فشل ترامب في إحتواء أزمة كورونا يمهد لولادة نظام عالمي جديد
حبيب القادري
تحت عنوان "ترامب وسياسة لفشل في إحتواء وباء كورونا” نشرت جريدة رأي اليوم الإكترونية مقالاً للكاتب السعودي الدكتور أحمد البوقري تناول فيه عاصفة كورونا التي تجتاح الولايات المتحدة الأميركية. وسياسة الفشل والإرباك الذي تواجه به الولايات المتحدة هذه الأزمة التي تكاد تطيح بالنظام السياسي الأميركي ومكانته العالمية.
لفتتني جرأة الكاتب ودقته في معالجة الموضوع، إذ نادراً ما ترى كاتب سعودي يدخل إلى عمق السياسية الأميركية ويشرحها بهذا الشكل. وخاصة في زمن ترامب وشعبويته وتعاطيه الفوقي واللاأخلاقي مع حلفائه الخليجيين. لقد كشفت حالة طوارئ الفيروس التاجي إلى أي مدى تتراجع الولايات المتحدة عن قيادتها للعالم الحر.
لا توجد الآن حاجة للمبالغة، إن ترامب أخطأ في الافتراض الدائم بأن الآراء والمصالح في الدول الحليفة يجب أن تتطابق مع مصالح الولايات المتحدة بشكل دائم. وها هي أزمة فيروس كورونا أتت لتثبت أن ترامب لا يحترم أحدا حتى شعبه الذي يريده أن يفنى بوباء كورونا في سبيل أن يبقى الاقتصاد الأميركي مسيطراً في العالم. وهذا ما أشار إليه البوقري في مقالته الأخيرة، فقد جاءت أزمة كورونا لتشكل إختبار عسير للنظام العالمي القائم وفي طليعته الولايات المتحدة.
الأمر المميز في هذه الأزمة هو امتحانها لرد كل دولة بصورة منفردة على الوضع القائم لديها ولكن أين القيادة الدولية لمواجهة ذلك، وأين الريادة الأميركية المفترضة للرد على هذا الفيروس؟
هذا اختبار قاسٍ لزعيم العالم الحر، ولكن الآن لا يوجد زعيم لهذا العالم، لأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب غير قادر في الأصل على قيادة رد الفعل الأميركي تجاه الأزمة، ناهيك عن توجيه أو إلهام المؤسسات الدولية، في كل الأحوال فإنه ليس مهتماً بفعل ذلك، وإذا كان لديه هذا الاهتمام فمن ذا الذي سيقوم باتباعه وهو يترنح، ويطلق عباراته الغاضبة خلال مؤتمراته الصحافية المشتتة.
ترامب يجسد تراجعاً أميركياً يتسارع مع الوقت، لقد بات الأميركيين يخشون من مسؤولياتهم الدولية، ويعتقدون أن القيادة الدولية تكلف أموالاً وجهداً وطاقة وأرواحاً أميركية، ويعتقدون أن أميركا لم تعد في مأمن. لقد باتت كثير من الدول تفكر بعد انتهاء أزمة كورونا، أن تنضم إلى دول أخرى، وتؤسس هيكلاً عالمياً لا يعتمد فقط على الولايات المتحدة، وأن تبدي استعداداً لتمويل ودعم هذا الكيان، وأن تقبل المسؤولية المشتركة، التي تركتها للولايات المتحدة فقط ولفترة طويلة، وإذا لم نفعل ذلك، فإن الخطر يتمثل في أنها لن ترى فقط نهاية الطغيان الأميركي، ولكنها سترى الطغيان نفسه.