عالم بلا هيمنة أميركا
مهدي منصوري
انطلقت وعلى لسان ميركل كلمة تقول فيها ينبغي ان نعمل على انشاء عالم جديد بدون اميركا قد وجدت هذه الدعوة صدى كبيرا لدى الدول بحيث ان الاتحاد الاوروبي والصين وغيرها يعملون ويجدون الخطى من الوصول الى هذا الامر والذي اثار غضبا اميركيا كبيرا مما دفع بالامس بومبيو وزير خارجية ترامب الى الطلب من "دول الاتحاد الاوروبي على التعاون مع واشنطن لمجابهة الصين" والذي عبرت عن اوساط اعلامية ان بومبيو يريد "ان يتحرك الاتحاد الاوروبي مثل دمية بيد اميركا"، وجاء هذا الامر ردا على الاجتماع بين قادة الصين والاتحاد الاوروبي الذي عقد عبر الفيديو قبل اسبوع حيث رسم الجانبان خطوطا عريضة للتعاون الصيني الاوروبي في عصر ما بعد وباء كورونا المستجد وتوصلا فيه الى توافقات عدة بشأن التعاون لتطوير اللقاح واستئناف الانتاج وتسريع مفاوضات اتفاقية الاستثمار مما اثار هذا الامر قلق ومخاوف الادارة الاميركية من ان هذا التعاون الصيني الاوروبي لو تم سيضر بالمصالح الاميركية.
وأكدت المؤشرات وكما حفلت به التحاليل الاخبارية والسياسية خاصة بعد جائحة كورونا من ان العالم ما قبل كورونا لا يكون كما هو بعدها. ومن خلال الاحداث التي رافقت جائحة كرونا خاصة في الغرب قد كشف المستور وبصورة لم يتوقعها احد اذ ان الانقسامات بين دول الاتحاد الاوروبي وصلت حدا الى التشهير بعضها في البعض الاخر وتبين ضعف حالة الترابط بين هذه الدول لعدم التعاون فيما بينهما في مواجهة ومكافحة الوباء. وبنفس الوقت والذي برز واضحا للجميع ان اميركا التي فرضت هيمنتها على العالم قد وصلت وبعد انتشار الوباء والذي قض مضاجع الاميركيين قبل غيرهم خاصة الاجراءات الفاشلة التي تبعها ترامب في الحد من انتشاره مما وضع اميركا الدولة الاولى في العالم التي ذهبت فيها الضحايا بسبب الاهمال والفشل وضعف الاجراءات الطبية والصحية. واصبح ترامب امام وضع محرج للغاية من اجل الخلاص من هذه الورطة بحيث اخذ يرسل الاتهامات مرة للصين واخرى للدول الغربية ليرمي فشل اجراءاته عليهم. وقد تكون جائحة كورونا القاصمة بالنسبة لاميركا لان الاجراءات الانفرادية وغير المتزنة التي رافقت رئاسة ترامب للولايات المتحدة والتي وصفت الدول خاصة الغربية منها في حالة من الارباك في كيفية التعامل مع هذه القرارات التي لا تستند في اغلبها للمواثيق والفرارات الدولية، بل هي املاءات فردية وقاهرة يريد ان يفرضها ترامب عليهم بحيث افقد واشنطن مصداقيتها ولم تعد تلك الدولة التي تستطيع ان تفرض ارادتها على الاخرين، ولذا وبعد جائحة كورونا بدأت تتعالى صيحات الدول الغربية وامام حالة الفشل الاميركي الذريع الى ان تعيد خارطة التحالفات الدولية وبصورة لاتسمح لهيمنة او سيطرة دولة على قرارات الدول.
ولانغفل في آخر المطاف ان نؤكد ان اميركا وفي السنوات المنصرمة قد فرضت ضغوطات وبكل الانواع على الدول الغربية وغيرها الامر الذي جعل الاتحاد الاوروبي يفقد تدريجيا ثقته الاستراتيجية مع واشنطن. ويلاحظ الجميع ان حكومة ترامب و وزير خارجيته بومبيو التي تتمسك دائما بالاحادية مع الاستهانة بالتعددية وقواعد العلاقات الدولية مما جعل العلاقات التقليدية الاوروبية الاميركية تتفاقم بوتيرة متصاعدة بحيث تفرض على بومبيو ان يفكر وقبل كل شئ في هذه الاسئلة، لماذا اصبحت امريكا معزولة عن المجتمع الدولي؟، ولماذا الحلفاء التقليدين يتباعدون عنها؟ ولماذا اطلق عليه "اسوأ وزير خارجية اميركي في التاريخ؟، وبذاك فان اوروبا المستقلة لن تسير بعد اليوم وراء اميركا خطوة بعد خطوة ولا ترغب ان تصبح اداة لبعض الساسة الاميركيين للسعي وراء المصالح السياسية الانانية، لذا يتعين على بومبيو فتح عينه لرؤية العالم الواقعي.