ما احوجنا اليوم لإنشاء جيوش إلكترونية وطنية
د.محمد العبادي
مع تغير العصر تغيرت الميادين والمتاريس والحروب ، ودخلنا في عصر اختراق الحواجز والحدود ، وذلك من خلال تأسيس وحدات وجيوش إلكترونية لها هيكلها وتنظيمها ومنهجها وأهدافها لإرساء حقيقة أو لتحريفها، أو لتشويه معتقدات أو تغيير مفاهيم ومعادلات لصناعة راي عام جديد أو غيره.
ليس صحيحا ان نلصق كل تغريدة أو نشاط معين لتلك الجيوش الإلكترونية الإعلامية ، لكن وجود مقاطع وصور ومنشورات ومقالات متنوعة تسير في اتجاه واحد أو هدف واحد ربما فيها مايشير إلى وجود جيوش إلكترونية لدولة ما أو لجهة معينة .
في عصرنا هذا تم تزييف التاريخ وتحريف المواقف ، وقلب الحقائق بواسطة الجيوش الاعلامية الإلكترونية حتى أننا شاهدنا ان بعض الشخصيات الفارغة طبل لها الاعلام الالكتروني ورفعها فوق مستوى الحقيقة ، مما ادى الى تضليل الرأي العام بلفت الانتباه إليها ، وبعد ذلك علقوا برقبتها مسؤوليات كبيرة من دون ان تكون مؤهلة لذلك .
نعرف ان شخصية ما تطير شهرتها في الآفاق من خلال تراكم خبرتها ، او مواقفها الوطنية ، أو من خلال الخدمات الاجتماعية والترفيهية التي تقدمها ، أو من خلال الرؤى والمشاريع الناضجة التي تبسطها في خدمة العلم والمعرفة ، لكننا شاهدنا ان الجيوش الإلكترونية قدمت لنا أكثر من شخصية تافهة لمسؤوليات مهمة وحساسة ، من دون أي شيء من ذلك ، وقد نجحوا في مهمتهم في رفع الأدنى وتلميعه و...
ان موضوع انشاء الجيوش الإلكترونية فيه جانب مهم يتعلق بالأمن ولو تركت تلك الجيوش مجهولة الهوية ان تقدر لنا اقدارنا ومستقبل اجيالنا؛ فستكون النتيجة في ضرر الجميع .
ان الطريقة العشوائية واضحة على كثير من منصاتنا الإعلامية وهي طريقة دفاعية وبدائية اذا ما قيست للمناهج الهجومية الفنية والاحترافية عند الخصوم الذين أعدوا عدتهم ، وجمعوا قدراتهم في تسفيه كل شيء وتوجيه الإتهام حتى لأولئك الذين ضحوا بأعز ما يملكون من أجل بلدهم ثم لعبوا لعبتهم الخبيثة في المغالطات الإعلامية، والتشبث بالوطنية الوهمية، وفي إثارة الغرائز واستدرار العواطف لتوجيه الراي صوب الاهداف التي ينشدونها والتي تصب في محصلتها النهائية في قالب مشاريع الفوضى والتقسيم وخدمة المصالح الاجنبية !!!.
لا اريد مصادرة جهود المختصين وبعض الناس أو التقليل من شأنها ؛غير أن تلك الجهود الطيبة رغم تقديري لها احسبها دون المستوى المطلوب ؛ وبرأيي المتواضع أن العراق أو الجهات المخلصة بحاجة ماسة إلى تأسيس جيوش إلكترونية كثيرة دفاعية وهجومية ذات صنوف مختلفة [ مثل جيوش للمتابعة والرصد الاعلامي - جيوش للتغريدات والتدوينات والتعليقات - جيوش للاختراق والتجنيد او الجذب -جيوش للوقاية ورسم المناهج - طواقم فنية و..و..الخ ] ومدربة تدريبا مهنيا ولها أهداف استراتيجية أبعد من الردود اليومية في ملاحقة الحدث ، وتعتمد على الصدق والوضوح وعلى المؤالفة الداخلية في طرح المواضيع ، وتبتعد عن الطريقة المبتذلة التي يمارسها الأعداء في قلب الحقائق وممارسة الكذب والافتراء وتحريك العوامل الانحسارية كالمذهبية والقومية والحزبية والعشائرية من أجل تقطيع البلد إلى أوصال.
لو توفرت تلك الوحدات والالوية الإلكترونية الإعلامية لتم السيطرة على مساحة كبيرة من الأرض الخصبة التي يعبث بها العدو ، ولتم انتزاع أحد المواقع المهمة التي ينشر فيها الاعداء سمومهم واكاذيبهم ولتم أيضا إعادة جزء من الطمأنينة والراحة المفقودة عند الناس .