ما يراد لجنوب اليمن اضغاث احلام
الفوضى والتمرد اللذان يعمان المحافظات في جنوب اليمن بسبب الاحتلالين السعودي والاماراتي اجبر المجلس الانتقالي في جنوب اليمن للاعلان عن ادارة ذاتية للسيطرة على الاوضاع بعد ان بدأ الحس الوطني في هذه المناطق يفعل باتجاه التخلص من الاحتلال والامساك بزمام الامور من قبل ابناء هذه المناطق، وما ادل على ذلك حركة التظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها عدن مؤخرا، لكن ما كان لافتا هو موقف ما يسمى بحكومة منصور هادي التي اعتبرت هذه الخطوة تمردا وانقلابا على اتفاق الرياض وطلبت من السعودية الوقوف امام هذه الخطوة لكن الاخيرة اكتفت بالصمت وهذا يدلل ان ما يجري في الجنوب ما هو الا مسرحية لتبادل الادوار ولو كانت هذه الخطوة تمس المصالح السعودية وحلفاءها لما تجرأت الامارات الداعم الرئيس للمجلس الانتقالي ان تتمرد على القرار السعودي.
هذا التمرد المفتعل الذي يضعف ابناء اليمن وبالتالي هذا البلد برمته هو لمصلحة السعودية والامارات اللذين يريدان اساسا ان يكون اليمن ضعيفا ومنقسما ليهيمنان عليه خدمة لمصالحهما. فالسعودية تاريخيا عينها على اليمن وتريدها كما وصى الملك المؤسس ان يكون ضعيفا وتابعا، لتمرير انابيب نفطها، للالتفاف على مضيق هرمز والامارات هي الاخرى تريدها للهيمنة على موانئه والسيطرة على التجارة في هذه المنطقة.
هذه الخطوة البغيضة والمريبة كشفت الابعاد الكبيرة لتآمر التحالف الاميركي السعودي ـ الاماراتي الذي دخل بشعاراته المزيفة بانه جاء لينقذ اليمن عبر دعمه للشرعية وحكومة منصور هادي، تتحول اليوم الى احتلال رسمي لتقسيم اليمن وفصل الجنوب عن شماله.
ولا شك، ان مصلحة الطرفان السعودي والاماراتي تلتقي في نقطة واحدة و هي ان لا يكون اليمن قويا بل بلدا مقسما وضعيفا. فاذن صراع اطراف التحالف في اليمن مجرد مسرحية لبسط المزيد من نفوذها في هذا البلد عبر الادوات الرخيصة من ابنائه الذين باعوا انفسهم لاطراف هم اساسا ادوات للغير وفي النهاية سيندمون ويخسرون كل شيء مع بقاء وصمة الخيانة على جبينهم في مماشاة المحتل ودعمه.
وبديهي ان لا نغفل عن الطرف الرئيس الذي يقف وراء كل ما يدور في اليمن السعيد الذي هو امل العرب والمسلمين في الدفاع عن الجزيرة العربية والمقدسات فيها كبلد قوي يمتلك مقومات الصمود، هو اميركا وربيبتها "اسرائيل" لما يشكله اليمن من موقع جيوسياسي متقدم عبر اطلالته على البحرين العربي والاحمر وانتشار جزره التي تبلغ اكثر من مائتين فيها واهمها "ميون" التي تقسم باب المندب الذي يعتبر احد أهم الممرات المائية الدولية، جعل هذا البلد محط انظار العالم واطماع الدول الاستكبارية لذلك فان اصابعها الشريرة لم تكن بعيدة عما يجري في جنوب اليمن للوصول الى "باب المندب" الذي يشكل الشريان الحيوي للكيان الصهيوني حسب توصيف الارهابي نتنياهو.
على السعودية وباقي الدول العربية المتحالفة والمتواطئة معها ان تعي حقيقة ابعاد التآمر الخبيث لتقسيم اليمن الذي لن يتوقف بالتاكيد عند حدوده بل سيكون البداية لتقسيم الدول الاخرى وتكون السعودية اولها. لكن هذا ما يحلم به اعداء اليمن وعلى راسهم اميركا، غير ان تقدير هذا البلد وبقاء وحدته هو بيد ابنائه بدءا من الجنوب و مرورا بالوسط وانتهاء بشماله حيث لا يرضون الا باليمن القوي الموحد وما قاله عبد الوهاب المحبشي عضو حركة انصار الله بان "اليمن ليس مهددا بالانفصال الا بسبب الاحتلال"، يدلل على ان ابناءه حريصين على وحدته وسيادته وان التهديد بالانفصال هو من الاحتلال وليس من ابنائه.