kayhan.ir

رمز الخبر: 101630
تأريخ النشر : 2019September27 - 19:40

ماذا يجري في هونغ كونغ.. احتجاجات المظلة او "ربيع بكين"...!؟


محمد صادق الحسيني

ان الحرب الاقتصادية التي يشنها الرئيس الاميركي ، ضد جمهورية الصين الشعبية ، حالياً ليست الا حلقة من حلقات الحرب المستمرة التي تشنها الولايات المتحدة ضد هذه الدولة العظمى ، التي ترفض الخضوع لإملاءات الامبريالية الاميركية ، ومنذ ايّام ثورة الشعب الصيني العظيم في أربعينيات القرن الماضي .

ولَم يكن فرار تشين كاي تشيك ، زعيم الانفصاليين الصينيين ( الكومانتانغ ) ، من البر الصيني الى جزيرة فرموزا ( تايوان ) بمساعدة جيوش الولايات المتحدة في اليابان والمحيط الهادئ سنة ١٩٤٩ ، الا احدى حلقات هذه الحرب والتي تبعتها حرب فيتنام ، على الحدود الصينية ، والتي كان من بين أهدافها محاصرة الصين بعد ان فشل الاحتلال الفرنسي لفيتنام في تأمين ذلك الحصار ، اثر هزيمة فرنسا المنكرة ، على يد الجنرال الفيتنامي جياب ، في معركة ديان بيان فو في سنة ١٩٥٤ ، وانسحاب فرنسا من فيتنام ، بعد تقسيمها وتنصيب نظام عميل للإمبريالية فيها ، قام في ما بعد بطلب تدخل الولايات المتحدة لحمايتة من ثوار الفيتكونغ ، المدعومين من حكومة الثورة في هانوي ، فيتنام الشمالية .

كما واصلت الولايات المتحدة مؤامراتها ودسائسها ، ضد جمهورية الصين الشعبية ، حتى بعد هزيمتها المذلة في حرب فيتنام وانسحاب قواتها من هناك سنة ١٩٧٥ ، بعد تحرير الجنوب وتوحيد البلاد .

واصلت واشنطن سياستها تلك من خلال الدسائس السياسية والامنية ، رغم الاعتراف الدبلوماسي المتبادل وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين الدولتين ، اعتباراً من ١/١/١٩٧٩ ، وذلك من خلال افساد العلاقة بين جمهورية الصين الشعبية والاتحاد السوفييتي وبين الصين وجيرانها ، مثل فيتنام والهند والفلبين وغيرها من الدول ، بهدف عزل الصين عن محيطها وتعزيز محاصرتها إقليمياً ودولياً وقد وصلت التدخلات الاميركية بشكل خاص ، والغربية بشكل عام ، في شؤون الصين الداخلية ، في ربيع سنة ١٩٨٩ ، عندما أطلقت الولايات المتحدة واجهزة الاستخبارات الغربية الاخرى العنان لعملائها في الصين لتنظيم تحركات شعبية واسعة ، مستغلة بعض الظروف المحلية، معادية للحكومة ومطالبة بتغيير النظام .

بدأت هذه الحركة الفوضوية في أواسط نيسان ١٩٨٩ وتواصلت لأسابيع ، دون قيام السلطات الصينيةالمسؤولة باتخاذ اجراءات قاسية ، ضد منظميها والمشاركين فيها ، على الرغم من امتلاك الاجهزة المختصة في الحكومة الصينية كافة الادلة والقرائن على تدخل الولايات المتحدة في إشعال هذه الفوضى .

لكن تجاوز المحتجين الكثير من الخطوط الحمر وبدء تشكُل مخاطر جمة ، على المصالح القومية الصينية ، اضطر الحكومة الصينية الى اتخاذ الاجراءات الامنية الضرورية لإعادة النظام والهدوء الى مجراهما الطبيعي . وهو ما حدث بالفعل ، خلال الايام الاخيرة من شهر أيار ١٩٨٩ والأيام الاولى من شهر حزيران ١٩٨٩ ، حيث انتهت اعمال الفوضى والتخريب واعادت قوات فرض النظام الهدوء والتطبيع لحياة المواطنين اليومية .

واصلت الصين تطورها الاقتصادي السريع ، الامر الذي ادى الى توسع نفوذها السياسي والعسكري ، في اسيا وفِي العالم اجمع ، مما جعل الولايات المتحدة ترفع من وتيرة سياساتها العدوانية تجاه الصين . واعتمدت في ذلك ، هذه المرة ، على سياسة تجفيف عروق الاقتصاد الصيني وذلك من خلال :

حرمان الصين من مصادر الطاقة ، الضرورية لتطوير اقتصادها وتعزيز دورها السياسي والعسكري ، وذلك عبر السيطرة المباشرة على البلدان التي تصدر الطاقة للصين ، اَي البلدان العربية من جهة وتخريب العلاقات الروسية الصينية من جهة اخرى لحرمان الصين من المصادر الروسية للطاقة أيضاً .

وكانت الأداة التي استخدمتها الادارة الاميركية هذه المرة هي ما اطلق عليه اسم "الربيع العربي " اَي حالة فوضى عارمة تولت تنفيذها مجاميع ارهابية ، مثل داعش والنصرة وغيرها ، الولايات المتحدة واذنابها في المنطقة .

ولكن فشل هذه المحاولة ، بعد هزيمة المشاريع الارهابية الاميركية في كل من سورية والعراق واليمن ولبنان وغيرها ، دفع الادارة الاميركية للعودة الى التدخل المباشر ، في شؤون جمهورية الصين الشعبية ، فقامت بنقل فلول قيادات وعناصر داعش والنصرة.

المهزومون في سورية والعراق ، وبطائرات الجيش الاميركي العسكرية ، من ميادين الهزيمة الى حدود الصين الشمالية الغربية ، في افغانستان وغيرها من دول آسيا الوسطى .

وإمعاناً منها في التدخل السافر ، والاعتداء المباشر على سيادة الدولة الصينية على كامل أراضيها ، سواءً في البر الصيني ام في البحار الصينية ، ومحاولة الحاق الضرر بالدولة الوطنية الصينية ومصالح الشعب الصيني القومية ، قامت الولايات المتحدة ، وكالعادة عبر عملائها المحليين باختلاق أزمة في جزيرة هونغ كونغ الصينية متسترة بموضوع يتعلق بالمناهج التعليمية في تلك الجزيرة .

وقد كانت الأداة هذه المره تلميذاً اسمه يشواع وونغ ( Yeshua Wong ) ، من مواليد ١٣/١٠/١٩٩٦ في جزيرة هونغ كونغ ، والذي دأبت المخابرات المركزية الاميركية على تحريكه وتأهيله وتكليفه بمهمات محددة منذ ان كان عمره ١٥ عاماً ، وذلك عبر منظمة انشأت خصيصاً لهذا الامر واطلق عليها اسم : احتجاجات المظلة ( Umbrella Protests ) ، في سنة ٢٠١٤ .

ومنذ ذلك الحين بدأت الدوائر الاستخبارية الاميركية والغربية بحملة تسويق لهذا الفتى على الصعيد الدولي ولأساليب متعددة .

حيث قامت صحيفة وول ستريت جورنال بنشر تحقيق موسع عنه ، بتاريخ ٢٥/٩/٢٠١٤ ، تحت عنوان : وسائل إعلام بكين تتهم القائد الطلابي ( وونغ ) بعلاقات مع الولايات المتحدة . اما صحيفة الغارديان البريطانية فقد نشرت على صفحتها الاولى ، بتاريخ ١/١٠/٢٠١٤ موضوعاً عنه ، تحت عنوان : المراهق واجهة الاحتجاجات الشعبية في هونغ كونغ .

في الوقت الذي كان مدير مؤسسة ناشيونال إندومينت للديموقراطية ( National Endowment for Democracy ) الاميركية قد امتدح هذا الفتى ، في وسائل الاعلام الاميركية ، سنة ٢٠١٢ معتبراً إياه وتنظيمة المسمى سكولاريزم ( Scholarism ) مثالاً للمواطن المفترض . علماً ان الجهات الحكومية الصينية المختصة قد وجدت مبلغ مليون واربعمائة وخمسين الف دولار هونغ كونغية (١٧٠،٠٠٠ يورو ) في حساب المنظمة عندما تم حلها سنة٢٠١٦ .

فمن أين حصلت المنظمة على هذه المبالغ ؟ اذا لم يكن من ممولين امريكيين وأوروبيين، يواصل هذا الفتى مقابلتهم وإجراء اتصالات مكثفة معهم ، وبرعاية رسمية من القنصل السياسي الاميركي ، في قنصلية واشنطن في هونغ كونغ ، السيدة جولي إِيادِه (Julie Eadeh ) ، التي التقطت لها الصور برفقتة . وكذلك السيناتور الاميركي ، ماركو روبيو ، الذي استقبلة عدة مرات في واشنطن ، الى جانب عدد من البرلمانيين ووزراء الخارجية الاوروبيين، مثل وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس . ثم عقد يوم ٢٣ /٩/٢٠١٩ لقاء مع برلمانيين ألمان ، من حزبي الخضر والديموقراطي الليبرالي وبعد ذلك غادر الى الولايات المتحدة للقاء السيناتور روبيو .

اذن نحن في مواجهة خطة تحرك سياسي امني ، اميركية أوروبية ، ضد جمهورية الصين الشعبية يجري العمل على تنفيذها انطلاقاً من جزيرة هونغ كونغ ، جنوب الصين ، بعد ان فشلت محاولاتهم في إشعال فتنة طائفية بين الإيغور المسلمين وبقية الطوائف غير المسلمة ، مثل الايغور ( ذوي الجذور التركية ) الذين يقطنون اقليم كسين جيانغ Xinjiang ، الذي تبلغ مساحته مليوناً وستمائة وستة وستين الف كيلو متر مربع ( تساوي مساحة مصر والسودان معاً ) .

علماً ان هذا الاقليم كان يشكل صلة الوصل ، بين الصين وغرب آسيا ، ابان العصر الذهبي لطريق الحرير قديماً . الامر الذي يعني ان المحاولات الاميركية الاوروبية الحاليّة ، للسيطرة على هذا الاقليم هي احدى حلقات الحرب التجارية ، وبالتالي السياسية العسكرية ، ضد الصين ومشروع" طريق واحد حزام واحد " الذي هو كناية عن طريق حرير عصرية .

وعليه فان ما يجري في هونغ كونغ ليس احتجاجات شعبية ، وانما مشروعاً عدوانياً استعمارياً أمريكياً أوروبياً ، يستهدف سيادة الصين ووحدة أراضيها ومستقبل شعبها ومصالحة القومية العليا .

هذه هي حقيقة الامبريالية الامريكية

هذا هو الشيطان الاكبر

احذروا لعبة تغيير العقيدة الوطنية ، اللعبة التي تتقنها الامبريالية الامريكية وتنفذها في كل بلداننا بصيغ تبدو جذابة لكنها محشوة بالسم..!

بعدنا طيبين قولوا الله