باكورة الانسحاب الأميركي من غرب آسيا
ماجد الشويلي
ماكان لأميركا ان تفكر بالانسحاب من افغانستان على النحو المذل الذي وافقت عليه وتجالس طالبان التي تصنفها على انها في صدارة المنظمات الارهابية العالمية لولا القرار الحاسم والجازم الذي اتخذه إمام المقاومة السيد الخامنئي بضرورة خروج القوات الاجنبية من غرب اسيا .
فبعد سقوط الطائرة الأميركية وعلى متنها 100 عسكري أميركي فوق المناطق التي تسيطر عليها طالبان وقيل ان المسؤول عن ملف الاستخبارات في ايران والعراق وافغانستان وعن اغتيال الشهيدين الكبيرين الحاج قاسم سليماني وابي مهدي المهندس مايك اندريا كان احدهم .ادركت الولايات المتحدة أن ثمة تماهياً بين أيران وطالبان يتعلق بالنظرة للتواجد الأميركي في المنطقة مكنها من صياغة معادلة جديدة للردع على قاعدة
((عدو عدوي صديقي)) تحصل بموجبها طالبان على اسلحة متطورة قادرة على شل حركة الطيران في تضاريس افغانستان المعقدة وجبالها الوعرة .
ومن حقهم الأميركان أن يفهموا ذلك وإن لم يكن الامر على نحو اليقين ، فعدو ذكي مثل ايران بالنسبة لهم قادر على جني ثمار التناقضات ببراعة تامة وتحويل التحديات الى فرص سانحة.
كما ان الحكمة تقتضي في مثل هذه الحالة ووفقاً لحساب الاحتمالات وتحقيق الربح والخسارة أن ينظر الأميركان للتقارب بين طالبان وايران على انه واقع بالفعل لان كلفة التغاضي عنه وهو احتمالٌ جدا وارد باهضة الى حد ليس بوسع أميركا تحمله .
فالانسحاب بطريقة دبلماسية خير من الهزيمة المخزية .
لكن على ماذا يدلل انسحاب أميركا من افغانسات وماهي المؤشرات التي يمكن البناء عليها
اولا: أن ايران تمتلك رؤية ستراتيجية عميقة ومميزة لطبيعة الصراع المحتدم بينها وبين أميركا في المنطقة وتعتقد بامكانية الوقوف على ارضية مشتركة مع كل القوى التي تناصب العداء للولايات المتحدة بغض النظر عما بينها وبين تلك القوى من تباينات
ثانيا: إن ايران قادرة على تحويل كل التحديات الى فرص والتكيف مع كل الظروف والملابسات التي تحيط بها
ففي الوقت الذي ظنت فيه أميركا بانها احكمت الطوق على الجمهورية الاسلامية من جهة الشرق في افغانستان ومن الغرب في العراق وجدت ايران ضالتها في ذلك فدعمت المقاومة في افغانستان والعراق حتى ارغمت الأميركان على القبول بالانسحاب من العراق نهاية 2011 وعزمها مغادرة افغانستان بعد 14شهرا من الان
ثالثاً : ايران وجدت أن طالبان اليوم هي ليست طالبان الامس التي كانت مدعومة من الدول الخليجية ، ولاتمتلك عمقا سياسيا وفهما لممارسة العمل الدبلماسي بل وجدت انها تعيش حالة من التحول النسبي بادراك استحقاقات المرحلة الراهنة وضرورة التعايش معها
رابعاً : ايران تدرك ايضاً ان أميركا قد استنزفت بشكل كبير في افغانستان وهي تبحث عن مخرج لها من هذه الورطة حتى وان كان ذلك المخرج هو قناعتها بضرورة الجلوس وجه لوجه مع طالبان لبحث موضوع انسحابها من افغانستان واشتراكها في الحكومة الافغانية
خامساً: ايران عملت على تعزيز دور طالبان بوصفها الضد النوعي لداعش وقد جرى بينهما تعاون عسكري بهذا الصدد على مستوى التسليح والعمليات المشتركة لضرب داعش التي تحاول ألانتشار والتوسع في افغانستان
سادسا : لدى الجمهورية الاسلامية تصور وقناعة بان أميركا تفكر جدية بمغادرة المنطقة ولذا فهي تعتقد أن قبولها بالانسحاب من افغانستان بوابة للخروج من العراق والمنطقة بعد ذلك
سابعاً: أن تمكن طالبان من ارغام أميركا على توقيع اتفاقية الانسحاب من افغانستان هو ثمرة للتعاون مابين قطر وايران ورسيا كذلك
إذا فان المنطقة التي اطلق عليها غرب اسيا تعيش ارهاصات حقيقية لجلاء الأميركان منها سواء بمشيئتها ام رغما عنها.