kayhan.ir

رمز الخبر: 111494
تأريخ النشر : 2020April26 - 19:16

التحركات الأميركية المريبة في العراق وسوريا: تحضير لحرب قادمة؟

عبير بسّام

ليس القصف الاسرائيلي الأخير على تدمر في سوريا ليل 20 نيسان، مجرد رداتِ فعل على انتصار حققه الجيش العربي السوري وحلفاؤه على الإرهابيين وحلفائهم من قوات التحالف. الموضوع تجاوز هذا الافتراض. فـ"اسرائيل" كانت قد قصفت في 15 نيسان/ أبريل سيارة لبنانية على الحدود السورية - اللبنانية، إضافة للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة على الحدود الشمالية لفلسطين. كل ذلك ترافق مع تحركات مشبوهة يعيد فيها الأميركيون تموضعهم في العراق وسوريا، فما الذي يخطط له الأميركيون في المنطقة؟

صحيفة "نيويورك تايمز" كشفت عن مصادر في البنتاغون، في مقال نشرته في آخر شهر آذار /مارس، أن هناك خططًا عسكرية لتصعيد القتال في العراق. ففي 19 آذار/ مارس، كان هناك اجتماع مع ترامب أعطى فيه موافقته على التخطيط لحملة في العراق يراد منها تدمير كتائب حزب الله العراقية بشكل كامل. وهذا يتوافق مع التحركات الأميركية من إعادة نشر صواريح "باتريوت" في قاعدتي عين الأسد والحرير في العراق، واستقدام التعزيزات إلى قاعدة الشدادي في الحسكة. اذ يبدو أنّ الولايات المتحدة، تحاول إعادة تموضعها في المنطقة، وإعادة خلط الأوراق من خلال تعزيزاتها العسكرية محاولة تسجيل بعض النقاط لصالحها. وفي هذا الإطار، فإن القصف الإسرائيلي المتكرر لا يخرج عن إطار تشتيت أهداف التحرك الأميركي في المنطقة وتشتيت الانتباه عما يخطط له.

منذ القصف الإيراني لقاعدة عين الأسد الأميركية، ردّا على اغتيال الفريق القائد الشهيد قاسم سليماني وقائد الحشد الشعبي الشهيد أبو مهدي المهندس في 8 كانون الثاني/ يناير، والأميركيون مترددون بالرد المباشرعلى إيران. لكن هذا لا ينفي السعي الأميركي لمحاربة إيران وتقويض وجودها كقوة إقليمية والاقتصاص من المقاومين في العراق أي الحشد الشعبي وكتائب حزب الله بالذات. والمطلوب أميركيا هو تشتيت محور المقاومة في المنطقة، وإعادة تأهيل قاعدة الشدادي وذلك ليس إلا جزءاً لا يتجزأ ممّا يخطط له من حرب قادمة. فالأميركيون لم يتخذوا القرار لمغادرة المنطقة بعد، والأمر ربما يحتاج عملية مارينز أخرى لإخراجهم.

كان يعلم الأميركيون أن اغتيال القائد سليماني لن يمر دون ردّ إيراني، ولكنهم لم يكونوا يعلمون كيف ومتى سيأتي الرد. لم يتوقع الأميركيون حجم الضربة التي تلقوها في قاعدة الأسد، والتي أعادت الحسابات. وبالتالي كان لا بد من ضرب المقاومة في العراق متمثلة بقوات الحشد الشعبي وكتائب حزب الله بالذات. وهذا لا يخرج عن إطار الدفع نحو حرب في منطقة الخليج الفارسي. اذاً لم يكن تهديد ترامب، في أيلول/سبتمبر 2019، الحكومة العراقية المستقيلة بأنه سيعيد "داعش" إلى العراق في حال صوت مجلس النواب العراقي بطلب خروج القوات الأميركية من العراق عبثياً.

إعادة نشاط "داعش" يعمل عليها منذ زمن، حيث بدأ تنفيذ هذا التهديد منذ تم تهريب قياداتها وعائلاتهم إلى القواعد الأميركية في العراق في تشرين الأول/ أكتوبر 2018؛ وفي الثامن من هذا الشهر، نقلت القوات الأميركية 50 داعشياً من الجنسية العراقية بمروحياتها إلى قواعدها في الشدادي. وبحسب وكالة عربي اليوم الإخبارية، بدأ إطلاق سجناء "داعش" في الصحراء السورية والعراقية. وقد حطمت أسوار السجون والمعتقلات لهم من أجل التوجه نحو مناطق القتال الجديدة في العراق. وعرف ذلك من خلال المجموعة، التي سلمت نفسها، بحسب سانا، وهي في عتادها الكامل في نقاط الجيش السوري في تدمر. كما أن عملية هروب 5 آلاف سجين "داعشي" من مختلف الجنسيات ومعظمهم من الجنسية العراقية، من سجن الصناعة في الحسكة لم تأت بالصدفة، حيث نقلت منهم القوات الأميركية 230 إلى قواعدها، ونقل في 7 نيسان/ أبريل ثمانية من القياديين "الداعشيين" إلى قاعدة عين الأسد في العراق، وكان يفترض نقلهم إلى السجون الأميركية. بالطبع عمليات الهروب ولدت مخاوف من إعادة إطلاق "داعش" لعمليات انتقامية وارتكاب الجرائم في شمال شرق سوريا، غير أنها ابتدأت في العراق منذ يومين. إعادة إطلاق "داعش" أمر ثانوي يصب طبعاً في المحاولات الأميركية لإيجاد مبرر لوجودها في العراق للناخب الأميركي.

وبالتالي، وبحسب مصدر للعهد، لم يكن قصف قاعدة التاجي بصواريخ الكاتيوشا في العراق في 13 آذار/ مارس سوى تمثيلية تشبه ما حدث في 11 أيلول/ سبتمبر 2001 ، والتي جيرها الأميركيون من أجل حملاتهم الاستعمارية على منطقة الشرق الأوسط، من أفغانستان إلى العراق من أجل فرض تقسيم الشرق الأوسط الجديد. في 14 آذار/ مارس، وبعد يوم من ضربة التاجي، أعلن الجيش العراقي أن صواريخ الكاتيوشا أطلقت من مكان قريب من القاعدة، وأن ليس هناك ما يدل على الذين قاموا بتنفيذ العملية، إلا أن الطائرات الأميركية قصفت مواقع الحشد الشعبي بالقرب من الحدود السورية العراقية. واستهدفت مخازن الأسلحة، ومواقع في بغداد والنجف. ليتبين بعد فترة قصيرة أن الأمر لم يكن محض صدفة، واختيار موقع الحشد على الحدود السورية جاء ليمهد الطريق أمام انتقال القوات الأميركية لتقوم بالتحشيد في قاعدتها في الشدادي في الحسكة والمترافق مع تهريب سجناء "داعش".

التحركات المريبة في شرق الفرات للأميركيين، لا تخرج عن الهدف الأميركي بالبقاء في العراق وسوريا من أجل تعويض الخسائر الاقتصادية من خلال سرقة المنتجات النفطية. وبدء تجنيد شبان سوريين لحراسة حقل العمر والوقوف في وجه الحركات المقاومة الناشئة في المنطقة، تدل على أن الأميركيين ليس لديهم النية بالخروج من شمال شرق سوريا. وهذا يشابه إنشاء قوات الحرس المدني، أو ما سمي قوات العميل "سعد حداد" في لبنان، وهذا ما سيضع السوريين في مواجهة بعضهم البعض في المنطقة، ليس فقط بين الكرد والعرب ولكن اليوم بين العرب والعرب، أي أن سياسة فرق تسد، لم يكفها أن تكون على أساس ديني وطائفي وإثني، بل باتت بين أبناء الدين الواحد والإثنية الواحدة والطائفة الواحدة.

الأميركيون يريدون الحرب مع إيران، وابتدأ الدفع نحو ذلك منذ حجز الباخرة الإيرانية من قبل البريطانيين في تموز/ يوليو من العام الماضي. والمطلب ليس اسرائيلياً فقط. والتحرك الأميركي - الإسرائيلي - التركي في المنطقة جزء من التحضير لحرب العالمية، فقد صرح مظلوم عبدي زعيم مليشيا قسد على قناة "TeN" الفضائية أن أردوغان في بداية هذا العام طلب من "داعش" إعادة احتلال عين العرب ومنطقة الجزيرة. حرب بشر بها الثعلب هنري كيسنجر وحدد بأنها ستبدأ مع ضرب إيران، وذلك منذ 22 تموز/ يوليو 2017. ومن المعروف بأن الثعلب هو عراب ترامب، الذي يصغي إليه في تحديد سياساته الخارجية. فهل هذا ما سيكون؟