kayhan.ir

رمز الخبر: 115500
تأريخ النشر : 2020July11 - 20:20

لبنان عدل السلوك الأميركي بصلابة الموقف

غالب قنديل

خلال ساعات أعقبت خطاب قائد المقاومة ورسائل الاهتمام والجدية في متابعة التفاوض مع الصين والعراق ومع تصميم الحكومة ورئيسها الدكتور حسان دياب على جدية التعامل مع البدائل الشرقية ورفض عقوبات قيصر والتمسك بحق لبنان بالاستثناء من مفاعيلها في علاقته مع سورية أسوة بالعراق والأردن ظهرت بوادر انعطافة في السلوك الأميركي وانقلبت كل الأجواء بدءا من تصرفات السفيرة دوروثي شيا ونبرتها.

أولا زيارتان إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء حسان دياب قامت بهما السفيرة الأميركية التي لم توفر تهديدا ضد لبنان عكستا سلوكا أميركيا جديدا وانعطافة سياسية في التعامل مع الوضع اللبناني بعدما تأكد الصمود اللبناني الرسمي في مجابهة الضغوط والعقوبات فماذا عدا ما بدا ؟

إنها جدية الخطوات اللبنانية اتجاه الصين والعراق وجدية دعوة قائد المقاومة إلى التوجه شرقا التي شرعت الحكومة تستجيب لها رغم التهويل والضغوط ويبدو ان دوائر التخطيط الأميركية اضطرت إلى إجراء الحسابات التي دعا السيد نصرالله الأميركيين لإجرائها في فقرة مهمة من خطابه الأخير وقد حذرهم من ان نتائج الحصار الخانق ستكون تعزيز قوة المقاومة ومحورها وستدفع اللبنانيين للالتفاف حولهما لأن عندهما أبواب الحلول والمخارج بينما قدم عينة من جدوى التوجه شرقا في عرضه للخيار الإيراني المتمثل بشراء المشتقات النفطية والدفع بالليرة اللبنانية وتوفير أربع مليارات دولارسنويا من احتياطي العملة الصعبة دعا السيد لتخصيصها لدفع الودائع التي ضاعت في حمى انهيار القطاع المصرفي وبقدر ما بدا الخيار عمليا وجديا وواسع الأثر التمس الأميركيون الخطر الذي سبق ان حذر منه بعض مخططي السياسة الخارجية بانتقال لبنان إلى الضفة الاخرى وانفلاته من قبضة الهيمنة الغربية وكان أبرزهم جيفري فيلتمان في شهادته الشهيرة امام الكونغرس.

ثانيا فجأة حملت دوروثي في جعبتها عروضا جديدة فطلبت لائحة رسمية بالاستثناءات المطلوبة من عقوبات قيصر بعدما كان رئيسها بومبيو قد أرغى وأزبد مهددا ناهيا عن اعتماد الخيار العراقي الذي حاول بعض الأذناب عرقلته وحسم الأمر بعد اتصالات ثنائية ساهم فيها رئيس مجلس النواب وكانت الحصيلة تأكيد التفاهم اللبناني العراقي ومعاقبة الذيل العراقي الأميركي الذي شوش من بغداد على زيارة الوفد العراقي إلى بيروت وأثار زوبعة لعرقلة الاتفاق المنشود تماشيا مع التهديدات الأميركية وتأكد التجاوب العراقي رسميا في اتصال بين رئيسي حكومتي البلدين بينما ظهرت بوادر خليجية مستجدة للمساهمة في احتواء الأزمة باقتراح تحريك ودائع جديدة تدعم احتياطي مصرف لبنان بالعمل الصعبة وهكذا جاءت جميع المؤشرات لصالح تراجع الحملة الأميركية والفرنسية عن استبدال الحكومة.

خاب الحالمون الذين مشطوا لحاهم وتحضروا للصور التذكارية وظل في المشهد الرئيس حسان دياب بصموده وصلابته وتصميمه على فتح جميع المسارات التي تضمن تحقيق انفراج في الأزمة وضمان القدرة على تحقيق المصالح اللبنانية بعيدا عن الإملاءات والضغوط الأجنبية وحيث كشفت التجربة أن الانفتاح على الشرق هو الذي وسع مساحة الخيارات وعدل السلوك الأميركي.

ثالثا لقن لبنان الأميركيين درسا عن استحالة الاحتفاظ بنفوذهم عن طريق الترهيب والخنق الاقتصادي والمالي واضطرارهم إلى تعديل السلوك في التعامل مع معادلة القرار اللبناني التي تمثل المقاومة فيها قوة صانعة للتوازنات وحامية للخيارات وهي التي تحرك ديناميكية التصدي للانهيار بثقلها الشعبي وبوزنها الإقليمي والدولي وبعلاقاتها المتعددة في الداخل والخارج وبواقعية السياسات التي تقترحها وتدعو إليها وهي قوة تحررية عقلانية لم تعكس في تصرفاتها أي نزوع إنقلابي قد يثير مخاوف شركاء الوطن التي تراعيها المقاومة دائما بل وتبالغ احيانا في مراعاتها وهكذا فشلت مؤخرا جميع حملات التهويل ولكن بعض الأبواق التي لم تتبلغ التوجيهات الأميركية الجديدة ما زالت مواظبة على استهداف خيار التوجه شرقا الذي لا يعني إدارة الظهر لأي جهة اخرى باستثناء العدو الصهيوني كما قال قائد المقاومة فما يجري هو تصحيح انحراف قديم جسده الارتباط الأحادي بالغرب ومنظومته السياسية والاقتصادية في المنطقة خلافا لمصالح لبنان.

التصميم على تعزيز رؤوس الجسور الشرقية التي أقيمت ومباشرة العمل عليها وتطوير مجالات وشراكات جديدة تسهم في إحياء الثروة الحقيقية بالتوازي مع التقاط الفرص الممكنة غربا وخليجا بشروط لبنان وللتخفيف من وطأة المعاناة الاقتصادية الاجتماعية والمالية وتوسيع المبادرات الشعبية في التحول الإنتاجي وحمايتها ورعايتها تلك هي سلة التوجهات الوطنية الواجبة والمجدية لنقل البلاد إلى وضع جديد وتعجيل مسيرة التعافي وإعادة البناء الاقتصادي على نهج متوازن يجمع الشركاء ويستثمر نقاط القوة بمضمون الأولويات اللبنانية والمصالح الوطنية العليا وفقا للروحية التي عرضها الرئيس دياب مؤخرا