ما فرقته السياسة جمعته المصالح
زيارة الرئيس بوتين القصيرة الى أنقرة للمشاركة في اجتماع مجلس التعاون الروسي ــ التركي بهدف توسيع التعاون الثنائي في مختلف المجالات الاقتصادية والطاقة وغزو الفضاء وبناء مفاعل نووي جنوبي تركيا، اتسمت بأهمية بالغة لأنها تأتي في وقت يختلف البلدان في ملفات المنطقة وفي ظروف عصيبة تمر بها دول المنطقة ولا يستثنى طبعا هذان البلدان من ذلك لان روسيا تواجه اليوم من جهة عقوبات اقتصادية فرضتها الدول الغربية عليها عقب تفجر الأزمة الأوكرانية وتبحث عن منافذ لها للالتفاف على العقوبات ومن جهة اخرى فان تركيا ليست بأحسن حظا من روسيا فهي الأخرى تواجه صعوبات اقتصادية بعد تعثر تجارتها مع سوريا والعراق وقليلا مع ايران بفعل الأزمة السورية وتبحث هي الاخرى عن اسواق جديدة تنعش اقتصادها.
وفي المحصلة فان الزيارة جاءت في الوقت المناسب والضرورة فرضتها ليستطيع البلدان التخفيف عن الأعباء التي تثقل كاهلهما نتيجة للتطورات الدولية والإقليمية، لكن ما نستطيع قوله رغم ان طابع الزيارة يغلب عليها البعد الاقتصادي، لكن البعد السياسي يفرض نفسه على الزيارة وعلى واقع البلدين لعلاقاتهما المباشرة بالازمة السورية والعراقية في آن واحد دون ان نخوض في التفاصيل التي يعلمها الجميع.
ومن الطبيعي وبحكم موقع البلدين ان لا يغيب البعد السياسي في لقاء قمة بوتين ــ اردوغان خاصة فيما يخص الملفين السوري والعراقي وكذلك موضوع تدريب قوات ما يسمى بالمعارضة السورية على الاراضي التركية وباشراف اميركي، كل هذه الامور تستدعي النقاش والتفاوض للخروج بحلول سياسية تحقن دماء الشعبين السوري والعراقي وتنهي هذه الازمة التي تقترب من سنتها الرابعة ولاتخدم الا اعداء المنطقة والمسلمين وخاصة الكيان الصهيوني.
فتركيا ونظرا لدورها الرئيس في الازمتين السورية والعراقية كمحطة عبور وتقديم الدعم اللوجستيكي للقوى التكفيرية المقاتلة في هذين البلدين وان كانت تنكر رسميا لكن كل الوقائع والمشاهدات على الارض تثبت ذلك، لكن لا ترفض اليوم من يمد اليد لانتشالها من هذه الورطة بشكل يحفظ ماء وجهها ويقدم لها ثمنا يعوضها عما خسرته في هذا المجال معنويا وماديا.
فدعوة الرئيس روحاني للرئيس التركي رجب طيب اردوغان لزيارة طهران التي قدمها وزير الاقتصاد الايراني في زيارته الاخيرة الى انقرة وزيارة الرئيس بوتين القصيرة الى تركيا والذي استقبل المعلم وزير الخارجية السورية في موسكو قبيل توجهه الى انقرة قد تدفع بخطوات ايجابية يستطيع الجانب التركي من اتخاذ موقف ينسجم مع المواقف السياسية والتطورات الاقليمية والدولية تجاه القضية السورية وخاصة التعاون الامني الغربي مع سوريا وما تسرب اخيرا من زيارة وفد امني اميركي يضم عددا من ضباط وكالة المخابرات المركزية الاميركية ربما هو الذي اغضب الرئيس التركي اردوغان الذي شن هجوما لاذعا على الولايات المتحدة الاميركية لانه وان فسر البعض هذه التصريحات النارية لغاية في نفس يعقوب يريد صرفها في الداخل والخارج لانه تركته في وسط الطريق وهذا هو امر بديهي في تعامل القوى الكبرى مع الدول الاخرى لانها لا تنظر الا لمصالحها وللاسف حتى اليوم فان الكثير من دول العالم وخاصة في منطقتنا لا تتغط من هذه الدروس وتضع كل بيضها في سلات هذه القوى ولاتصحو الى بعد فوات الاوان وعندها لاينفع الندم.