kayhan.ir

رمز الخبر: 110899
تأريخ النشر : 2020April15 - 20:22

أميركا تخسر حرب الكورونا وفي طريقها للخروج من المحيط الهادئ...!


محمد صادق الحسيني

لم يكن اعلان " سفارة الامر الواقع " الأميركية في تايوان ، يوم الجمعة ١٠/٤/٢٠٢٠، حول تعاون الولايات المتحدة مع هذه الجزيرة لسنوات قادمة (امر واقع كونها غير شرعية بموجب اتفاق ١٩٧٩ بين جمهورية الصين الشعبية والولايات المتحدة الذي أكد على وحدة الصين الواحدة ومن ضمن أراضيها السيادية هذه الجزيرة ، التي انشقت عن الصين الام عام ١٩٤٩ ) ، نقول ان هذا الاعلان لم يكن هو الاستفزاز الاميركي الاول تجاه جمهورية الصين الشعبية .

كما لم يكن مرور المدمرة الاميركية USS Barry DDG 52 ، يوم السبت ١٢/٤/٢٠٢٠ ، في مضيق تايوان هو الاستفزاز العسكري الاميركي الاول ضد بكين . اذ ان الاستفزازات الاميركية قد بدأت عندما شرعت الولايات المتحدة في تقديم الدعم العسكري الواسع لعميلها ، الجنرال الصيني المنشق جيانغ كاي شيك ( Chiang - Kai - Shek ) ، الذي هرب من البر الصيني اثر هزيمته وقوات الكومينتانغ عام ١٩٤٩ اثر انتصار قوات الثورة الصينية ، بزعامة ماوتسي تونغ وحررت كامل البر الصيني .

نقول ان استفزازات الولايات المتحدة لجمهورية الصين الشعبية قبل ذلك الاعلان بزمن طويل ، حيث قام الرئيس الاميركي ، هاري ترومان ، بنشر الاسطول السابع الاميركي في محيط هذه الجزيرة ومضيق تايوان ، قبالة الشواطئ الصينية، وذلك لمنع قوات الثورة من السيطرة على الجزيرة وتحريرها . وقد اتبعت واشنطن انتشار قواتها العسكري في تلك المنطقة بتوقيع اتفاقية ، بينها وبين جيانغ كاي شيك ، سنة ١٩٥٥ اطلقت عليها اسم : اتفاقية الدفاع المشترك والتي وقعت في واشنطن بتاريخ ٣/٣/١٩٥٥.

وقد استمرت واشنطن في ممارسة سياستها العدوانية ، ضد بكين ، طوال السنوات التي تبعت توقيع الاتفاقية ، المشار اليها اعلاه ، وحتى نهاية سبعينيات القرن الماضي ، عندما اتفقت واشنطن وبكين ، على وضع أسس ثابتة لعلاقات بين الدولتين ، تكللت بتوقيع اتفاقية الاعتراف الديبلوماسي المتبادل بين البلدين بتاريخ ١/١/١٩٧٩ . تلك الاتفاقية التي اعادت التوازن ، ولو جزئياً لميزان القوى السياسي ، في تلك المنطقة من العالم ، خاصة وأنها اعتبرت جزيرة تايوان جزءاً لا يتجزأ من اراضي جمهورية الصين الشعبية ، الامر الذي ادى الى ان تشغل بكين مقعد الصين الدائم في مجلس الامن الدولي بدلاً من الجزيرة المنشقة .

وهو الامر الذي شكل قاعدة العلاقات الاميركية الصينية ، وتطورها ، حتى استلام ترامب للسلطة في واشنطن ، عام ٢٠١٧ ، وبدأة اتباع سياسات استفزازية ، تصعيدية وعدائية ضد جمهورية الصين الشعبية . ومن بين اهم تلك الاجراءات العدائية هي التالية :

1. موافقة ترامب ، منذ عام ٢٠١٧ وحتى الآن ، على تزويد جزيرة تايوان الصينية المنشقة بأسلحة متطورة قيمتها ١٢،٤ مليار دولار ( مساحة الجزيرة / ٣٥٠٠٠ كم مربع / اي اكثر بقليل من مساحة فلسطين .

2. توقيع الرئيس الاميركي ترامب قانون زيارات تايوان ، بتاريخ ٢٣/٢/٢٠١٨ ، والذي يسمح لكبار المسؤولين السياسيين الأميركيين ، بزيارة الجزيرة المنشقة وعقد لقاءات سياسية مع مسؤوليها ، وكذلك زيارة سياسيين تايوانيين منشقين للولايات المتحدة وعقد لقاءات مع نظرائهم الأميركيين ، وذلك لأول مره منذ الاعتراف المتبادل بين الصين الشعبية وواشنطن سنة ١٩٧٩ .وهو الامر الذي اثار سخطاً شديداً لدى الاوساط الرسمية والشعبية الصينية لانه اعتبر انسحاباً ضمنياً من اعتراف واشنطن بسيادة بكين على جزيرة تايوان .

3. توقيع الرئيس الاميركي على قانون النفقات الدفاعية الاميركي ، بتاريخ ٢٠/١٢/٢٠١٩ ، والذي يتضمن بنودًا تدعو لتقوية العلاقات ( ومنها العسكرية طبعاً ) مع تايوان وإبطاء رفع العقوبات عن شركة الاتصالات الصينية العملاقة ، هواوي . اضافة الى وجود نصوص اخرى ، تتعلق بهونغ كونغ ومنطقة شينغ جيانغ Xinjiang الصينية . الامر الذي اعتبره ناطق باسم الخارجية الصينية ، السيد يو فينتز إي You Wenze ، ووكالة الانباء الصينية ، تدخلاً سافراً في شؤون الصين الداخلية .

4. وهنا تجب الاشاره الى اعلان ، سفارة الامر الواقع الاميركية في تايوان ، بخصوص التعاون المستقبلي بين واشنطن وتايبِة ، بما في ذلك التعاون العسكري ، وهو ما يعتبر اعلاناً اميركياً رسمياً عن بدء تطبيق قانون النفقات الدفاعية ، الذي وقعه ترامب والمشار اليه اعلاه ، ما يشكل خرقاً صارخاً لكل القوانين الدولية ولا يمكن مقارنته الا بقيام الصين الشعبية ، او اي دولة اخرى في العالم ، بتقديم الدعم لولاية اميركية منشقة عن الحكومة الفدرالية في واشنطن .

٥)طلب البنتاغون رسمياً ، من خلال رسالة موجهة للكونغرس الاميركي ، الاسبوع الماضي ، تمويلاً اضافياً بقيمة عشرين مليار دولار ، بحجة مواجهة التوسع العسكري الصيني واقامة شبكات دفاع صاروخي ودفاع جوي وانظمة رادار وحرب إلكترونية وتقوية الدفاعات الاميركية ، البحرية والجوية ، في قواعد جزيرة غوام ومنشآت اميركية اخرى في المحيط الهادئ ، لوقف هذا التوسع الصيني المزعوم . علماً ان من قدم الطلب هو قيادة المحيط الهندي / الهادئ في البنتاغون ( Indo - Pacific Command ) .

6. وقد بررت هذه القيادة طلبها ، المذكور اعلاه ، بالقول انه دون وجود ردع موثوق به ، في وجه روسيا والصين ، فانهما ستعملان على تقويض نفوذ ومصالح الولايات المتحدة في تلك المنطقة والحلول مكانها . علماء ان الجيش الاميركي قد اطلق على هذه العملية ، في رسالة طلب التمويل ، اسم : استعادة التفوق ( Regain Advantege ) . علما أن التمويل سيبدأ اعتباراً من السنة المالية ٢٠٢١ .

7. وبما ان وزير الحرب الاميركي السابق ، جيمس ماتيس ، قد أعلن منطقة جزيرة غوام وغرب المحيط الهندي منطقة عمليات ذات الاولوية ، واعتبار العسكريين الأميركيين الحاليين جزيرة غوانتينامو خط الدفاع الاول عن الولايات المتحدة فهم يخططون الآن لاقامة " خط دفاع ثاني " يتجه غرباً ، وصولاً الى ما يطلق عليه البنتاغون : سلسلة الجزر الاولى ، اي سلسلة الجزر الصينية ، في بحار الصين الجنوبية والشرقية وغيرها . وهو ما يعني تضييق الخناق على الصين ودمج جزيرة تايوان في خط الدفاع الثاني ، الذي يعملون على إقامته ، من خلال التمويلات الجديدة وغيرها .

٨)وعليه فلا بد من تذكير عضو الكونغرس الاميركي عن ولاية أوكلاهوما ، جيمس إنهوف ( James Inhofe ) ، وهو رئيس لجنة القوات المسلحة في المجلس ان ما يحمي اميركا ومصالحها ، في مسرح العمليات ذو الاولوية ( Priority Theatre ) ، ليس تمويل المزيد من مشاريع التسلح والتوسع ومحاصرة الصين ، التي لا يمكنكم ان تحاصروها ، بل ان ما يحمي الولايات المتحدة ومصالحها هو استثمار هذه المليارات في مشاريع إنتاجية ومشاريع لتحديث البنى التحتية ، ومن بينها ثلاثة آلاف جسر مهددة بالانهيار بسبب انعدام الصيانة .

هذه هي الاستثمارات التي قد تعيد الحياة الى الاقتصاد الاميركي ، الذي خسر حرب كورونا ، امام المعسكر الاوروآسيوي . وذلك لان الدولة التي ستكون قادرة على اعادة عجلة دوران اقتصادها الى الوضع الطبيعي هي التي ستكون ، وحلفاءها ، في وضع من يقرر مستقبل العالم ، وتخليصة من سيطرة الاحادية القطبية والتوحش الرأسمالي ، الذي ساد العالم الغربي خلال الأربعين سنة الماضية .

لن تكون خطوط الدفاع تلك وانما الكتلة الدولية المشار اليها اعلاه ، خاصة وان الاقتصاد الصيني ، وحسب التقارير الدولية المختصة قد نجحت في اعادة تشغيل وتفعيل اقتصادها بنسبة تفوق ٨٠ ٪ ، الامر الذي سيجعلها اكثر حظاً في ترسيخ دورها القيادي العالمي ، بالتعاون مع روسيا وربما الهند ، ولو بشكل جزئي في البداية .

يهلك ملوكا ويستخلف آخرين

بعدنا طيبين قولوا الله