جرائم الحرب الاميركية في سورية والدول العربية
غسان رمضان
على الرغم من كل الانتهاكات التي تقوم بها الولايات في سورية والتي يصفها رجال القانون بجرائم حرب ، عمدت الولايات المتحدة إلى فرض ( قانون قيصر ) مؤخراً على سورية لتزداد جرائمها في سورية جريمة أخرى لكن هذه المرة مستهدفة لقمة عيش المواطن السوري.
والسؤال؟ هل يعتبر قانون قيصر الاميركي جريمة حرب ترتكبها الولايات المتحدة ضد سورية؟
يقول المحامي نعيم أقبيق المختص بالقانون الدولي : نعم ، هذه تعتبر جرائم حرب ضد الإنسانية وهذا شيء كبير ، صحيح أن هذه القوانين لا تأخذ صفة جريمة الحرب لأن هذا قانون صادر عن الكونغرس الاميركي متجاوزاً الحدود الإقليمية للولايات المتحدة لكنه ينتهك حقوق المواطنين في الجمهورية العربية السورية كما أنه يضع السكان تحت ضغط وإرهاق وتجويع وتعطيل اقتصادهم الداخلي ومنع التعامل مع الدولة السورية ، كما ينص قانون قيصر المفروض على سورية ، هذا كله يؤدي إلى جرائم ضد الإنسانية لأن هذا القانون قد تكون نتائجه أفدح من العمل العسكري ، وهو طبعا ينتهك اتفاقيات جنيف!.
سرقة النفط السوري جريمة حرب
هنا لا بد لنا أن نتوقف عند ما قاله الرئيس الاميركي دونالد ترامب نفسه عندما كان يريد أن ينسحب من سورية في نهاية العام 2019 ثم تراجع ، قال : "قواتنا تحرس النفط والنفط السوري أصبح لنا" وبالفعل بدأت القوات الاميركية بنهب النفط السوري وتهريبه إلى العراق وتركيا وحرمان الشعب السوري منه ، ألا تعتبر هذه جريمة حرب؟.
نعم ، هذا الفعل هو جريمة حرب ترتكب بناء على الاتفاقية الرابعة في جنيف التي تنص على أن سرقة الثروات الباطنية هي جريمة حرب ، أيضا بالوقت نفسه هي جريمة ضد الإنسانية حسب ما جاء في العهد الدولي عام 1966 في المادة (1) والمادة (10) والمادة (11) لأن الولايات المتحدة هنا تسرق الثروات ومن حق كل شعب أن يتصرف بموارده وثرواته الباطنية كما جاء في المادة الأولى المشتركة ما بين العهدين الدوليين وبالتالي فإن ترامب وقواته يرتكبون جريمة ضد الإنسانية ويرتكب جريمة حرب أيضاً ، لأن القوات الاميركية قوات غازية محتلة فسرقة النفط وسرقة الثروات الباطنية تُعتبر جريمة حرب من قبل قوات الاحتلال الاميركي وهو هنا يخالف اتفاقية لاهاي لعام 1907 كما يخالف البروتوكول الملحق الأول باتفاقيات جنيف ويخالف الاتفاقية الرابعة المتعلقة بقوة الاحتلال ومعاملة السكان المدنيين مع ثرواتهم وأثارهم في تلك المنطقة ، ولذا هي هنا تأخذ صفتين صفة جرائم الحرب وصفة جرائم ضد الإنسانية.
التحالف الدولي ضد داعش يرتكب جرائم حرب في سورية ( تدمير الرقة مثالاً)
ما قامت به الولايات المتحدة في الرقة من تدمير شاهد على الجرائم التي ارتكبتها القوات الاميركية في سورية حيث تحولت الرقة إلى مدينة أنقاض ، وفي تدمر واكبت الطائرات الاميركية دخول داعش إلى المدينة الأثرية مرتين وفي كل مرة كانت داعش تدمر الكثير من الأثار القيمة في تلك المدينة العريقة وتقتل مئات المدنيين الأبرياء.
والسؤال : هل تعتبر عملية تدمير مدينة الرقة من قبل التحالف الدولي عملية جريمة حرب موصوفة ؟ الجواب ، نعم .. هذا انتهاك جسيم لاتفاقيات جنيف فالمادة 147 من الاتفاقية الرابعة تنص على أنه لا يجوز تهديم أو اتلاف البنى التحتية أو ضرب مواقع الجسور ومواقع توليد الطاقة الكهربائية ومواقع المياه.
الاعتراف بسيادة "إسرائيل" على الجولان والقدس جريمة حرب.
توقيع ترامب واعترافه أن الجولان تحت السيادة الإسرائيل ومدينة القدس عاصمة أبدية لإسرائيل هذا يتجاوز انتهاك القانون الدولي ، هناك قرارات صادرة عن مجلس الأمن إحداها عام 1967 القرار 237 ثم القرار 242 بعد العام 1973 صدر القرار 338 إذاً هناك مجموعة من القرارات الدولية التي تؤكد أن القدس أرض محتلة ، وبخصوص الجولان هناك القرار 497 الذي صدر في العام 1981 واعتبر الكلمات والتلاعب القانوني الذي قامت به "إسرائيل" باطل .
هل يمكن مقاضاة مرتكبي جرائم الحرب؟
هناك خمسة عشرة دولة تطبق الاختصاص العالمي ، وهنا نقول يجب على المجتمع الدولي أن يسترد عافيته وألا يبقى أسيراً بيد الولايات المتحدة الاميركية التي ترسم حدوده وملامحه ومعالمه ، فليس من حق الولايات المتحدة الاميركية أن تتدخل بالشأن الداخلي لأي دولة ، لأن شعب هذه الدولة هو صاحب السلطة وهو صاحب السيادة وهو الذي يستطيع أن يقرر.
المعروف أن الولايات المتحدة الاميركية لا تخجل من اتباع جميع الأساليب قذارة ما يذكرنا بحرب الأفيون التي شنتها بريطانيا على الصين في القرن التاسع عشر وربما أكثر من حرب الأفيون فهي تمارس عمل العصابات المنظمة المسلحة ، عصابات تمتلك تكنولوجيا وتقنية عالية. وهي تقارب ما قام به هتلر قبل الحرب العالمية الثانية وخلالها وتتبع نفس الأسلوب في الطغيان والتجاوز وعدم احترام القانون الدولي ، وكما كانت النتيجة أن المجتمع الدولي كله تكتل بوجه الطغيان النازي ، المطلوب اليوم من المجتمع الدولي الوقوف في وجه الولايات المتحدة التي لا تلتزم بأي قانون دولي ولا تخضع لأي مساءلة.
في الحقيقة يمكن القول : إن الولايات المتحدة تمثل مدرسة كبيرة في جرائم الحرب .. شاهدنا ذلك في فيتنام والعراق واليمن وليبيا وأفغانستان وكوبا وفي دول متعددة ، فهل يستطيع أحد أن ينسى سجن أبو غريب في العراق وسجن غوانتانامو في كوبا.
ضرورة رفع دعاوى ضد الولايات المتحدة في سوريا وغيرها من الدول العربية
لاحظنا أن بعض الدول بما فيها أفغانستان وإيران وأرمينيا والعراق وغيرها قد رفعت الدعاوي ضد الولايات المتحدة أو إدارة دونالد ترامب، كما يسعدنا أن نلاحظ أن مجموعات من المحامين السورية تعمل على رفع دعاوى من نفس القبيل في محاكم سورية أو دولية في الوقت الحالي، مطالبين الولايات المتحدة بالاعتراف بما اقترفته من جرائم ومعاقبة السياسيين والعسكريين الذين تورطوا في ارتكاب الجرائم والاعتذار من الشعب السوري وتعويض الخسائر التي تعرض لها الشعب السوري والجمهورية العربية السورية.
وفي هذا الإطار .. إطار السعي إلى رفع دعاوى ضد الولايات المتحدة في محاكم سورية ودولية بناء على الجرائم التي ارتكبتها الأخيرة داخل أراضي سوريا، شكل المحامي محمود مرعي الأمين العام للجبهة الديمقراطية السورية ورئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سوريا، ومجموعة من المحامين المعروفين اقليميا ودوليا عدة فرق مؤلفة من محامين ودكاترة في علوم القانون والخبراء في الشؤون القانونية والأساتذة في الجامعات ورؤساء اتحادات المحامين وغيرهم، و قدموا طلبا رسميا إلى الدولة السورية مطالبين برفع الدعاوى المذكورة أعلاه، وحال حصولهم على الموافقة الرسمية من السلطات السورية سيقومون برفع الدعاوى ضد الولايات المتحدة بشكل رسمي.
على صعيد متصل، قدمت فرق أخرى من المحامين طلبا إلى مجلس الأمن للأمم المتحدة والمحكمة الدولية وغيرهما من المنظمات الدولية وقامت بالتشاور والتواصل مع المسؤولين في الجهات المذكورة آنفاً ، آملاً في الحصول على تأييد ودعيم السلطات الدولية مثل الأمم المتحدة. في الوقت نفسه حول رفع الدعاوى ضد الولايات المتحدة ، تقوم أيضا بدراسة القوانين المعنية المعمول بها في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، استعداداً لرفع الدعوى ضد الولايات المتحدة في محاكم دول الاتحاد الأوروبي ومحكمة حقوق الإنسان الأوروبية والمحاكم الاميركية.
منذ دخول قانون قيصر حيز التنفيذ، انضمت منظمات حقوق الإنسان في سورية والدول العربية في الاتهام والدعوى ضد الولايات المتحدة أيضا. وفي الآونة الأخيرة، نشر ما يقرب من 130 محاميا وناشطا لحقوق الإنسان بيانا مشتركا اتهموا فيه جرائم الولايات المتحدة المتمثلة في دعم الإرهاب وفرض العقوبات غير الشرعية وغزو واحتلال أراضي سوريا، إن دعم الدول العربية حاسم للغاية في الحد من مواصلة الولايات المتحدة غزوها غير الشرعي لسوريا وفرض العقوبات غير الشرعية على سوريا.