هل سيتدخّل بوتين في الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة لصالح السيناتور “اليساري” ساندرز أم أنّها تُهمةٌ لتشويهه؟ ولماذا يُحرِج المُطبّعين العرب بتحدّيه اللوبي الإسرائيلي ويتّهمه ودولة الاحتلال بالعُنصريّة وينحاز للدولة الفِلسطينيّة؟ وما هي فُرص إطاحته بترامب؟
يُواجه السّيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز هجمات شرسة هذه الأيّام من قبل مُنافسيه في الحِزبين الديمقراطيّ والجمهوريّ الطّامحين في خوض والفوز بالانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، ومن دولة الاحتلال الإسرائيلي والمسؤولين الكِبار والصّغار فيها أيضًا، لأنّه يتقدّم السّباق حتّى الآن، ولا يتردّد مُطلقًا في اتّهام هذه الدّولة المارِقة بالعنصريّة، ويُطالب بحِفظ كرامة الفِلسطينيين بإعطائهم دولةً مُستقلّةً، ويتعهّد بإعادة السّفارة الأميركيّة إلى تل أبيب في حالِ فوزه، والأهم من ذلك أنّ آخِر استِطلاعات الرأي تُؤكِّد تقدّمه على الرئيس الحالي دونالد ترامب.
ساندرز الذي يتقدّم على جميع مُنافسيه الديمقراطيين حتى الآن، بِما فيهم مايكل بلومبيرغ، المِلياردير اليهودي، ورئيس بلديّة نيويورك السّابق الذي أنفق حواليّ نِصف مِليار دولار حتّى الآن في حملته الانتخابيّة، تعهّد بمُقاطعة مُؤتمر اللّوبي الإسرائيلي السّنوي الذي سيُعقَد الأسبوع المُقبل، لأنّه تحوّل إلى مِنصّةٍ للعُنصريين الذين يُعارضون الحُقوق الأساسيّة للشّعب الفِلسطيني.
مُعظم الأقليّات العرقيّة وأبناء الطّبقات الفقيرة المسحوقة، من الأميركيين من أُصولٍ إفريقيّة أو أميركيّة لاتينيّة يلتفّون حول السّيناتور ساندرز، وأفكاره اليساريّة الاشتراكيّة، التي تُطالب بالمساواة والعدالة وتوفير الخدمات الطبيّة والتعليميّة، والضّمان الصحّي والاجتماعي لهم، وهي الأقليّات التي همّشها الرئيس الحالي دونالد ترامب بانحِيازه إلى الأميركيين البيض، ومن مُنطلقاتٍ عنصريّةٍ بحتة، ويحظى بدعم الدّول الخليجيّة بقِيادة السّلطات السعوديّة.
حمَلات التّشكيك والتّشويه التي تهدف إلى إفشال السّيناتور ساندرز بدأت مُبكّرًا، وهي تُركِّز هذه الأيّام على أنّه مدعومٌ من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب برنامجه الانتخابيّ اليساري، ومن المُؤسِف أنّ باراك أوباما الرئيس السّابق يدعم مُنافسه الآخَر جو بادين، ويُطالب الديمقراطيين والنّاخبين من أُصولٍ إفريقيّة بدعمه، الأمر الذي قد يُحدِث انقِسامًا في أصوات هؤلاء لا يَصُب في مصلحة خُصوم السّيناتور ساندرز الديمقراطيين فقط وإنّما الرئيس ترامب أيضًا.
وربّما من السّابق لأوانه إعطاء آراء جازِمَة حول احتمالات فوز السّيناتور ساندرز من عدمها، فنحن على بعد حواليّ ثمانية أشهر من ذِهاب الأميركيين إلى صناديق الاقتراع، ولكن ما يُمكن قوله حتّى الآن، أنّ هذا الرّجل الذي لا يملك المِليارات مِثل الرئيس ترامب، أو مُنافسه الأبرز مايك بلومبيرغ، ويملك قُدرات خَطابيّة هائلة، يملك فرصةً معقولةً للفوز، وحتّى لو لم يَفُز فسيُسجِّل له أنّه تصدّى للوبي الصّهيوني، ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وفضَح ركائزهم العُنصريّة، وتبنّى حل الدولتين، وعارَض بقوّةٍ "صفقة القرن” التي يُؤيّدها الكثير من القادة العرب.
هذا السّيناتور، ساندرو، اكتسب قدرًا هائلًا من الشّجاعة، وعلّق الجرس، وتحدّى أكبر لوبي يتحكّم في الإدارات الأميركيّة ويَرسُم سِياساتها، ويُؤيِّد جرائم دولة الاحتلال ومجازرها، في وقتٍ لا يجرؤ إلا القلّة على تبنّي مِثل هذه المواقف، ليس في صُفوف القادة العرب المُطبّعين مع دولة الاحتلال، وإنّما في صُفوف السّلطة الفِلسطينيّة للأسف.
نُدرك جيّدًا أنّ هُناك آراءً عربيّةً وإسلاميّةً ترى أنّ فوز ترامب المُتهوّر العُنصري لولاية ثانية ربّما يخدم القضايا العربيّة والإسلاميّة لأنّه يُميط اللِّثام عن الوجه الحقيقيّ الاستعماريّ لامبراطوريّة الشّر الأميركيّة، وهذا الموقف ينطوي على وجهة نظر فيها الكثير من الصحّة، ولكنّ هذا لا يعني تجاهُل وجُهات نظر أُخرى مُقابلة تتبنّى السّياسات التي تتصدّى للعُنصريّة الأميركيّة، ومن الدّاخل الأميركيّ، وكسر هيمنة اللّوبي الصّهيوني على دائِرة صُنع القرار في الإدارات الأميركيّة.. واللُه أعلم.
"رأي اليوم”