حرب تموز المجيدة قلبت موازين القوى اقليمياً ودولياً
تمر هذه الايام الذكرى الـ 14 لحرب تموز المجيدة والخالدة التي سجلت باحرف من نور في ثنايا التاريخ المعاصر انتصاراتها الساحقة حيث طوت حقبة مظلمة من عصر الهزائم لتبشر بعصر الانتصارات وقد قلبت لأول مرة موازين القوى في المنطقة بشكل مذهل وتغيرت المعادلات الاقليمية لصالح شعوبها بعد أن أصابها اليأس لعقود متوالية نتيجة الضخ الاعلامي المركز والمكثف من قبل الأميركان والأدوات العربية المنبطحة والذيلية في المنطقة بأن "اسرائيل" قوة لا تقهر وان العرب غير قادرين على مواجهتها وان الامر خارج ارادتها وحسب قول المقبور انور السادات ان 90% من اوراق الحل بيد الاميركان ولابد الرضوخ لذلك.
لكن نتائج حرب تموز المجيدة وانتصاراتها الساحقة شطبت مقولة الجيش الذي لا يقهر واسقطت الى الابد وبعثت بروح جديدة في الوسط العربي والاسلامي والجميع يتذكر كيف تفاعل أبناء الامة الاسلامية في طول الدنيا وعرضها مع هذه الانتصارات وما شهدته دول المنطقة من صحوات وتحركات شعبية بعد عام 2011، بعضها جيرت وبعضها انحرفت نتيجة التغلغل المدروس عن مسارها، كانت في الواقع من نتائج حرب تموز ألذي أعادت الثقة بالنفس الى أبناء الامة وبعثت فيهم روح الامل والاقتدار على صنع المعاجز.
حرب تموز المجيدة صنعت نصرا أستراتيجيا لحزب الله هو الاول من نوعه في المنطقة حيث هزم الكيان الصهيوني بشكل مدو ومن ورائه حماته الاميركان استخباراتيا وتكنولوجيا رغم ان واشنطن فتحت مخازنها الاستراتيجية وزودت هذا الكيان باحدث الاسلحة المتطورة، الا ان النتيجة النهائية كانت الفشل الذريع وهو يجر ذيول الخيبة والخذلان بعد ان اصيب عمق المجتمع الاسرائيلي بالصدمة الكبرى لان آخر ما كان يعول عليه في الحفاظ على هذا المجتمع هو الجيش التي تتجسد فيها هرم القوة واذا بالمقاومة تسقط هذه الاسطورة وتخرجها من المعادلة وهذا ما زاد من عدم ثقة الجمهور الاسرائيلي بقادته، لكنه في المقلب الاخر رأى في سيد المقاومة وتحليلاته ورؤيته للامور رجلا صادقا واثبت عبر التجربة انه يفعل ما يقول.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف تجرأ العدو الصهيوني وبعد هزيمته الفاضحة في جنوب لبنان وانسحابه المذل عام 2000 تحت جنح الظلام بفعل ضربات المقاومة تاركا ورائه عدته وعتاده في المناطق التي كان يحتلها، ان يقدم على شن الحرب ضد المقاومة بذريعة خطف جنديين بأمل استعادة الثقة وهنا يشكك الكثيرون بأن يكون الكيان هو صاحب قرار الحرب وان اميركا هي التي دفعت بالكيان الصهيوني الى هذه الحرب لكي تستعيد زمام المبادرة في المنطقة وتؤسس لمشروع الشرق الاوسط الجديد بعد ان تبددت احلامها في العراق الذي دخلته ليكون المنطلق الى التمدد الى سوريا ولبنان ومن ثم ايران واذا بها تغرق في هذا المستنقع بفعل ضربات المقاومة العراقية وهنا سقطت الهيبة الاميركية وكشف ظهرها وبان عجزها وان ما حدث العكس فان المقاومة ومحورها هما اللذان وضعا اللبنة الصحيحة لمشروع الشرق الاوسط الجديد الذي تمخض عنه محور المقاومة ليسجل لاحقا الانتصارات تلو الانتصارات في الساحات التي حاولت اميركا النفوذ اليها واسقاط دولها.
ان كل الهدف الاميركي من غزواتها وتحركاتها المحمومة في المنطقة هو تدمير القوى الصاعدة والحرة واضعافها لتوفير الحماية للكيان الصهيوني على ان يكون القوة المهيمنة على الجميع في المنطقة حتى وان كان على حساب حلفاء اميركا فيها.
وبالطبع ان اميركا فشلت في تحقيق اهدافها وان رصيدها الاستراتيجي الوحيد هو الكيان الصهيوني الذي كان يوما يلعب دورا وظيفيا كأسطول سادس لها في المنطقة، فقد رصيده واصبح اليوم عبئا على اميركا وحماته الغربيين وان الجميع بما فيه الكيان الصهيوني خسروا الرهان تماما على الحروب لتغيير واقع المنطقة لذلك صبوا كل جهدهم على الخيار السياسي من خلال الدفع بوتيرة عملية التطبيع مع المنبطحين ليغيروا واقع المنطقة على ان هذا الكيان جزء منها وان هذا الرهان هو الاخر سيكون خاسرا وان الغرب سيواجه هذه الحقيقة عاجلا ام آجلا ان بقاء هذا الكيان اصبح عبئاً ثقيلا عليه ولا يمكن تحمل تبعاته وان اضراره خسائره الجسيمة ستقضي على مستقبل مصالحهه بالمنطقة.