الانتخابات التشريعيّة السوريّة.. خطوة كبيرة نحو الانتقال إلى الاستقرار وإعادة الإعمار
منذ الساعة السابعة من صباح يوم(الأحد 19 يوليو)، توجه السوريون إلى صناديق الاقتراع في الدورة الثالثة من الانتخابات البرلمانية منذ اعتماد الدستور الجديد عام 2011، لانتخاب ممثليهم من بين 1656 مرشحًا.
وسائل الإعلام السورية ولا سيما وكالة أنباء "سانا" الرسمية، ومن خلال تغطية خاصة للانتخابات ونشر الصور ومقاطع الفيديو والمقابلات مع المواطنين، أفادت بأن المواطنين رحبوا بالانتخابات البرلمانية بشكل ملحوظ، بحيث أن إمكانية تمديد موعد انتهاء الانتخابات عالية للغاية.
وفي هذا الصدد، أشار "القاضي مخلص قيسية" عضو اللجنة القضائية العليا للانتخابات، إلى ترحيب الشعب بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية، وقال: "حتى الآن، لم ترد أنباء عن وقوع انتهاكات".
وصرح عضو اللجنة القضائية العليا للانتخابات بأن الانتخابات ستستمر حتى السابعة مساءً، مشيراً إلى إمكانية تمديد مدة التصويت لخمس ساعات إضافية، إذا لزم الأمر.
الشعارات في هذه الفترة الانتخابية هي "صوتك هو حقك" و"صوتك واجبك" و"أحدث الفرق بصوتك وتصويتك"، ويمكن للمواطنين الذهاب إلى 7277 مركز اقتراع للإدلاء بأصواتهم.
وفقًا للقانون السوري للانتخابات، يحق لكل مواطن يبلغ من العمر 18 عامًا الترشح في هذه الانتخابات، وبحسب القانون رقم 8 لعام 2016، يحق لقوات الجيش العربي السوري والشرطة الترشح في هذه الانتخابات أيضاً.
في التصويت الأخير في عام 2016، فاز حزب البعث وحلفاؤه بـ 200 من أصل 250 مقعدًا في البرلمان، بينما ذهبت بقية المقاعد للمرشحين المستقلين.
ويشار إلى أنه تم انتخاب الرئيس السوري الحالي بشار الأسد، الذي تولى السلطة في عام 2000 بعد وفاة والده، لولاية ثالثة مدتها سبع سنوات في عام 2014، بأكثر من 88 في المائة من الأصوات.
الانتخابات في سوريا.. واجبات البرلمان وسلطاته: السلطة التشريعية للحكومة هي مجلس الشعب. كان هذا المجلس يدعى "البرلمان" حتى عام 1970، عندما غير حافظ الأسد اسمه. يتم انتخاب أعضاء المجلس لمدة أربع سنوات. ويجب أن يقر مجلس الشعب القوانين التي يسنها الرئيس.
ووفقاً للمادة 71 من الدستور السوري، فإن مجلس الشعب مسؤول عن مهام مثل الإعلان عن الترشح للرئاسة، إصدار القوانين، مناقشة سياسات الحكومة، إقرار الميزانيات العامة وخطط التنمية، التصديق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية في مجال الأمن القومي، بما في ذلك المعاهدات المتعلقة بالسلام وجميع المعاهدات التي تتعلق بالسيادة. كما أنه مسؤول عن العقود التي تسمح للشركات والمؤسسات الأجنبية بالحصول على امتيازات داخل البلاد.
إن أهمية هذه الجولة من الانتخابات هي أنه بعد التصويت، وكما أعلنت قناة الجزيرة، يعتزم البرلمان الجديد تمرير دستور جديد، ومن المتوقع أن الأسد الذي سينهي رئاسته عام 2021، قد يصبح رئيس الوزراء الجديد. كما من المتوقع أن يوافق البرلمان الجديد على المرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة.
كما ذكرنا أعلاه، ترشح للدورة الثالثة للانتخابات التشريعية السورية أكثر من 7000 شخص في هذه الدورة الانتخابية، من بينهم 58 في طرطوس، 20 في السويداء، 207 في الحسكة، 47 في إدلب، 102 في حمص، 217 في اللاذقية، 58 في دير الزور، 122 في حماة، 159 في حلب، 153 في ريف حلب، 253 في دمشق، 619 في ريف دمشق، 34 في القنيطرة، 37 في الرقة و32 شخصًا في درعا.
تتمتع محافظات حلب ودمشق وحمص، التي تضم 52 و29 و23 ممثلاً على التوالي، بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان السوري المؤلف من 250 عضوًا، وأهميتها هي أن حلب هي العاصمة الاقتصادية لسوريا، ودمشق هي العاصمة السياسية، وحمص أكبر محافظة في سوريا والتي تمتد وسط البلد من الشرق إلى الغرب.
وأبرز القوائم الانتخابية في حلب هي قائمتا "الأصالة" و"الشهباء"، وسيتم انتخاب أكثر من 90٪ من ممثلي حلب المستقلين من هاتين القائمتين.
كما جرت الانتخابات البرلمانية في المحافظات الشمالية الشرقية من سوريا والمناطق الكردية في محافظة الحسكة، على الرغم من وجود المحتلين الأمريكيين، وهو انتصار كبير للنظام السياسي السوري.
إجراء الانتخابات في ظلّ تراجع الحرب وانتشار كورونا: منذ بداية الأزمة في سوريا وحرب البلاد على الإرهابيين الأجانب، أجريت خمسة انتخابات، بما في ذلك دورتان من الانتخابات البرلمانية، ودورتان من انتخابات المجالس البلدية والقروية (2011 و 2018) وانتخابات رئاسية واحدة، واليوم هي الانتخابات البرلمانية السادسة في البلاد منذ أكثر من 10 سنوات من الأزمة.
تسيطر الحكومة السورية الآن على حوالي 70 بالمائة من الأراضي السورية، في حين يسيطر الإرهابيون المدعومون من تركيا على محافظة "إدلب" في شمال غرب سوريا، وتسيطر الميليشيات الكردية أو "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من الولايات المتحدة على شمال شرق سوريا.
على مدى العامين الماضيين، تمكن الجيش السوري، بدعم من فصائل محور المقاومة وكذلك روسيا، من تطهير جزء كبير من الأراضي السورية من وجود الإرهابيين التكفيريين وإعادة الأمن إلى الأراضي المحتلة، مما هيَّأ الظروف لعودة الهدوء وعودة اللاجئين.
وفي أواخر عام 2019، استعاد الجيش السوري السيطرة على الغوطة الشرقية والأجزاء الجنوبية من إدلب في عمليات لاستعادة المناطق الشمالية الغربية. ولذلك، بالنظر إلى هزائم أعداء سوريا في الساحة العسكرية، فإن المشاركة العالية للشعب السوري في هذه الانتخابات، يمكن أن تكون أفضل دليل لدعم النظام السياسي والقانوني السوري، ونتيجةً لذلك، انتصاراً آخر للشعب السوري.
وفي هذا السياق، قال "حسين عرنوس" رئيس الوزراء السوري إن "اليوم هو انتصار سياسي يضاف إلى الانتصارات العسكرية".
ومع ذلك، تم تأجيل الانتخابات السورية مرتين بسبب انتشار فيروس كورونا. وقد حرصت الحكومة ولجنة الانتخابات الآن على النظر في التدابير الوقائية اللازمة لوضع المبادئ الصحية أثناء الانتخابات.
وفي هذا الصدد، قال "وائل أعظم" رئيس اللجنة الانتخابية: "لقد تم اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية لمكافحة فيروس كورونا، بتعقيم المراكز وتوزيع الأقنعة والقفازات على مسؤولي الصناديق". وشدد أيضاً على أن المسؤولين يجب أن يتبعوا التعليمات والإجراءات الوقائية، بما في ذلك الحفاظ على المسافة الآمنة بين الناخبين، وتجنب الاحتشاد والتجمعات.
قانون "قيصر" والخطاب الاقتصادي للانتخابات: استعدادات سوريا للانتقال إلى مرحلة إعادة الإعمار والوضع الاقتصادي الصعب لشعبها في الأشهر الأخيرة، والذي صاحبه ارتفاع أسعار السلع الأساسية وانخفاض قيمة العملة الوطنية بنحو 70 في المائة، دفعت المواطنين أثناء التصويت يوم الأحد إلى التركيز على زيادة تكاليف المعيشة والوضع الاقتصادي المتردي للبلاد.
أحد الأسباب الرئيسية للوضع الاقتصادي السيء، والذي لم يسبق له مثيل خلال سنوات الأزمة العشر، هو قانون العقوبات الواسعة الأمريكي المعروف باسم قانون "قيصر" ضد سوريا، والذي يسعى إلى عرقلة عودة الهدوء والاستقرار إلى سوريا، من خلال الحيلولة دون الاستثمار الأجنبي في هذا البلد.
وفي هذه الظروف، يقول المراقبون إن الخطاب الانتخابي في هذه الفترة تأثر أكثر بالشعارات الاقتصادية، ويتوقع الشعب من البرلمان إعطاء الأولوية في برامجه لحل المشاكل الاقتصادية.
الوقت