر الليل فيخرج مسلم من مخبأه لينفذ المهمة.

وبعد وصول ابن زياد، كرر شريك العبارة المتفق عليها مع مسلم ثلاث مرات، الاان مسلم يحجم عن مهاجمة ابن زياد، وكانت فرصة مؤاتية ليتخلص منه، وحين يخرج ابن زياد من المنزل، يؤاخذ شريك مسلم بن عقيل مستغربا لعدم قتله لابن زياد، فيجيبه مسلم بانه سمع من رسول الله (ص) منقولا، ان المؤمن لا يقتل احدا غدرا، ولهذا انصرفت عن قتل ابن زياد وقد جاء ضيفا يعود هاني بن عروة في بيته.

2 ـ في صبيحة الثاني من يناير /كانون الثاني من هذا العام، يحل قائد فيلق قدس "قاسم سليماني" ضيفا على العراق، وهو الذي عرفته الشعوب المسلمة وغير المسلمة غرب آسيا لا سيما الشعب العراقي كحافظ لاروحاهم واموالهم وامنهم، بجهاده المستديم وتضحياته المخلصة. فوصل مطار بغداد تلك الصبيحة بدعوة من ابو مهدي المهندس، قائد كتائب حزب الله، ومن مسؤولي قوات الحشد الشعبي العراقي، الذي قاتل مع رفيق دربه القائد سليماني لتخليص الشعب العراقي من هجوم وحشي لارهابيي داعش، فيتم قصف السيارة التي يستقلونها بأمر مباشر من ترامب، فينال القائدين الكبيرين اي الضيف ومضيفه. فيعلن الرئيس الاميركي بصلف ووقاحة انه قد اصدر امر اغتيال الحاج قاسم سليماني! معتبرا شهادة واغتيال هاذين البطلين الاسلاميين فخرا لاميركا وحدثا تاريخياً!

3 ـ ان جميع الملل والنحل تستقبح قتل الضيف معتبريه فعلا مستهجنا يبعث على العار والشنار، وان هذا العمل الشنيع اكثر قبحا وفداحة عند المسلمين ، وحتى تنزجر منه العرب قبل الاسلام، اذ تصنف قتل الضيف ضمن اقبح الافعال، فان قتل شخص ضيفه فسينعكس هذا العمل الشنيع بالعار على افراد قبيلته جيلا بعد آخر، حتى بلغ ببعض زعماء القبائل الى اعدام هذا الفرد من القبيلة الذي قتل ضيفهم كي يغسلوا عارهم بذلك. فالشعب العراقي شعب مسلم وفي الاقل 70% منهم من الشيعة، ومن دون شك تتعامل سائر الاديان الالهية القاطنة في العراق مع هذا العمل والجريمة الشنيعة بامتعاض وكراهية شديدة. هكذا لم يقدم مسلم بن عقيل وقبل 1381 عاما على اغتيال ابن زياد الخبيث الذي كان ضيفا على هاني بن عروة ويسفك دمه غير الطاهر على الارض، فيما تفتخر اميركا بقتل قائدين كبيرين بشكل فجيع وهما من انقذ الشعب العراقي، احدهما كان ضيفا والاخر مضيفا! اي ان اميركا ليست لم تعر لسيادة العراق اي اهمية وحسب بل هي اقدمت على فعلتها الشنيعة جهارا نهارا، معلنة بذلك دعمها لاعداء الشعب العراقي وقتلة نسائه ورجاله واطفاله المظلومين، غير مترددة في تعبيد طريق رجوع عصابات داعش لاستئناف اعمالها الوحشية وجرائمها بحق الشعب العراقي فاغتالت قائدين كانا سدا منيعا امام التكفيريين الوحشيين.

4 ـ وهنا يثار السؤال التالي، وهو ان رئيس وزراء العراق المحترم السيد مصطفى الكاظمي باي بيان اسلامي ومنطقي وشعبي يريد لقاء ترامب وهو قاتل ابناء شعبه؟! وكيف سيشد على يد ملطخة بدماء من انقذوا الشعب العراقي من مخالب التكفيريين الدواعش ؟! ففي العرف الدبلوماسي سيكون لقاء رئيس وزراء العراق المحترم نيابة عن الشعب العراقي، بترامب، وزيارته لاميركا تجاهلا ـ حسب الاعراف السياسية المتبعة ـ او تقليلا لجريمة ترامب من قبل الشعب العراقي الشريف، في الوقت الذي لم يتخلى هذا الشعب من اسلامه وكرامته الوطنية، ولما يغفروا لمن قتل ضيفهم وابناءه المضحين، كي تكون زيارة السيد مصطفى الكاظمي ـ وبالطبع من دون ان يقصد ذلك ـ متضمنة رسالة عفو من الشعب العراقي لترامب!

5 ـ ان اميركا قد اعترفت صراحة بتشجيع صدام لمهاجمة ايران ووعدت باسناده تسليحيا وماليا، ولم تخف الحقيقة المرة ـ وهي مما لا يمكن اخفاؤه ـ بان النفقات الثقيلة للحرب تدفعها الدول العربية العميلة كالسعودية، والامارات والكويت، وقطر و... مما تسببت في قتل مئات الالاف من ابناء الشعب العراقي وابادة الثروات الوطنية لهذا الشعب و...

ونفس هذه الدول شاركت في غزو اميركا للعراق بذريعة امتلاك اسلحة الدمار الشامل، والتي تبين فيما بعد انها كذبة، وكذلك شاركت نفس المجموعة في تاسيس تنظيم داعش التكفيري لارتكاب جرائم قتل بحق العراقيين، فاصطفت هذه الدول بزعامة اميركا واسرائيل ودولارات ال سعود والامارات و... ليسلطوا هذه العصابات الوحشية على ارواح واموال واعراض الشعب العراقي و... وهل ان اعتراف "هيلاري كلينتون" في كتابها "الخيار الصعب HARD CHOICE" يمكن ان ينسى اذ تقول؛ سافرت الى 112 دولة لاقنعهم بدعم هذا التنظيم بعد ان تعلن عن وجودها؟! واليسوا قد ارسلوا جرحى داعش الى مشافي تل ابيب وحيفا، ويقوم نتنياهو بعيادتهم ويلتقط الصور معهم؟! كما ان الكثير من الداعشيين قد اعترفوا حين تم القاء القبض عليهم، بانهم تلقوا في السعودية تدريباتهم، كما وتم العثور في معسكراتهم على اسلحة اميركية متطورة. وان الافلام المصورة عن ايصال المروحيات الاميركية للزاد والعتاد لعصابات داعش المحاصرين ناطقة بهذه الحقيقة الا انه بعد فضح امرهم يصرح قائد القوات الاميركية في المنطقة بان الحادث حصل بالخطأ! و...

6 ـ ويبقى سؤال يطرح نفسه، بان اغتيال الحاج قاسم سليماني وابومهدي المهندس، ما الرسالة التي يمكن ان يبعثها غير العداء والحقد الاميركي وحلفائه من الغربيين والعبريين والعرب نحو الشعب العراقي وسائر شعوب المنطقة، ودعم التكفيريين الوحشيين الداعشيين مصاصي الدماء؟! واليس اللقاء بترامب الذي يعترف ويصرح علنا باغتيال العزيزين العظيمين والمدافعين بارواحهما عن الشعب العراقي، هو تجاهل لجهادهما ومآثرهما، وبمثابة دعم ضمني ـ وان كان غير عمدي ـ لقاتلهما؟! والذي نتوقعه من رئيس وزراء العراق المحترم كاقل رد للجميل تجاه الضيف والمضيّف شهيد شعبه ووطنه، ان يبذل كل وسعه في تنفيذ قرار البرلمان العراقي والقاضي باخراج اميركا من العراق.

7 ـ ونخلص بالتالي الى مسالتين ضروريتين تدفعان الشبهة المحتملة، وهما؛

الف: حسب التوجيهات الحكيمة لقائد الثورة المعظم "ان ايران لم تكن قاصدة قط التدخل في شؤون العراق ولن تتدخل مستقبلا. فايران تريد عراقا عزيزا مستقلا، حافظا لسيادة ارضه ووحدته وانسجامه الداخلي".

وشدد سماحته على "ان ايران لا تتدخل في قضية علاقات العراق مع اميركا، ولكنها تتوقع ان يعرف الاخوة العراقيون اميركا جيدا ويعلموا ان حضور اميركا في اي بلد يؤدي الى الفساد ذلك البلد والخراب والتبديد".

ان هذا المقال كتب بدافع التذكير بجرائم اميركا ومماهات رئيس وزراء العراق المحترم في التعرف على اميركا، والالتفات الى التوجيهات الحكيمة لسماحة قائد الثورة "ان حضور اميركا في أي بلد يؤدي الى فساد ذلك البلد وخرابه".

باء: لا يمكن ان نحدد الوجود المقدس للحاج قاسم سليماني وابومهدي المهندس في الاطر الجغرافية لايران والعراق. فالحاج قاسم وان كان ايرانيا الا انه يجمع الهويات العراقية والسورية واللبنانية واليمنية، وهو يتلخص في انه شخص عالمي، وان ابو مهدي المهندس كذلك وان كان عراقيا، الا انه يعود الى ايران ولبنان وسورية واليمن و... فالحدود الجغرافية وان كانت مقننة ومحترمة الا ان شمولية الامة الاسلامية ابعد من القيود الجغرافية. ولن تنتهي الحكاية عند هذه الاسطر.