التايمز: ابن سلمان متورط على أكثر من جبهة.. والحرب على اليمن كانت تسلية له ويريد الخروج منها.
قال مراسل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "التايمز” ريتشارد سبنسر إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يأمل بأن يزيح الموضوع اليمني من طريقه، مشيرا إلى أن السعودية أعلنت عنوقف إطلاق النار في اليمنكمحاولة للمساهمة في مواجهةفيروس كورونا، ولكنه يعتبر أيضا محاولة لوقف الحرب، وربما كان على ما يبدو محاولة لتخفيف الضغط على الآلة التي تدفع سفينة الدولة.
فحتى مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول قبل 18 شهرا كان يمكن النظر لكل العناوين المثيرة حول ولي العهد وتحركاته على أنها تعبير عن رغبة لهز وتحريك المملكة: فسجن رجال الأعمال في فندق ريتز- كارلتون وتحييد الأمراء من أبناء عمه عن خط الوراثة ومراكمة السلطة في يديه هي بمثابة طرق غير تقليدية والثمن الذي يجب دفعه لتحرير الاقتصاد ومنح المرأة مزيدا من الحقوق.
إلا أن مقتل خاشقجي فتح العيون على الجانب المظلم للسعودية: زيادة حالات الإعدام للمعارضين بمن فيهم ناشطون شيعة ومتظاهرون قصر واعتقال الناشطين الليبراليين بما في ذلك ناشطات طالبن بحق المرأة وإنهاء الحرب المستعرة في اليمن.
وشعر الأمير بالصدمة، على ما يبدو، من ردة فعل العالم على مقتل خاشقجي. وعوضا عن تخفيف سيطرته على السلطة جلب إليها أفرادا من داخل الحلقة الضيقة، وهي عائلته، حيث عين أخا له وزيرا للنفط وآخر وزيرا فعليا للدفاع. وأمر مؤخرا باعتقال أميرين ينظر إليهما كقائدين محتملين لأي حركة احتجاج. واتهما بالتآمر عليه، رغم عدم وجود ما يشير إلى نشاطهما. وأضاف إلى هذاحرب أسعار نفط مع روسيا والولايات المتحدةالتي شلت الميزانية الوطنية.
وبعدما جمع سلطات لم يحظ بها أي أمير سعودي من قبل وخلق عدداً كبيراً من الأعداء فهو الآن بحاجة للتركيز على ما حصل عليه، ومن هنا فالحرب في اليمن لم تكن أبدا مركزية في رؤيته للسلطة، كانت مجرد تسلية ولا بد من تنحيتها عن الطريق، مع أنها تظل بالنسبة لليمنيين كارثة على قاعدة ملحمية.
وعليه يمكن فهم القرار السعودي الأخير حيث بدأت قوات التحالف التي تقودها السعودية باليمنوقفا لإطلاق الناريمتد على أسبوعين. ويأمل السعوديون أن يؤدي التحرك لتسوية وتوقف الخسائر التي أصابتهم واليمنيين خلال السنوات الخمس الماضية. ودعمت الحكومة اليمنية التي تحظى بشرعية دولية وتعتمد على السعودية القرار الذي دخل مرحلة التنفيذ في مساء يوم الخميس. وتعلق الصحيفة أن القرار وإن غلف بمحاربة كورونا إلا أن الأمم المتحدة تحاول منذ وقت تشجيع الطرفين استئناف محادثات السلام.
وبحسب المتحدث باسم قوات التحالف السعودي، العقيد تركي المالكي، فالقرار نابع من رغبة الطرفين -السعودية والمتمردين الحوثيين- "مناقشة مقترحات وحل سياسي شامل”. وأضاف أن التحالف يدعم خطة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتنغريفثزعقد لقاء تحت رعاية الأمم المتحدة بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين وممثلين عسكريين من التحالف لمناقشة المقترحات والآليات والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار. وعبر الأمير خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع، عن أمله أن يخلق وقف إطلاق النار مناخا لتخفيف التوتر. وعبر عدد من قادة الحوثيين عن سخريتهم من إعلان السعودية واعتبروه حيلة لنيل الدعم العالمي. وواصل الحوثيون هجماتهم ضد السعودية، فيما قالت الحكومة اليمنية إن الحوثيين قصفوا الحديدة ومأرب.
وقالت "إنترناشونال ريسيكو” التي تعتبر واحدة من عدة منظمات تعمل في اليمن إن مدة أسبوعين غير كافية لتحضير البلاد لمواجهة كوفيد-19. وقالت إن نصف المؤسسات الصحية في اليمن غير صالحة للعمل بالإضافة إلى 18 مليون نسمة لا يستطيعون الوصول إلى مياه الشرب والنظافة. وتعتقد الأمم المتحدة أن هناك 22 مليون يمني من 28 مليون نسمة بحاجة إلى مساعدات غذائية والتي يصعب الحصول عليها بسبب الحصار الذي تفرضه السعودية على اليمن.
وانضمت الإمارات للتحالف السعودي في عام 2015 لمواجهة الحوثيين الذين تحالفوا مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح ودخلوا العاصمة صنعاء. وعبر التحالف عن مخاوفه من سيطرة الحوثيين الذين تدعمهم إيران على ميناء عدن المهم للملاحة الدولية، وهي قريبة من ميناء باب المندب الذي يحمي المدخل للبحر الأحمر وقناة السويس.
وتقول الصحيفة إن الحرب على اليمن مرتبطة بالسياسة الداخلية في المملكة، فقد وصل الملك سلمان إلى العرش بعد وفاة أخيه الملك عبد الله وعين ابنه محمد وزيرا للدفاع، وكان هذا طامحا لتأكيد صورته كقائد للبلاد. وحقق التحالف نجاحات من خلال طرد الحوثيين من عدن لكن قواته فشلت باستعادة صنعاء.
وفي الوقت نفسه انتقد التحالف بسبب استهدافه المدنيين. وقتلت الطائرات الحربية آلاف المدنيين وخلقت كارثة إنسانية وجوعا لملايين اليمنيين. وفشلت الحكومة التي يدعمها التحالف من التقدم نحو صنعاء. ففي شباط/فبراير أوقف الحوثيون الحملة وسيطروا على منطقة الجوف في شمال مأرب.
ويتهم الحوثيون باستخدام المساعدات كسلاح وبيعها لزيادة ماليتهم. أما محمد بن سلمان فيواجه مشاكل داخلية ودولية؛ فهو يحاول بناء سمعته بعد قتل جمال خاشقجي بالإضافة لحرب أسعار النفط مع روسيا وأميركا. وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز” عن وصول كوفيد-19 إلى داخل العائلة المالكة. وقالت إن الأمير فيصل بن بندر آل سعود، أمير منطقة الرياض، أدخل العناية الفائقة بسبب الفيروس إلى جانب عدد من الأمراء.
التايمز