كورونا ملك الفيروسات
حسين شريعتمداري
1 ـ اشتق اسم فيروس كورونا من كلمة CROWN الانجليزية والتي تعني "تاج" لان شكله الخارجي يشبه التاج الملكي. وبهذا التشابه يمكن القول ان كرونا يعتبر ملك الفيروسات. وطبيعي ان "ملك الفيروسات" يحمل صفات مثل بقية الملوك المتغطرسين والظلمة والمخربين وكما قالت بلقيس ملكة سبأ في سورة النمل ان الملوك اذا دخلوا قرية افسدوها وجعلوا اعزة اهلها اذلة وكذلك يفعلون والمعروف ان الملوك اذا ما هاجموا مدينة او بلدة فانهم يدمرونها ويذلون اكثر رجال تلك المدينة وهذه الصفة ملازمة لهم والفيروس الملك يحمل تلك الصفات.
ومن المعلوم ان فيروس كورونا هو اصغر بمليون مرة من البعوضة التي اودت بحياة النمرود، ورغم صغره هذا الفيروس الا انه وفي النهاية قد اوجد حادثة كبيرة لا نهاية لها وخلال عدة اسابيع فانه ارتبك العالم اجمع بحيث بدل المدن الى اشباح، وعطل الحياة الاجتماعية بحيث الزم الناس ان يلزموا بيوتهم وشل حركة الحياة العلمية من حركة القطارات والطائرات والسيارات واوصل طغاة الغرب الذين كانوا تعلوا اصواتهم (انا ربكم الاعلى) جعلهم يعيشون حالة من الذلة والهوان بحيث فضح دعاة الحياة المدنية كشف ادعاءاتهم المزيفة ووضع حالة المدنية والحضارة الكبيرة امام امتحان قاس وصعب بحيث وضع جميع شعوب العالم امام حالة من الرعب والخوف مما غير طريقه صورة الحياة لها.
واوضح فيروس كورونا وفي اول قدم وضعه غفلة البشرية التي كانت غارقة في الحياة المادية من انه لا ملجأ ولاغطاء لهم غير العودة الى الله الرحمن الرحيم.
فكل الشعوب وبمختلف معتقداتها فانهم التجأوا الى التضرع الى الباري تعالى ان يخلصهم من هذا الوباء ـ بحيث حتى الذين حذفوا الخالق المتعال من حياتهم ـ وليس الزاما ان ينكروا وجوده سبحانه التجأوا اليوم الى الباري تعالى يطلبون رحمته.
2 ـ عندما وصل فيروس كورونا الى ايران نجد ان رئيس الجامعة الاميركية للدفاع عن الديمقراطية "FDD" تحدث وبلغة متهورة وبعيدة عن الذوق الاخلاقي "ان فيروس كورونا قد فعل فعلته في ايران لم تفعله العقوبات الاميركية بحيث قطع حتى الصادرات النفطية الايرانية" وفي حديثه بالبلومبرغ قال "ان فيروس كورونا سيهدم الاقتصاد الايراني" وترامب وبغروره الغربي والاحمق اعلن "اذا ما طلبت منا ايران مساعدتها فنحن حاضرون لمساعدتها في هذا المجال."
3 ـ ولم تمر فرصة قصيرة حتى وصل فيروس كورونا الى اميركا بحيث تمكن ان يشمل وفي قفزة قصيرة كل الولايات الاميركية حتى فضح الادارة الايمركية وبصورة غير متوقعة التي واجهت نقصا حادا في ابسط الحاجات الضرورية لمواجهة الفيروس من امثال الكمامات والقفازات وقلة اسرة المستشفيات واقسام العناية المركزة فيها (ICU) ووصل الامر الى حتى عدم توفر المناديل الورقية بحيث اوجد شللا كبيرا في النظام الصحي الاميركي حيث فرض على واشنطن ان تمد يد العوز والاحتياج الى بعض البلدان الاخرى لمساعدتها في محنتها ومعها كذلك كل الدول الغربية والتي وصلت الى ظروف مأساوية كما تعاني بحيث اخذوا يسرقون الحاويات التي تحمل المساعدات الصحية من بعضهم البعض، بالاضافة الى ان شعوب الدول الغربية اخذت تهجم على الاسواق من اجل الحصول على عدد من المحارم الورقية واخذوا يشترون السلاح لتوفير الحماية لانفسهم والوقوف بصفوف طويلة للحصول على وجبة غذاء واحدة.
4 ـ وقد سخرت صحيفة الكارديان البريطانية بادعاءات وتهورات ترامب بالقول "ان ترامب قال انه ومن بعد هذا اليوم لابد من نظرة جديدة لادارة العالم ومن هذه اللحظة ان تكون اميركا اولا.
اما الان اميركا تعتبر بحالة جديدة وهي الاولى في عدد المصابين بفيروس كورونا في العالم...
وقد كتب الخميس الماضي ريتشارد هاس رئيس العلاقات الخارجية الاميركية في مجلة "فارين الفيرز" يقول "فيروس كرونا قد سرع بافول وزوال الاقتدار الاميركي، ليس فقط ان اميركا لم تستطع ان تساير العالم في مكافحة فيروس كورونا بل انها فشلت في مواجهته داخل البلاد.
وخلص هاس الى النتيجة النهائية من ان اميركا وصلت الى حالة الزوال وبسرعة متناهية وهو ما اتفق عليه كل المحللين ورجال الرأي في اميركا امثال امانوئيل ولشتاين ونعوم جامسكي وغيرهم من اصحاب النظريات المشابهة.
واعلن ترامب بالامس والذي ثبت عجزه امام اتساع انتشار فيروس كورونا والذي شمل 50 ولاية اميركية حالة الطوارئ ان بلاده امام "فاجعة كبيرة" والذي يعتبر هذا الامر انه امام ظروف صعبة جدا لم تشهدها اميركا من قبل بحيث اعلن ترامب وفي حالة من الاسف ان "فيروس كورونا قد اوصل الاقتصاد الاميركي الى حالة من الشلل الكبير".
5 ـ ونحن اليوم وامام هجوم هذا الفيروس الذي عبر عنه الامام الخامنئي بـ "المنحوس" والذي كلفنا الكثير من الخسائر فانه مؤلم وموجع لنا ونأمل من الباري تعالى الحنان المنان الرحمن الرحيم ان يلطف بنا لقطع دابر هذا البلاء المدمر من العالم. وان يرفع هذه الغمة المأساوية من مختلف دول وشعوب العالم.
المناظر المؤلمة التي اظهرتها الصورة والافلام عمن ابتلوا بهذا الفيروس المنحوس في بعض البلدان الغربية من فقدان الاسرة داخل ردهات المستشفيات بحيث وضعوا في الممرات واستخدام اكياس الزبالة بدلا من البدل الخاصة بحماية المسعفين في بعض مستشفيات اميركا وبريطانيا بحث ادمت واوجعت قلوبنا وقلوب الانسانية لانه وبقول الامام علي عليه السلام: " الناس صنفان: "إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق" ولكن هناك نقطة مهمة لابد ان نضعها نصب العين وهي لايمكن الاغماض عنها الا وهي ان الباري تعالى كأنه وضع المدنية الغربية الخاوية والمنحطة في حالة من التحدي ليثبت للعالم اجمع خواء هذه المدنية الزائفة وبنفس الوقت اظهر صورة عن مدنية صناعة الانسان في ظل الحياة الاسلامية امام انظار وقلوب العالم، وبالقاء نظرة على حالة الايثار والتعاون والاخلاق الانسانية المعنوية التي تملكت الناس والمسؤولين في هذه الفاجعة الكبرى قياسا مع طغاة الغرب يثبت وبوضوح افضل مثال الفرق الكبيرين لثقافة وحضارة انقاذ الحياة الانسانية التي يمثلها الاسلام مقابل الانحطاط الغربي.