kayhan.ir

رمز الخبر: 11253
تأريخ النشر : 2014December03 - 19:57

اتفاقية نفطية سرية بين أميركا وكردستان العراق .. وبرميل النفط يتجه لـ 50$!

محمد كسرواني

يواصل سعر برميل النفط هبوطه منذ أشهر. إقتصادياً يبدو أن ارتفاع العرض على الطلب هو السبب، إلا أن حقيقة الأمر تتجلى من خلال خلافات جيوسياسية بين أكبر الدول المصدرة والمستوردة (السعودية واميركا)، تنعم بنتائجها بلدان كثيرة منها لبنان. فانخفاض سعر البرميل وارتفاعه قادر على تحريك عجلة اقتصاد بلد هنا أو دخول بلد آخر في حالة من الركود . لكن ما السرّ في انخفاض الطلب فجأةً على النفط، خصوصاً أن العرض لم يرتفع؟ ولماذا رفضت منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) خفض الإنتاج، تاركة وفرة في الإمدادات بالأسواق؟

ماذا في الاتفاقية السرية بين أميركا واقليم كردستان العراق؟

مصدر واسع الاطلاع يكشف في هذا السياق أن سبب انخفاض الطلب فجأةً مرده لاتفاقية سرية ابرمت بين الولايات المتحدة الأميركية وحكومة اقليم كردستان في العراق منذ اشهر، قبل الإعلان عن "التحالف الدولي لضرب داعش". وتنص الاتفاقية على أن نفط الإقليم يقدم مجاناً لواشنطن مقابل تأمين التحالف الحماية الجوية له ومنع إرهابيي داعش من التمدد الى حدوده.

ويوضح المصدر أن الاتفاقية جاءت بعد إلحاح حكومة الإقليم على الدول الغربية الدفاع عنه، فانتهزت أميركا الفرصة، غير مستبعد (المصدر نفسه) أن يكون تمدد "داعش" في العراق حصل نتيجة لعبة أميركية ارادت واشنطن منها استعادة السيطرة على النفط العراقي، بعد خسارته بعيد الانسحاب العسكري في العام 2011.

الاستحواذ الأميركي على النفط الكردستاني، يرى فيه المصدر ابرز سبب لانخفاض معدل التصدير من الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية. ويقول:"لذلك عمدت السعودية إلى تخفيض سعر النفط (الإبقاء على إنتاج مرتفع مقابل انخفاض الطلب) استفزازاً لواشنطن ودعماً غير مباشر للاقتصاد الأوروبي والصيني والياباني، المنافس الاول لأميركا.

وإذ يصف المصدر ما تقوم به السعودية بسياسة "النكد"، يؤكد أن هدفها ايضاً مضايقة روسيا والجمهورية الإسلامية الإيرانية وفنزويلا وانغولا ودولا اخرى بسبب مواقفها السياسية الأخيرة، خصوصاً المتعلقة بسوريا. ويعتمد العديد من الدول المتضررة على عائدات النفط، إلا ان تأثرها يختلف بين روسيا الأكثر تضرراً وايران الأقل بفعل الاعتماد على عائدات بديلة. ويخلص المصدر إلى القول إن الرياض تتجه اليوم نحو "المخطط الاغبى" مستنزفةً خيراتها لمزايدات سياسية سيفقدها سلاحها الاسود خلال اعوام.

برميل نفط يرسم سعر صرف الدولار

السلاح الاسود .. هل يشعل المعركة بين اميركا والسعودية؟

الخبير في الشؤون النفطية ربيع ياغي يرى من جهته أن "السبب الحقيقي لانخفاض الطلب الأميركي على النفط السعودي مرده لمخططات الأمن القومي في واشنطن الهادفة منذ سنوات لتطوير مصادر بديلة عن النفط المستورد. فتطوير تكنولوجيا جديدة مؤخراً لاستخراج الغاز الصخري من اراض واسعة قلص معدل الاستيراد".

ويوضح ياغي في حديث لموقع "العهد" الإخباري أن "اميركا تستهلك 19 مليون برميل نفط يومياً. ففي العام 2008، كانت تنتج 7 ملايين برميل وتستورد 12 مليوناً. أما اليوم، وبفعل النفط الصخري، بلغ معدل الإنتاج 12 مليوناً ما خفضّ تلقائياً معدل الاستيراد الى 7 ملايين". وإذ يصف الأزمة الاقتصادية بين أميركا والسعودية بـ "النكتة"، يؤكد أنه لا يمكن للسعودية المعتمدة على النفط كمورد وحيد أن تنافس أميركا في اقتصادها الأقوى في العالم.

كلام ياغي ينسجم مع موقف الخبير الاقتصادي لويس حبيقة الذي يقول إن "الإدارة الأميركية تقدم مصالحها على كل شيء، وهذا جزء من سياستها. ومع تطوير انتاج النفط الصخري انخفضت حاجة الاستيراد، ولذلك تضرب اليوم الأسواق المالية في الخليج".

أما عن إصرار السعودية على الإبقاء على نسبة إنتاجها وخفض أسعار النفط لمصلحة دول صناعية تنافس أميركا، فيرى حبيقة أن "السعودية لم تتخذ منذ السبعينات أي مسار معادٍ لاقتصاد الدول الأوروبية والصناعية"، لافتاً الى أن أكبر ضربة لدول الخليج الفارسي ستكون بعد سنوات يوم تستغني اميركا بشكل كلي عن نفطها فتفقد بذلك كل عائداتها وتضرب موازناتها".

الاسباب الاقتصادية لانخفاض سعر النفط

من ناحية ثانية، يعتبر الخبيران ياغي وحبيقة أن اسباب انخفاض سعر النفط هي اقتصادية بالأغلب، رغم تأثير بعض السياسات الدولية والجيوسياسية عليها. يؤكدان أن الانخفاض البالغ بنسبة تتراوح بين 25 - 30 %خلال الأشهر الماضية أسبابه هي:

1- عدم التوازن في العرض والطلب، إذ يبلغ فائض العرض ما يقارب الـ 2.5 مليون برميل، ما يولد تخمةً بالوفرة وتراكمية بالعرض.

2- تحسن سعر صرف الدولار الأميركي الذي هو عملة شراء النفط. فكلما ارتفع سعر صرف الدولار انخفض سعر البرميل للعملات الأخرى. ومنذ 5 اشهر الى اليوم تحسن سعر صرف الدولار بنسبة راوحت بين 10 و15 %.

3- الركود في اقتصاد دول الاتحاد الأوروبي. فالخلل في ميزان المدفوعات التجاري بأوروبا ادى الى انخفاض الطلب الاوروبي على النفط، الذي يشكل بالأساس 15% من الطلب العام.

4- انخفاض الاستيراد الأميركي للنفط الأسود بفعل رفع معدل إنتاج النفط الصخري بعد تطوير آليات استخراجه بكلفة ادنى.

5- رفض "منظّمة الدول المصدرة للبترول - اوبيك (opec)"، خفض معدل الإنتاج واستمرار أغلب دول الأعضاء وأبرزها السعودية بإنتاج الكمية القصوى (الإنتاجية القصوى) وهذا هو السبب الأهم.

هل سيستمر سعر النفط بالانخفاض ؟

في الختام، يتوقع حبيقة استمرار انخفاض الاسعار وذلك بفعل توافر العرض بكثرة وندرة الطلب حالياً. ويلفت الى أن من اسباب الانخفاض أيضاً وجود براميل بأسعار رخيصة جداً تحديداً في المناطق التي تسيطر عليها "داعش" بالعراق وسوريا، لأن التنظيم يبيع بأدنى الاسعار دون مراعاة لسعر السوق، ما يجعله منافسا قويا خصوصاً في الأسواق السوداء.

أما فيما يتعلق بإمكانية ارتفاع سعر البرميل في الوقت الحالي، فيعزوها حبيقة لتحسن الاقتصاد الأوروبي إذا انتهز فرصة انخفاض السعر. وإذ يشير الى أن السعودية ترسم حالياً موازنة العام 2015 بسعر 50$ دولار للبرميل، يستبعد وصول السعر الى هذا الحدّ، واضعاً قرار الرياض في سياق التحضير لأقسى أنواع الأزمة.