عملية أورانوس Uranus السوريه في ادلب ستنهي حياة اردوغان السياسية..!
محمد صادق الحسيني
منذ تنفيذ الجيوش السوفيتية لعملية أورانوس ( Uranus Operation ) الاستراتيجية الكبرى، في تشرين ثاني ١١/١٩٤٢، على جبهات ستالينغراد التي كانت تواجه الغزو الألماني النازي، وهي العملية التي تمكنت القوات السوفيتية خلالها من فرض الحصار المطبِق على قوات الجيش السادس / مدرعات / الألماني، الذي بلغ قوامه آنذاك ٣٥٠ الف جندي، وتم سحقه وتدميره مع نهاية شهر شباط ٢/١٩٤٣، اي خلال ثلاثة اشهر من العمليات العسكرية .
نقول انه ومنذ تلك العملية العسكرية السوفيتية، ذات الاهمية والتداعيات الاستراتيجية على مسار الحرب العالمية الثانية، لم يحصل ان قام جيش في العالم بتنفيذ عملية شبيهة لتلك العملية السوفييتية، سوى الجيش العربي السوري . وذلك عبر الهجوم الاستراتيجي الواسع النطاق في ارياف ادلب الجنوبية الغربية وحماة الشمالية الشرقية واللاذقية الشمالية الشرقية / جسر الشغور / .
وتماماً كما فعلت الجيوش السوفييتية في شهر ١١/١٩٤٢ ،عندما شنت هجوماً شاملا متزامناً على محاور مدينة ستالينغراد الشمالية والجنوبية، وهي المدنية التي كانت من قبل الجيش الألماني السادس، بهدف محاصرة تلك الجيوش الالمانية التي تحتل المدينة وتدمير قوات الاحتياط العملياتي الذي يدعمها، قام الجيش السوري والقوات الحليفة بتنفيذ خطة شبيهة حيث قام، مع القوات الحليفة، وبغطاء جوي روسي سوري كثيف، بما يلي :
١)شن هجوماً مركزاً ومباغتاً تماماً، للعصابات المسلحة وداعميها الأتراك، وذلك بعد تمهيد ناري جوّي ومدفعي صاروخي عنيف، على محاور سهل الغاب / جبل الأربعين / جبل شحشبو وسيطر عليها بسرعة قياسية، من خلال عملية نوعية اشبه ما تكون بعملية قوات خاصة، مع فارق طول الجبهة، وهو يقارب ٤٥ كيلو متر، وحجم القوات الذي استخدم لتنفيذ العملية العسكرية السورية بنجاح .
٢)وقد نجح الجيش العربي السوري وحلفائة، عبر هذه المناورة الاستراتيجية الضخمة، بالسيطرة النارية على طول الطريق الدولي السريع، حلب اللاذقية والمسمى طريق M 4، وذلك تمهيداً للسيطرة الفعلية المباشرة عليه في مرحلة لاحقة من مراحل تنفيذ الخطة .
فبسيطرته على جبل الأربعين يكون الجيش السوري قد اسقط كلاً من اريحا وقاطع الطريق الدولي M 4، من نصيبين شرقاً ( شرق اريحا ) وحتى اوروم الجوز جنوب المدينة . …اي انه قد قطع خط امداد المسلحين القادم من سهل الغاب ومن جهة جسر الشغور . كما ان سيطرته على جبل شخشبو قد جعلته يسيطر نارياً على كل من المدينة وقسم من الطريق الدولي M 4 شرق وغرب المدينة . وبالتالي فان الجيش العربي السوري، وتحت غطاءٍ جوّي روسي سوري كثيف، قد تمكن من اقامة رؤوس جسور، امتدت من بلدة سراقب شرقاً وحتى بلدة كأمور تحتاني غرباً ( غرب جسر الشغور )، تماما كما فعل المارشال السوفييتي شوكوف، سنة ١٩٤٢ في معركة ستالينغراد، عند ما بدأ تنفيذ خطته بإقامة رؤوس جسور شمال وجنوب ستالينغراد، معتمداً على الجيوش السوفييتية : السابع والخمسين والثاني والستين والرابع والستين في محاور المدينة الجنوبية وعلى الجيوش : الثالث والسادس والأول في شمال المدينة، وذلك استعداداً لبدء الهجوم الشامل لتحرير المدينة مع بداية شهر كانون اول١٢/١٩٤٢ .
وما ان تمكنت الجيوش السوفييتية من فرض الحصار الكامل، على الجيش الألماني السادس، الذي كان يحتل مدينة ستالينغراد، حتى قررت القيادة العسكرية الالمانية العامة الزج بالجيش الألماني المدرع الرابع، الذي كان منتشراً على محور كاربوفكا ( karpovka )، في القاطع الجنوبي من غرب المدينة ( غرب نهر الفولجا ) ويقابله الجيش السوفييتي الرابع والستين .
تحرك الجيش المدرع الألماني الرابع، بناءً على اوامر القيادة العامة في برلين، في محاولة لفك الحصار عن الجيش السادس . تماماً كما تحركت الوحدات المدرعة التركية، يوم ٢٦/٢/٢٠٢٠، في محاولة منها لفك الحصار الذي ضربه الجيش السوري على بعض مجموعات المسلحين، الذين سبق وان استدرجهم الى كمين استراتيجي كبير في سراقب، قبل ذلك بأربع وعشرين ساعة، من ناحية ابعاده ونتائجه على سير المعارك، الكمين ) على طول مسرح العمليات، من سراقب حتى غرب جسر الشغور .
ولكن طلائع قوات الجيش السوفييتي الرابع والستين سرعان ما انقضت على وحدات الجيش الألماني الرابع المدرعة، فور محاولتها بدأ هجومها المضاد، الامر الذي لم يستغرق وقتاً طويلاً حتى تم سحق الجيش الألماني المدرع الرابع تماماً .
وهذا بالضبط ما حصل مع القوة المدرعة التركية، قوامها لواء مدرعات، معزز بكتيبة مدفعية ميدان ثقيلة وكتيبة مدفعية صاروخية، من طراز ( MLRS ) multiple Launch rocket System، في خطوطها الخلفية . تلك القوة التي كانت تتحرك في محيط بلدة بارَة، متجهة الى سراقب، عندما تصدى لها سلاح الجو السوري وشن عليها اربع غارات جوية ادت الى تدمير مجموعة من دباباتها وراجمات الصواريخ التركية وقتل وجرح من فيها، خاصة وان الجيش العربي السوري كان في أوج عملياته ضد مجموعات المسلحين التي تم استدراجهم الى محيط مدينة سراقب .
اما عن خلفيات وتداعيات الانتصارات، التي حققها الجيش العربي السوري خلال الاسبوع الأخير والانهيارات التي شهدتها جبهة أردوغان ومحازبية، من جبهة النصرة والحزب التركستاني وكل المتطرفين الارهابيين التركستانيين الذين حشدهم اردوغان املاً منه في خلق عثمانستان جديده، فلا بد من الاشارة الى ما يلي :
1. انطلاقاً من قناعة اردوغان العميقة بانتهاء الحرب التي شنت على سورية، والذي كان نظامه كما النظام الأردني، رأس حربة فيها، وبان المشروع الذي شارك في تنفيذه منذ اللحظة الاولى، الذي كان يهدف الى تفتيت الدولة السورية وتمزيق أراضيها، قد انهار وفشل وان استكمال تحرير الاراضي السورية، بما فيها تلك التي تحتلها القوات التركية، لا يتعدى كونه مسألة وقت ليس الا، وفي ظل التقدم السريع الذي يحرزه الجيش السوري، في مسرح العمليات في الشمال السوري، قام اردوغان باطلاق تهديداته للجيش العربي السوري، بعنجهية لا تستند الى اي مرتكزات حقيقية، مطالباً إياه ( الجيش العربي السوري ) بالتراجع عن الاراضي التي تم تحريرها من سيطرة اردوغان ومجموعاته الارهابية المسلحة .
وقد وصل به الامر الى ان يرفق تهديداته تلك بموعد زمني هو آخر شهر شباط الحالي، اعتقاداً منه ان بامكانه تنفيذ عملية عسكرية سريعة يستطيع من خلالها استعادة السيطره على المناطق التي حررها الجيش العربي السوري، سواءً في ارياف حلب او ارياف ادلب، علاوةً على اعتقاده ان ذلك سيؤدي الى إمكانية مواصلة سيطرته على بقية محافظة ادلب ومدينة ادلب نفسها .
2. كانت اوهام اردوغان هذه تهدف الى، تعديل صيغة سوتشي بالقوه وعن طريق تغيير موازين القوى العسكرية الميدانية، وذلك لتأمين عودة قوية، له وللارهابيين الذين يدعمهم، الى العملية السياسية التي نقف على أعتابها، بعد فشل المشروع الصهيواميركي، في اسقاط الدولة الوطنية السورية .
وهو ما دفعه الى ان يزج بفرقة مدرعةٍ ولوائي مدفعية ميدان ثقيلة ولواء قوات خاصة تركية، الى داخل الحدود السورية، سواءً في ارياف حلب الشمالية او ارياف ادلب المختلفة، بالاضافة الى فرقة دبابات معززة بفرقة مشاة محمولة ( مؤللة ) اي محمولة بناقلات جنود، على الحدود التركية السورية، في محافظة الاسكندرون السورية المحتلة منذ عام ١٩٣٩ .
٣)كانت خطة الجيش العربي السوري تسير بشكل جيد، في ما عدا بعض الفقاعات الصوتية الفارغة ،الواردة من الشمال، كما قال الرئيس السوري بشار الأسد، منذ اطلاقها قبل ما يزيد عن ثلاثة اشهر، وكانت القيادة العسكرية السورية، وبتنسيق كامل مع القيادة العسكرية الروسية وحلفاء الدولة السورية، تضع في حسبانها بان اردوغان، الخارج من الميدان السوري مهزوماً، سوف يعمد الى خطوات تهدف الى قلب المعادلة وخلط الأوراق من جديد، بما في ذلك لجوئة للقيام بمغامرة عسكرية في محافظة ادلب او محافظة حلب .
وبناءً على هذه القناعة اتخذت القيادة العسكرية الروسية السورية، او بالأحرى غرفة العمليات المشتركة، القرار المناسب، بالتصدي لاي محاولات عبثية لأردوغان وبالقوة المسلحة، منعاً له من ان يعبث بانتصارات الدولة السورية .
4. وتماماً كما فعل هتلر، في بدايات شهر نيسان ٤/١٩٤٥، عندما كانت جيوش الاتحاد السوفييتي تقف على أبواب برلين، بقيادة المارشال شوكوف ( الذي قاد معركة ستالينغراد أيضاً )، اصدر أمراً لبقايا قواته بشن هجوم مضاد، لمحاولة وقف الزحف السوفييتي على برلين، وفشلت الجيوش الالمانية في تحقيق ذلك .
وها هو اردوغان، وأدواته المهزومة في الميدان السوري، يحاولون وفي آخر لحظة، وبينما الجيش العربي السوري يقف على اعتاب ادلب، يحاولون وقف زحف هذا الجيش، ويتورطون في مغامرة عسكرية، بهجومهم على مدينة سراقب والذي سينتهي بإبادة تامةٍ لكل المجموعات الارهابية التي شاركت في هذا الهجوم . وهي العملية التي يقوم الجيش العربي السوري وحلفائه باستكمالها حالياً .
5. وبناءً على خطة الجيش العربي السوري العملياتية، التي أخذت بالحسبان احتمال ارتكاب مغامرة من قبل اردوغان، وفي اللحظة التي بدأ فيها اردوغان بتنفيذ مغامرته، يوم امس الخميس ٢٧/٢/٢٠٢٠، قام سلاح الجو السوري ومعه سلاح الجو الروسي والقيادة العسكرية والسياسية الروسية، وبعد تمهيد سياسي دبلوماسي منقطع النظير، من قبل الرئيس الروسي، نقول ان سلاح الجو السوري قام بقطع ايدي اردوغان وأرجله، برسالة جوية صاروخية نارية، جعلته يجثو على ركبتيه امام الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، راجيًا إياه وقف قصف القوات التركية ومؤكداً له ( لبوتين ) التزامه بالتطبيق الحرفي الدقيق لاتفاقيات سوتشي .
٦)وهذا يعني ان اردوغان سيخضع من الآن فصاعداً، وبعد فشل مغامرته العسكرية في ريف ادلب الجنوبي، لما يقرره الرئيسان الروسي والايراني ويقبله الرئيس السوري . وهنا يجب القول بان اردوغان لم يعد ضامناً لاتفاق سوتشي وانما اصبح شخصاً محجوراً ( خاضع للحجر ) عليه الى ان يقضي الله أمراً كان مفعولا .
تماماً كما حصل مع قائد النازية الالمانية، ادولف هتلر، بعد فشل هجومه المضاد الأخير الذي بدأه يوم ١٦/٤/١٩٤٥ وانتهى بانتحاره يوم ٣٠/٤/١٩٤٥ . والفارق الوحيد بين الاثنين ان اردوغان لا يمتلك الشجاعة للإقدام على وضع حد لحياته الاجرامية، وانما سيتولى هذه المهمة جنرالات من الجيش التركي، اكثر حرصاً على تركيا ومصالحها القومية العليا، من هذا اللص الدولي الذي لا يهمه سوى مصالحه الشخصية وهو وابنائه وانسابه . وما زيارته الاستفزازية الاخيرة الى أوكرانيا الا اوضح دليل على ذلك . اذ ان السبب الاساسي للزيارة هو تأمين تكنولوجيا اوكرانية لصناعة الطائرات بدون طيار وهي الصناعة التي يسيطر عليها زوج ابنة اردوغان، سمية اردوغان، المدعو سلجوق بيرقدار .
لذا فمن المرجح، خاصة بعد ما تعرض له الجيش التركي من خسائر بشرية، جنوب ادلب، ان يقوم رهط من الجنرالات الأتراك المعارضين لمغامرات اردوغان بتنظيم انقلاب عسكري يطيح بأردوغان لينتهي اما قتيلاً واما سجينا .
وهنا لا بد من الاشارة الى انه قد سبق السيف العذل . فلن تفيد اردوغان، في وجه معارضيه داخل المؤسسة العسكرية التركية بشكل خاص، توسلاته للرئيس الروسي بان الجيش التركي سيلتزم بالتواجد فقط وحصرا. بشكل قطعي في نقاط المراقبة الاثنين عشر المتفق عليها في سوتشي، وهو ما ابلغ به اردوغان الرئيس فلاديمير بوتين خلال مكالمته الهاتفية معه ظهر ٢٨/٢/٢٠٢٠ .
بعدنا طيبين قولوا الله